رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

اتجاه

المكوكية الدبلوماسية التى تقوم بها «القاهرة»، لاحتواء الحرب الجارية، ما بين الجيش السودانى وميليشيات الدعم السريع، هى أحد سيناريوهات «الضرورة»، التى يقع على مصر- دائما- أن تكون فى صدارة المسئولية، طالما كانت الدولة الكبيرة، التى لم تتراجع أمام الأحداث الجسام، فى محيطها القريب، أو فى الفضاء الإقليمى، وفى حالة السودان، يكون الأمر أكثر من تحركات «وقتية»، بقدر ما هى «الضرورة» الحتمية، فى إطار المسئولية التاريخية، لضمان أمن واستقرار دول الجوار، التى من بينها السودان كـ«أولوية»، مادام الخطر يقترب من دوائر أمن بلدنا- مصر- القومى، الذى يجب ألا يتوقف عند حدود السودان، من الجنوب، ولكن عند آخر حدود القارة .. جنوب أفريقيا. 

< ومع تصاعد أعمال القتال، وارتكاب ميليشيات الدعم السريع فظائع إبادة ضد المدنيين، فى مدينة «الفاشر»، يبقى خطر الانفصال ماثلا، فى أطماع قائد الميليشيا، محمد حمدان دقلو، الذى يقال له «حميدتى»، لأن يستقل بغرب السودان- إقليم دارفور- التى تخصم حوالى 25% من مساحة الدولة السودانية، بموارده الغنية من الذهب والمعادن، وقربها من ممرات التجارة عبر تشاد وأفريقيا الوسطى ثم ليبيا، وهو السيناريو الذى يشابه ما حدث من قبل، وقت الحرب الأهلية 1883-2005، الذى انتهى باتفاق «نيفاشا»، وفيه تقاسم للسلطة والثروة بين الشمال والجنوب، ومنح الجنوب حكما ذاتيا، مدة 6 سنوات، انتهت إلى انفصال جنوب السودان- دولة مستقلة- فى العام 2011.

< ما جرى من قبل، ويجرى إلى الآن فى السودان، كتبت- هنا- من قبل، أنه الثمن السياسى لأخطاء كلا من، الرئيس السابق، عمر البشير، ورئيس مجلس السيادة الحالى، عبدالفتاح البرهان، عندما تحالف الأول مع قبائل الجنجويد، وكان يقودها «حميدتى»، زمن الحرب الأهلية فى دارفور، والتى انتهت بتقسيم السودان، شمال وجنوب، وكانت البداية لمسار مواز للجيش، بمسمى قوات الدعم السريع.

أما الثانى «البرهان»، فقد فتح بابا واسعا، أمام مطامع هذا الـ«دقلو»، فى أن يقاتل على السلطة، منذ أن شاركا معا فى حرب دارفور، فى العام 2003، وانتهاء بالتعاون فى إسقاط نظام «البشير»، فى 11 إبريل 2019، ولم يحسب أى من الاثنين، خطورة هذا التحالف على استقرار الدولة.

< المعلومات التى تداولت وقتها، عن محمد حمدان دقلو، أنه كان تاجر إبل، تعاون ورجال من قبيلته «الجنجويد»، فى حراسة منشآت ومناجم الذهب والماس، وحتى تأمين حركة التجارة، على حدود الدول الأفريقية الجارة للسودان، يعنى أنه لم يكن أكثر من كبير جماعة «أرزقية»، إن لم تكن عصابة أو قوة «مرتزقة»، لذلك مبعث الدهشة والاستغراب، أن يقفز الرجل بقوة الصاروخ، ويصبح نائبا لرئيس مجلس السيادة الحاكم، ولم يلبث أن تمرد عليه، فى ديسمبر 2022، وهو- كما يقول سودانيون- لا يحمل أية مؤهلات علمية أو عسكرية، حتى أنه قد يكون دون علم بالقراءة والكتابة، وبالتالى يبقى التساؤل مفتوحا عن من يسانده، وعن من يمده بالمال والسلاح؟!.

< فى مصر يعنينا أن نفهم، تفاصيل وأبعاد حرب «حميدتى» ضد الجيش السودانى، فى ضوء انقلابه على حليفه «البرهان»، فى صراع صريح على السلطة، ربما تديره أطراف إقليمية، تستغل فيه قائد ميليشيات الدعم السريع، فى تغيير معادلات سياسية، فيما يبدو لمصر، تهديدا لأمنها القومى، قد يفتح حدود الجنوب، أمام عصابات تهريب أسلحة وتسلل إرهابيين، وبالتالى تظل تحت ضغوط اليقظة والاستعداد، لمواجهة أى محاولات عبث وتهديد للأمن الاستراتيجى والمائى، وهنا يبرز الفعل الأهم، فى سيناريوهات «الضرورة»، أن تكون مصر هناك- فى السودان- تحفظ مصالحها وأمن حدودها، ولو بالقوة، حتى وهى تسعى لإنهاء الحرب سلما ودبلوماسيا، تراقب من يقدم المال والسلاح، لميليشيا «حميدتى»، وتعمل على ردعه سرا وعلنا، لأنه لا تهاون فى أمننا القومى.. وكلها مسافة السكة.

 

[email protected]