رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

نجوم الزمن الجميل (5)

لبنى عبدالعزيز: فخورة لارتباط اسمى بالحضارة المصرية

بوابة الوفد الإلكترونية

والمتحف الكبير يؤكد ريادة مصر التاريخية أمام العالم

نحتاج نهضة فنية.. وأرى النيل يبكى بعدما تم تشويهه

 

 فى زمنٍ باتت فيه الأضواء سريعة الانتهاء، والأعمال الفنية تنسى بطريقة أسرع، يبقى لفنانى الزمن الجميل سحر خاص لا يخفت بريقه مهما مرّت السنوات، هم علامات مضيئة فى تاريخ الفن المصرى والعربى، حفروا أسماءهم فى وجدان الجماهير بموهبتهم الفطرية، وأعمالهم الخالدة التى ما زالت تعيش بيننا جيلاً بعد جيل، لم يكونوا مجرّد ممثلين، بل كانوا رسلًا للفن الأصيل، وأيقونات للثقافة التى شكّلت الوعى الجمعى للمجتمع.

من هنا، جاءت فكرة سلسلة الحوارات الصحفية مع عدد من نجوم زمن الفن الجميل، سنستعيد معهم البدايات الأولى، وذكريات الكواليس، ولحظات النجاح والانكسار، وأيضا رؤيتهم للفن اليوم، وكيف ينظرون إلى الأجيال الجديدة التى ورثت المشهد.

إنها ليست مجرد مقابلات صحفية عابرة، بل محاولة لتوثيق تاريخ حىّ، وسرد لسيرة مبدعين لا تزال أعمالهم تعلّمنا معنى الالتزام والصدق والإخلاص للفن، والتعرّف على أسرار النجومية الحقيقية، واستلهام الدروس من جيلٍ صنع تاريخًا من ذهب، لا يصدأ مهما تغيّرت الأزمنة.

لبنى عبدالعزيز فنانة من زمن الفن الجميل، حملت فى ملامحها أصالة مصر، وفى صوتها وعيًا ثقافيًا راسخًا، قدّمت أعمالًا أصبحت من علامات السينما المصرية مثل «عروس النيل وأنا حرة والناصر صلاح الدين».

حديثها معنا كان مرآة لروح مصر الحقيقية، تلك التى ترى فى الأقصر أمًّا للتاريخ، وفى النيل قلبًا نابضًا، وفى الفن رسالة وعى وحياة، كلماتها ليست مجرد ذكريات، بل نداء من قلب فنانة حملت هوية بلدها فى وجدانها، وظلت مؤمنة بأن مصر ستبقى دائمًا أصل الحضارة وملهمة الشعوب.

فى هذا الحوار، تتحدث الفنانة الكبيرة لبنى عبدالعزيز عن الحضارة المصرية، وعلاقتها بالنيل، ورؤيتها للفن والهوية، والمتحف المصرى الكبير الذى تعتبره «ولادة جديدة لمصر أمام العالم».

< هل تشعرين أن الفن فى الخمسينيات والستينيات كان أكثر وعيًا بالهوية المصرية؟

<< بكل تأكيد كان هناك وعى كبير بالهوية الثقافية والتاريخية والوطنية، فى الخمسينيات والستينيات كانت مصر فى العصر الذهبى، ليس فقط فى الفن، بل فى الاقتصاد والأدب والموسيقى والسياسة.

كان لدينا كوكبة من المفكرين والفنانين العظماء، وكانت مصر وقتها تقود المنطقة ثقافيًا، الآن بدأ هذا اللمعان يقلّ قليلًا، وأتمنى أن يعود من جديد، لكون مصر تستحق أن تكون دائمًا فى الصدارة.

< هل تؤمنين أن الفن وسيلة وعى وليس مجرد ترفيه؟

<< بالتأكيد الفن ليس للترفيه فقط، بل هو وسيلة لخلق الوعى، الفنان الحقيقى يقدم رسالة للوطن وللتاريخ وللأجيال، الفن يصنع وجدان الشعوب، وهذا ما نحتاجه اليوم أكثر من أى وقت مضى.

< كيف يمكن للفن أن يعيد المصريين إلى علاقتهم بتاريخهم؟

<< نحن بحاجة إلى نهضة فنية جديدة تُبهر العالم بحضارتنا، كما فعل أجدادنا، نحتاج إلى أفلام ومشروعات فنية تحكى تاريخ مصر العظيم، هناك دول لم يكن لها تاريخ أو حضارة وأصبحت قوية، بينما نحن لدينا حضارة تمتد لآلاف السنين، وما ينقصنا هو الإصرار والعمل، يجب على الشباب أن يستلهموا من هذه الحضارة ليبنوا عليها.

< برأيكِ، لماذا لم تقدّم السينما المصرية أفلامًا كثيرة بنفس القوة؟

<< لأننا أصبحنا ننظر إلى الغرب أكثر مما ننظر إلى أنفسنا، لدينا تاريخ وفكر وفن، لكننا لا نستغله كما يجب، هناك دول تحاول تقليد حضارتنا وتغار منا، ونحن أصحاب الأصل، يجب أن نكون فخورين بأنفسنا وحضارتنا نحن الأفضل، وهذا يجب أن نؤمن به.

< ارتبط أسمكِ بالحضارة المصرية القديمة، كيف تنظرين إلى هذا الارتباط؟ 

<< شىء جميل جدا، أن يرتبط اسمى بالتاريخ خاصة بعد فيلم عروس النيل، لأننى دائما أشعر بالغيرة على وطنى، وكنت عندما أشاهد أفلامًا أجنبية عن الفراعنة، بينما السينما المصرية لم تقدّم ما يكفى عن حضارتنا العظيمة، العالم يصنع أفلامًا ضخمة عن تاريخنا، ونحن أصحاب القصة وما زلنا مقصّرين.

< عندما قدّمتِ فيلم «عروس النيل»، هل كنتِ تتوقعين أنه سيعيش كل هذه السنوات؟

<< بالفعل كنت أتوقع لأنه يحكى عن مصر القديمة ومصر الحديثة، وعن العلاقة بين الإنسان والتاريخ، وهذا ما جعله يعيش حتى اليوم، هناك أفلام كثيرة ظهرت واختفت، لكن عروس النيل ما زال فى ذاكرة الناس لأنه يتحدث عن مصر نفسها.

< كيف ترين افتتاح المتحف المصرى الكبير؟

<< المتحف عظيم جدًا، صحيح أن البعض قال إن تكلفته كبيرة، لكن الحقيقة أنه كان لابد من هذه الخطوة، والمتحف خطوة مهمة جدًا للسياحة، لأنه سيعيد تنشيطها بعد فترة ركود.

< فى وجهة نظرك ما أهمية المتحف من الناحية الحضارية؟

<< المتحف الكبير ليس مجرد مبنى، بل رسالة للعالم كله، سيُظهر تاريخ مصر الحقيقى، هناك من يقول إن أصل المدنية الغربية هم الإغريق، وأنا أقول لا، الإغريق تعلّموا من مصر، ومصر هى الأساس، ومع افتتاح المتحف الكبير ستنتهى أسطورة أن الغرب هو من بدأ الحضارة، لأن كل شىء بدأ من هنا.

< هل كنتِ صاحبة فكرة فيلم «هميس»؟

<< نعم، كانت فكرتى الفيلم يجمع بين مصر القديمة ومصر الحديثة، وكان الهدف منه تقديم صورة مصر المتقدمة والحضارية دائمًا وفعلاً كُتب على التتر أن الفيلم فكرة لبنى عبدالعزيز، وهذه من الأشياء التى أفتخر بها جدًا.

< ما الرسالة التى يمكن أن يقدمها التاريخ المصرى القديم للأجيال الجديدة؟

<< الرسالة هى الأمان، والعمل، والتقدّم، قدماء المصريين بنوا حضارة استمرت آلاف السنين لأنهم كانوا يعملون بجد، نحن للأسف أصبحنا كُسالى بعض الشىء، ونحتاج أن نستلهم من أجدادنا روح العمل والعزيمة، يجب أن يبدأ شبابنا حضارة جديدة تليق بالقرن الحادى والعشرين، بروح المصريين القدماء نفسها.

< ماذا يمثل لكِ نهر النيل على المستوى الشخصى؟

<< النيل بالنسبة لى حنين كبير جدًا، مصر فعلًا هبة النيل كما قال المؤرخ اليونانى هيرودوت، والنيل مر على العديد من البلدان، لكن لم تُقم أى منها حضارة بسبب النيل سوى مصر، النيل هو الأساس. 

< كيف ترين حال النيل اليوم؟

<< بصراحة أرى أن النيل يبكى، أراه الآن مزدحمًا وقذرًا ومشوّهًا بالمطاعم والعشوائية، قديما كان النيل نقيًّا وهادئًا وجميلًا، اليوم النيل نفسه يبكى مما يحدث له، وأنا أبكى معه، لكون أن النيل هو روح مصر، وإذا تألم، تتألم مصر كلها.

< هل تؤمنين بأن الثقافة المصرية قادرة على التجديد دون أن تفقد أصالتها؟

<< بالتأكيد المصريون من أذكى شعوب العالم، والدراسات فى أمريكا أثبتت أن الطفل المصرى من أذكى الأطفال فى العالم، نحن نملك الذكاء، لكننا نحتاج إلى الإلهام والعزيمة.

إذا قمنا بعملنا بشكل قوى، سنبنى حضارة جديدة بنفس الروح القديمة، وسنعود عمالقة كما كنا، مصر لا تفقد أصالتها أبدًا، لأنها أصل كل حضارة فى الدنيا.

< ما الفكرة الثقافية أو الفنية التى تتمنين أن يُخلّد بها اسمك فى التاريخ؟

<< قدّمت الكثير، لكن ما يهمنى الآن هو بلدى، أتمنى أن أرى مصر كما كانت، وأن يعود النيل نقيًّا وجميلًا كما كان، عندما أرى حال النيل اليوم، يتألم قلبى، لأنه تشوّه كثيرًا، النيل يبكى، وأنا أشعر بذلك حقًا، أتمنى أن يحافظ الناس عليه، لأنه ليس مجرد نهر، بل شريان الحياة وروح مصر.

< ما الرسالة التى توجهينها للأجيال القادمة؟

<< الفن رسالة، والتاريخ ليس ماضيًا فقط، بل مستقبل أيضًا، علينا أن نحب بلدنا كما أحبها أجدادنا، وأن نعمل كما عملوا، ونبنى كما بنوا، عندما نعود نؤمن بأنفسنا وبحضارتنا، ستعود مصر لتتصدّر العالم من جديد.