رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

منذ سنوات، اتخذت القيادة السياسية والعسكرية قرارًا استراتيجيًا حاسمًا بأن تعتمد القوات المسلحة على نفسها في تلبية احتياجاتها، بحيث لا تُشكل عبئًا على ميزانية الدولة. القرار لم يكن تنظيميًا فقط، بل جاء ضمن رؤية شاملة تجعل من الاكتفاء الذاتي العسكري ركيزة أساسية في معادلة الأمن القومي والتنمية الاقتصادية.

بدأت القوات المسلحة بتسخير إمكانياتها البشرية والمادية والمهنية لإنتاج ما تحتاجه من معدات وتجهيزات، وهو ما منحها استقلالية لوجستية وسرعة استجابة في مواجهة التحديات. لكن التجربة لم تتوقف عند حدود الداخل العسكري، بل امتدت لتفتح آفاقًا جديدة أمام الاقتصاد الوطني. فالمصانع الحربية والهيئات الإنتاجية، التي وُجدت أساسًا لتأمين الجيش، تحولت إلى منصات صناعية متكاملة قادرة على منافسة السوق المحلي والدخول إلى أسواق التصدير.

الميزة الأبرز لهذه السياسة ظهرت في قدرتها على ضبط الأسعار داخل السوق المصرية. فحين تنتج المصانع العسكرية فائضًا عن احتياجات الجيش، يتم طرحه مباشرة للمواطنين. هنا تتسع دائرة المنافسة وتنكسر حلقات الاحتكار، ليجد المستهلك بدائل متعددة تتميز بالجودة والسعر العادل. هذه الآلية البسيطة في ظاهرها، العميقة في أثرها، لعبت دورًا مهمًا في استقرار الأسعار خلال فترات شهدت اضطرابات اقتصادية وضغوطًا تضخمية. فوجود منتجات الجيش إلى جانب القطاع المدني خلق حالة من التوازن بين العرض والطلب، وفتح المجال لأسعار أكثر انضباطًا، وهو ما يصب في صالح المواطن أولًا والاقتصاد الوطني عمومًا.

إلى جانب ذلك، أسهمت هذه السياسة في تعظيم الاستفادة من الطاقات البشرية والفنية داخل المؤسسة العسكرية، ووفرت فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، كما فتحت الباب أمام شراكات مع القطاع الخاص في مجالات متعددة. وهكذا، لم يعد الجيش مجرد مستهلك للموارد، بل صار منتجًا ومنافسًا يضيف قيمة حقيقية للاقتصاد.

إن مصر اليوم تجني ثمار هذا القرار الاستراتيجي؛ جيشٌ مكتفٍ ذاتيًا، ودولةٌ تستفيد من فائض إنتاجه في دعم السوق وضبط الأسعار، وشعبٌ يجد في ذلك حماية لقدرته الشرائية. إنها معادلة متوازنة بين الأمن والتنمية، تثبت أن الرؤية بعيدة المدى قادرة على تحويل التحديات إلى فرص، وتحقيق مكاسب مزدوجة للوطن والمواطن في آن واحد.