رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

الأربعاء .. إنطلاق يوم الكاتب المصرى

شريف العجوز: الجيل الجديد يكتب بجرأة لا تقل عمقاً عن الكلاسيكيين

شريف العجوز
شريف العجوز

 

ظل شريف العجوز مؤمناً بأن الأدب يجب أن يدار بعقلية واعية، لا بعشوائية الهواة، ولا بهدوء النخب المنعزلة. وليس غريباً أن تكرمه دولة الإمارات العربية بمنحه الإقامة الذهبية لفئة المبدعين. وقد أصدر العجوز قراراً رمزياً بتخصيص يوم 19 نوفمبر من كل عام يوماً رسمياً للاحتفاء بالكاتب المصرى بصفته رئيس الجمعية المصرية لكتاب القصة والرواية. يأتى هذا الاختيار متسقاً مع تاريخ اكتشاف تمثال الكاتب الجالس فى منطقة سقارة عام 1850.
فى هذا الحوار، نترك المناصب جانباً، ونتحدث إلى المثقف الذى يرى أن الكلمة لا تصنع الوعى فقط، بل تصنع المصير. نتحدث إلى الكاتب الذى خاض تجربة الكتابة والتنظيم الثقافى عن قرب، ويسعى لطرح رؤية حقيقية لمستقبل الثقافة المصرية... 
< كيف ترى حال الثقافة المصرية اليوم؟ هل نحن فى مرحلة ازدهار أم تراجع؟
- الثقافة المصرية لم تتراجع بقدر ما تغير شكل حضورها. فنحن نعيش مرحلة انتقالية بين الثقافة الورقية الكلاسيكية والثقافة الرقمية التفاعلية وهذه المرحلة بطبيعتها مربكة لكنها ليست بالضرورة سلبية.
هناك طاقات شابة مذهلة تكتب وتبدع لكننا نفتقد المشروع الثقافى الجامع الذى يوحد الجهود ويعيد البوصلة إلى الوعى العام.
< هل لا تزال مصر «قوة ناعمة» كما كانت فى الماضى؟
- مصر لا تفقد قوتها الناعمة، لأنها متجذرة فى وجدان الأمة العربية، لكنها تحتاج إلى استعادة دورها القيادى فى توجيه المشهد الثقافى.
القوة الناعمة ليست فى الماضى فحسب، بل فى قدرتنا اليوم على توظيف تراثنا الإبداعى فى صناعة الوعى الحديث ومخاطبة العالم بلغة العصر، ولعل القيادة المصرية الحكيمة فطنت إلى ذلك واتخذت خطوات جادة نحو إعادة الريادة الثقافية بمفهومها الواسع.
< ما سبب ابتعاد الجمهور عن الكتب واتجاهه نحو المحتوى السريع و«السوشيال ميديا»؟
- المشكلة ليست فى الجمهور بل فى الوسيط، القارئ لم يتغير، بل تغيرت أدوات التلقى، نحن فى عصر سريع، والمطلوب هو تجديد طرق عرض المعرفة لتكون جذابة ومبسطة دون تفريط فى القيمة، الكتاب الورقى لا يموت، لكنه يحتاج إلى دعم مؤسسى وإعلامى يوازى ما يمنح لمحتوى الترفيه.
< هل الأدب المصرى المعاصر يعبر بصدق عن هموم المواطن؟
- بلا شك، الأدب المصرى ظل مرآة صادقة للإنسان المصرى، وإن اختلفت زوايا التعبير، لكن الجيل الجديد يكتب بجرأة، يعكس من خلالها قلقه وأسئلته وهواجسه، وقد لا يستخدم اللغة الرمزية القديمة، لكنه يعبر عن ذاته بصدق فطرى لا يقل عمقاً عن الكلاسيكيين.
< هل أصبح الأدب المصرى أكثر تحفظاً أم أكثر جرأة؟ ولماذا؟
- الأدب المصرى اليوم أكثر جرأة فى الطرح، وأكثر حرصاً فى التعبير لأن الكاتب أصبح واعياً بحدود المجتمع وبتغير الذائقة العامة، لكنه لا يتنازل عن حريته، الجرأة الحقيقية ليست فى كسر التابوهات، بل فى قول الحقيقة بلغة جمالية راقية، فى الثورة على أفكار غير صحيحة وبناء رؤى تناسب التغيير الشامل الذى تشهده مصر ودورها الريادى، والتحولات على الصعيدين المحلى والدولى.


< كيف تقيم مساهمة الكتاب الشباب فى تشكيل وجه الأدب المصرى الجديد؟
- الكتاب الشباب هم نبض الأدب المصرى الآن، ومصر لديها طاقات من الكتاب الشباب كبيرة جداً، يكتبون بلغات جديدة، ويجربون دون خوف، ربما يفتقد بعضهم النضج الفنى، لكنهم يملكون ما هو أهم: الشغف واجبنا كمؤسسات أن نرشدهم دون وصاية، وأن نمنحهم فرص الظهور والاحتكاك بالتجارب الرصينة، علينا أن نتخلى عن القواعد الجامدة فى الانتقاء الأدبى والمفاضلة بين الكتاب واحتواء الأفكار الجديدة التى تقدم مدارس فكرية جدية تخرج لنا بقواعد ذات مفاهيم متناسبة مع العقل الجمعى، ولا نتباهى بقلة عدد الأعضاء فى المؤسسات الفكرية العريقة ولا الانتقاء الحاد المفتقد للمعايير المتناسبة مع طبيعة العصر التى تخلق طرقاً موازية تفقد هيبة وقيمة تلك المؤسسات، وتحيد بها عن المشهد الثقافى ودورها الحقيقى فى الريادة والتوجيه.
< هل دور النشر تستغل المواهب الشابة أم تدعمها فعلاً؟
- للأسف، معظم دور النشر التجارية اليوم تنظر للكتاب كسلعة، وهناك من يستغل شغف المبدعين ويدفعهم لطباعة كتبهم على نفقتهم، نحتاج إلى سياسات نشر عادلة، ومؤسسات ترعى الموهبة لا تستثمر فيها، الكتاب ليس مشروعاً تجارياً فقط، بل مشروع وعى.
< ما رأيك فى ظاهرة «النجومية الأدبية»؟ هل تستند إلى الجودة أم «التريند»؟
- النجومية الأدبية سلاح ذو حدين، فى بعض الحالات تستند إلى الموهبة الحقيقية، وفى كثير منها إلى التريند والإعلام، لكن الأدب لا يعيش بالضجيج، الزمن وحده يفرز ما يبقى وما ينسى، النجومية لا تصنع كاتباً، بل النص هو الذى يمنح الخلود، قد يستفيد النجم الأدبى مادياً من الظهور اللحظى له لكنه مع الوقت ينتهى والأمثلة كثيرة.
< هل ترى أن وزارة الثقافة تقوم بدورها كما يجب؟ 
- وزارة الثقافة تبذل جهداً لا يمكن إنكاره، لكن الحقيقة أن الأداء لا يزال تقليدياً فى كثير من الجوانب. والمشهد الثقافى اليوم يحتاج إلى فكر إدارى جديد، وإلى رؤية تتجاوز النمط الاحتفالى إلى العمل المؤسسى طويل المدى، بحيث تصبح الثقافة جزءاً من بناء الوعى الجمعى لا مجرد نشاط موسمى أو مهرجان سنوى، ومشكلة وزارة الثقافة فى مطبقى القرارات فكثير من الوزراء كانت لديهم رؤى وأحلام وخطط حقيقية للتنمية لكن تتحطم دائماً على صخرة مطبقى القرارات، فهم حلقة الوصل بين المبدع أو المتلقى وبين أصحاب القرار، ودائماً ما تفسد القرارات والرؤى والخطط بسبب فقدان مطبقى القرارات لكفاءة التطبيق المثالى وأبعاد القرار والمأمول منه ونحن نعانى باعتبارنا جزءاً من المشهد كجمعية معهم بشكل أو بآخر كلما حاولنا التعاون مع قنوات وزارة الثقافة المتاحة.
< وما سبب غياب مشروع وطنى ثقافى واضح فى مصر الآن؟
- السبب أن الثقافة لم تدرج ضمن أولويات الدولة بنفس القوة التى تدرج بها الملفات الاقتصادية والسياسية، فغياب المشروع الثقافى يعنى غياب البوصلة الفكرية التى توحد المجتمع حول قيم مشتركة.
نحن بحاجة إلى مشروع وطنى يعيد تعريف الهوية المصرية فى ظل التحولات السريعة التى يشهدها العالم، وأظن أن القيادة الحكيمة لمصر تتبنى دوراً كبيراً فى إعادة التعريف بالهوية المصرية سواء ببناء مدينة للثقافة والفنون بالعاصمة الجديدة، أو افتتاح المتحف المصرى الكبير، لذلك لا نستبعد أن نشهد الأيام القادمة تكتلاً وراء مشروع حقيقى تتبناه الدولة وتتشارك فيه جميع الوزرات، فوزارة الثقافة ليست معنية وحدها بإعادة بناء المفاهيم أو وضع الخطط الثقافية ولكن لا بد توجه وطنى واحد نحو تحقيق الطفرة الفكرية التى تحتاجها مصر الآن بشكل ملح مع الانفتاح الثقافى والسياسى المتسارع.
< ما الأسباب الحقيقية لانخفاض معدلات القراءة فى مصر؟
- الأسباب متعددة منها التغير فى أنماط الحياة، وسرعة المحتوى الرقمى، وضعف منظومة التعليم فى ترسيخ عادة القراءة منذ الطفولة، كما أن هناك فجوة بين اللغة التى يكتب بها الأدباء واللغة التى يفهمها الجيل الجديد، إعادة التواصل مع القارئ تبدأ من فهم واقعه أولا.
< هل يمكن اعتبار ارتفاع أسعار الكتب هو العائق الأساسى؟ 
- لا؛ الأسعار عامل ثانوى. المشكلة الأعمق هى الفجوة بين الكاتب والقارئ.
كثير من الكتاب يكتبون لأنفسهم أو لنخبة محدودة، بينما القارئ العادى يبحث عن عمل يمسه، يشعر بأنه يخاطبه. نحن بحاجة إلى أدب يعيد بناء الجسر بين النص والناس.
<ما يوم الكاتب المصرى ولماذا فكرت الجمعية المصرية لكتاب القصة والرواية فى إطلاق هذا اليوم؟
- لن يشعر الكاتب بالانتماء إلا إذا شعر بالانتماء لنفسه ولتراثه الحضارى أولا، فتشنا فيما يخص بالاحتفاء بالقلم والكاتب المصرى ولم نجد، لذلك كان حرياً بنا اختيار يوم لتكريم الكاتب المصرى فى رموز مصر الكبار الذين قدموا لوطنهم نموذجاً مشرفاً ومنتجاً أدبياً تتعلم منه الأجيال.
وليس غريباً أن نختار يوم 19 نوفمبر يوماً للكاتب المصرى فى ذكرى اكتشاف تمثال الكاتب المصرى بما يرمز للحضارة المصرية القديمة التى قدمت الأدب والفن فيما قبل التاريخ المعروف، وشكلنا لجنة من كبار الكتاب لاختيار المكرمين من الكتاب فى جميع فروع الأدب ليس فقط القصة والرواية وستحتفل الجمعية خلال هذا الشهر بإطلاق يوم الكاتب المصرى وتكريم عدد من الأسماء التى آثرت وأثرت الحياة الأدبية فى مصر.