لا أملك عند انتهاء فعاليات مؤتمر كلية الإعلام بالجامعة الحديثة العلمي التاسع، إلا أن أتوقف احتراماً وإعجاباً..احتراماً لمؤسسة أكاديمية ترفع شعار المسؤولية قبل الشهرة، وإعجاباً برؤية تقودها عقول تؤمن أن الإعلام رسالة قبل أن يكون مهنة..وحرصي على حضور هذا المؤتمر ليس مجرد عادة، بل هو التزام نحو فضاء فكري أجدني فيه دوماً تلميذاً شغوفاً يتعلم من حاضر ومستقبل الإعلام.
وإذا كان هذا المؤتمر المتميز يأتي في إطار التوجيهات الرئاسية الداعمة لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وحرصه الدائم على تثقيف المجتمع وبناء وعيه، فإنه يمثل نموذجاً عملياً رفيعاً لترجمة هذه التوجيهات إلى برامج عمل مؤثرة.
هذا العام، حمل المؤتمر عنواناً هو بمثابة إجابة على أسئلة الأمة المصيرية: "الإعلام وصناعة الترفيه والمسؤولية المجتمعية".. عنوان لم يكن شعاراً جوفاء، بل كان إطاراً حياً ناقش عبر سبع جلسات علمية محكمة، وعدد من حلقات النقاش الملهمة، أكثر من خمسين بحثاً قدمها نخبة من علماء وباحثي مصر والعالم العربي..كانت الحوارات ثرية، تلامس الواقع بجرأة وتستشرف المستقبل بمسؤولية، بمشاركة شخصيات وازنة مثل الفنان الكبير محمد صبحي ومعالي السفير أحمد رشيد قطايي مدير الإعلام في جامعة الدول العربية، وقيادات صناعة الدراما والسينما أمثال الأستاذ هشام عبد الخالق والدكتور إبراهيم أبو ذكري.
وفي قلب هذا المشهد العلمي والعملي المشرف، يبرز اسم بقوة وإصرار: الدكتور سامي الشريف، عميد الكلية ورئيس المؤتمر.. فما يشهده الحضور من حرفية في التنظيم، وعمق في النقاش، واتساع في الشبكة المشاركة، هو في الحقيقة ثمرة جهد استثنائي يقوده د. الشريف برؤية واضحة وهمة لا تعرف الكلل..إنه ليس مجرد منظم لفعالية، بل هو مهندس لفكر إعلامي جديد، يجتهد ليكون للمؤتمر صدى حقيقياً في الصناعة والمجتمع.. جهوده الكبيرة تتجلى في قدرته الفذة على جمع صناع القرار مع الأكاديميين، ومزج التنظير العلمي بالتطبيق العملي، ووضع كلية الإعلام بالجامعة الحديثة على خارطة الفعل الإعلامي المؤثر في الوطن العربي.
لقد أكدت الدكتورة ألفت كامل رئيس الجامعة، في كلمتها، أن كلية الإعلام هي "أيقونة" الجامعة، وهو وصف دقيق لمكانة بنيت بجهد تراكمي.. والمؤتمر برعاية الدكتور محمد أيمن عاشور وزير التعليم العالي، هو ترجمة عملية لرؤية الدولة المصرية، التي دعا فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تجسيدها في تعظيم دور الإعلام والفن لبناء الشخصية المصرية وصون قيمها وهويتها.
من هذا المنبر الأكاديمي الرصين، أقول: إن نجاح المؤتمر التاسع ليس حدثاً عابراً، بل هو دليل على أن كلية الإعلام بالجامعة الحديثة، تحت قيادة الدكتور سامي الشريف وإشراف الدكتورة ألفت كامل، قد أصبحت حاضنة للفكر الإعلامي الواعي، وورشة عمل حقيقية لإعداد جيلٍ يحمل الرسالة بوعي، ويمتلك الأدوات باحترافية، ويقدر الهوية بمسؤولية.
لقد غادرت مقر المؤتمر وأنا أحمل قناعة راسخة: أن الحفاظ على الهوية وبناء الوعي، في زمن العواصف الإعلامية، لم يعد رفاهية..إنها معركة مصيرية نخوضها بسلاح العلم والرؤية والأخلاق..وشكراً لكل من يجعلون من صالات الجامعة ساحات لهذه المعركة الفكرية الخلاقة.