رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

ﻛﻨﻮز وﻃﻦ

يعد المجمع العلمى المصرى أحد أهم المؤسسات العلمية والثقافية فى مصر والعالم العربى، وهو صرح يحمل بين طياته تاريخًا عريقًا من العلم والمعرفة والبحث المستمر.
تعود جذور المجمع إلى الحملة الفرنسية على مصر، حيث كان تأسيسه جزءاً من مهام الحملة، وكان الهدف الأساسى منه نشر المعرفة ودراسة الأحداث التاريخية لمصر، والتعرف على أهم مرافقها ومواردها الطبيعية.
وقد عقد المجمع أول جلسة له فى قصر حسن الكاشف الذى يشغله اليوم مدرسة السنية الثانوية بحى السيدة زينب بالقاهرة، ليبدأ رحلة طويلة من البحث العلمى والدراسة الدقيقة لمصر.
انشغل أعضاء المجمع الذين كانوا يمثلون صفوة علماء فرنسا فى ذلك الوقت بدراسة نظم مصر المالية والإدارية، والعناصر الجغرافية والمائية، وكل ما وقع تحت أبصارهم من فنون وآثار، وأدرجوا نتائج هذه الدراسات فى الكتاب الشهير «وصف مصر»، الذى ظل وما زال أحد أهم مصادر المعرفة حول تاريخ مصر وجغرافيتها وثقافتها.
ومع رحيل الفرنسيين عن مصر عام 1801، توقف نشاط المجمع مؤقتًا، لكنه بعث فيه الحياة من جديد عام 1836 تحت مسمى «الجمعية المصرية»، وشمل حينها أعضاء من فرنسا وألمانيا وإنجلترا، مما أتاح تواصلاً علمياً دوليًا ثريًا.
وفى عام 1859 انتقل المجمع إلى الإسكندرية، وتغير اسمه ليصبح «المجمع المصرى» تحت رعاية والٍ مصر آنذاك، محمد سعيد باشا، وبمشاركة مجموعة من العلماء البارزين مثل جومار ومرييت وكوينج.
عاد المجمع العلمى المصرى إلى القاهرة عام 1880، ثم أعيد إطلاق اسمه الأول بمرسوم ملكى عام 1918 ووضع تحت الرعاية المباشرة للقصر الملكى، ليصبح مؤسسة وطنية مرموقة تدعم البحث العلمى وتعمل على نشر المعرفة.
على مر العقود، لمع فى المجمع أسماء علمية بارزة، من بينهم طه حسين، عميد الأدب العربى، وسليمان حزين، الباحث المرموق الذى وافته المنية عام 1999، ليظل المجمع صرحاً علمياً وثقافياً يتجاوز دوره الأكاديمى ليكون منارة للفكر والبحث والمعرفة، حاضناً للتراث العربى والإسلامى، ورافداً أساسياً للعلم فى مصر والعالم العربى.
لقد لعب المجمع منذ تأسيسه دورًا محوريًا فى نشر العلم والمعرفة، فهو يسهم فى دعم الباحثين من خلال توفير الدراسات والمراجع والأبحاث العلمية الدقيقة، والعمل على إصدارها ونشرها لتكون متاحة للدارسين والأكاديميين على حد سواء.
كما اهتم المجمع بجمع المخطوطات والكتب القديمة وتصنيفها وعمل نسخ حديثة منها، لتسهيل الاطلاع عليها وحفظها للأجيال القادمة، مما جعله من أبرز المؤسسات التى تحافظ على التراث العربى والإسلامى وتعيد للباحثين كنوز المعرفة المفقودة أو المهملة عبر العصور.
يضاف إلى ذلك دوره فى نشر الثقافة العلمية داخل المجتمع، حيث يسعى المجمع إلى رفع الوعى العلمى بين مختلف فئات الشعب، من خلال إصدار المجلات والدوريات المحكمة، وتنظيم الندوات والمؤتمرات العلمية التى تجمع الباحثين والمتخصصين لمناقشة أحدث الاكتشافات والابتكارات العلمية، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات العلمية للحكومة والمؤسسات الرسمية فى مجالات العلوم والتكنولوجيا والثقافة.
إن هذا التوجه يجعل المجمع جسراً بين المعرفة النظرية والتطبيقية، وبين العلماء وصانعى القرار، بما يحقق تطور المجتمع المصرى ورفع مكانته العلمية والثقافية.
ويُمثل المجمع العلمى المصرى اليوم رمزًا للمعرفة والبحث العلمى فى مصر، ومنارة تهتدى بها العقول الباحثة فى الوطن العربى، فهو ليس مجرد مؤسسة أكاديمية بل هو حاضنة للعلم والثقافة ومركز لتطوير الفكر النقدى والبحثى، يسهم فى بناء جيل مثقف قادر على مواجهة تحديات العصر بالعلم والمعرفة، ويستمر فى أداء رسالة حضارية تمتد جذورها إلى أعماق التراث العربى والإسلامى، بينما تتطلع نحو المستقبل بما يواكب التقدم العلمى العالمى. وبفضل هذا الدور المتعدد الأبعاد، يظل المجمع العلمى المصرى صرحًا علميًا وثقافيًا يبعث الأمل فى مستقبل المعرفة والبحث العلمى فى مصر والعالم العربى، ويحافظ على مكانة العلم كركيزة أساسية للتنمية والارتقاء بالمجتمع.