المدرب المغربي حمزة الصنعاني بعد فوز الأسود الصغار بكأس العالم
المدرب المغربي حمزة الصنعاني : كرة القدم تبدأ من القيم قبل المهارة

بين جدران أكاديمية نجم الشباب الرياضي البيضاوي، وفي أجواء مفعمة بالحماس والانضباط، يواصل المدرب حمزة الصنعاني الحاصل على شهادة للتدريب في المجال الكروي، غرس حب الكرة في نفوس الصغار، مؤمنًا بأن بناء اللاعب الجيد يبدأ من بناء الإنسان أولاً.
وفي حوار لبوابة الوفد، فتح حمز الصنعاني قلبه للحديث عن تجربته، ورؤيته لتكوين الأجيال الصاعدة في كرة القدم المغربية.

بدايةً، كيف تلخص لنا رحلتك من لاعب ناشئ في نادي الوداد إلى مدرب داخل أكاديمية نجم الشباب الرياضي البيضاوي؟
ولدت داخل أسوار الوداد البيضاوي لأنني ورثت عشق كرة القدم من والدي محمد الصنعاني الذي كان يلعب في مرحلة من عمره في نادي الوداد البيضاوي، حيث كانت كرة القدم بالنسبة لي أسلوب حياة أكثر منها هواية، بدأت كلاعب صغير في الفئات العمرية لم اكن اتجاوز السادسة من عمري، تعلمت الكثير من أساتذة كبار تركوا فيّ بصمة عميقة، ومع مرور الوقت، اكتشفت أن شغفي الحقيقي هو في نقل ما تعلمته للجيل الجديد، التحقت بمجال التدريب بعد حصولي على شهادة معتمدة، واليوم أعمل في أكاديمية نجم الشباب الرياضي البيضاوي، أعيش التجربة نفسها التي بدأت منها، لكن من موقع المربي والمدرب.
ما الذي يميز تدريب الأطفال عن تدريب الفئات الكبرى من حيث المنهجية وطريقة التواصل؟
الاختلاف كبير جدًا، الطفل لا يتعامل مع التعليم بالطريقة نفسها التي يتعامل بها الراشد، فهو بحاجة إلى التشجيع أكثر من التوبيخ، وإلى الترفيه أكثر من الضغط، التدريب مع الأطفال هو مزيج من اللعب والتربية، يجب أن نغرس فيهم حب الكرة أولا، ثم نُكسبهم المهارة والانضباط بالتدريج، المدرب هنا يلعب دور المربي النفسي قبل أن يكون مدربا تقنيا.
برأيك، على ماذا يجب أن يعتمد المدرب في تكوين الطفل الكروي: الموهبة، الانضباط، أم البيئة التربوية؟
كل هذه العناصر مهمة، لكني أرى أن الانضباط والبيئة يأتيان قبل الموهبة، هناك أطفال موهوبون يفقدون طريقهم بسبب غياب الانضباط أو غياب الدعم الأسري، اللاعب الصغير يحتاج إلى بيئة سليمة تساعده على التطور، ومدرب يوجهه بالصبر والحكمة.
هل يمكن القول إن كل طفل لديه فرصة لأن يصبح لاعب كرة قدم محترف؟ أم أن النجاح يظل حكرا على فئة معينة؟
من الناحية النظرية، كل طفل يملك الفرصة، لكن النجاح العملي يتطلب ثلاثة أركان: الموهبة، العمل الجاد، والاستمرارية، لا يمكننا أن نعد الجميع بالاحتراف، لكننا نستطيع أن نضمن أن كل طفل سيمتلك قيم الرياضة وروح الفريق، وهي أشياء لا تقل أهمية عن الاحتراف نفسه.
ما هي المهارات الأساسية التي ترى أنها ضرورية لأي مدرب يتعامل مع الفئات الصغرى؟
الصبر، التواصل الإيجابي، والمعرفة التربوية، المدرب يجب أن يكون قدوة، يعرف كيف يتحدث بلغة الأطفال، ويزرع فيهم الثقة والحب قبل أي شيء، الجانب التقني يمكن تطويره بالدورات، لكن الجانب الإنساني لا يُدرس، بل يعاش.

إلى أي مدى ترى أن الجانب النفسي والتربوي يؤثر في تكوين اللاعب الصغير داخل الأكاديمية؟
الجانب النفسي هو الأساس، الطفل الذي يشعر بالثقة والحب سيتطور بسرعة، أما إذا خاف من الخطأ فلن يتقدم أبدا، نحن نحرص على جعل التدريب مساحة آمنة، حيث يُسمح بالخطأ، ويُحتفى بالتطور، هذه القاعدة الذهبية في تكوين أي لاعب صغير.
كيف تقارن بين مدارس التكوين في الماضي واليوم من حيث الأساليب والإمكانيات؟
اليوم هناك تطور كبير في الإمكانيات والمناهج، لكن في الماضي كانت الروح أقوى، اللاعبون كانوا يتعلمون في الشارع، يبدعون من حبهم الخالص للكرة، أما اليوم فلدينا أدوات حديثة، ملاعب ممتازة، ومدارس متخصصة، المطلوب هو المزج بين روح الأمس وتقنيات اليوم، وهذا ما نحاول تحقيقه في الأكاديمية.
ما تقييمك للنهضة الكروية التي تعرفها المملكة في السنوات الأخيرة، خاصة في الفئات العمرية الصغرى؟
ما نشهده اليوم هو نهضة حقيقية بفضل رؤية ملكنا محمد السادس الذي يرعى الرياضة المغربية عموما، أحيي أيضا السيد فوزي لقجع الذي استطاع ان يحول الكرة المغربية من وطنية إلى عالمية، وأطر هذا المجال، فالأكاديميات اليوم أصبحت أكثر تنظيما، والمدربون يتلقون تكوينا متطورا، وهناك اهتمام واضح بالفئات الصغرى، هذه الأرضية ستعطي ثمارها في السنوات القادمة.
ما أبرز التحديات التي تواجه المدربين الشباب في المغرب، وكيف يمكن تجاوزها؟
أبرز التحديات هي قلة الدعم والاستقرار المهني، وأحيانا ضعف الاعتراف بعمل المدرب في الفئات الصغرى، تجاوز هذا يتطلب وعيا من الأندية والإدارات بأهمية هذا الدور، فالفئات الصغرى هي المستقبل، والمدرب فيها هو حجر الأساس.
كيف تنظر إلى التجربة الرياضية في مصر، خاصة من حيث تكوين اللاعبين وإدارة الأندية؟
الرياضة المصرية نموذج يُحتذى به في العالم العربي، الأندية المصرية مثل الأهلي والزمالك قدمت نموذجا رائعًدا في الاستمرارية، والانضباط، والاحترافية، سواء في التكوين أو في المنافسات القارية، مصر تمتلك تاريخا كرويا كبيرا، واللاعب المصري يتميز بعقليته القتالية وروحه العالية، وهذا ما يجعلها دائمًا في طليعة الكرة الإفريقية
ما هو صدى الرياضة المصرية داخل الأوساط الكروية المغربية، خاصة بين اللاعبين والمدربين الشباب؟
الرياضة المصرية تحظى باحترام كبير جدا في المغرب، سواء على مستوى الجمهور أو داخل الأندية والأكاديميات، كثير من اللاعبين المغاربة الشباب يتابعون الدوري المصري لما يتميز به من تنافسية وجماهيرية عالية، كما أن العلاقات الرياضية بين البلدين شهدت تبادلا وتعاونا إيجابيا في السنوات الأخيرة، سواء في تبادل الخبرات أو المشاركات القارية، باختصار، هناك تقدير متبادل، وأعتقد أن الرياضة تُجسد أجمل صور الأخوة بين الشعبين المغربي والمصري.
في الختام، ما رؤيتك الشخصية لمستقبل كرة القدم المغربية، وما الطموح الذي يحركك في مسارك التدريبي؟
الجواب:
أنا متفائل جدا بل سعيد بوضع ومكانة الكرة المغربية، المغرب اليوم يسير في الاتجاه الصحيح، ومع العمل الجاد سنرى جيلا يصنع الفارق قاريا وعالميا، وطموحي هو أن أساهم في تكوين هذا الجيل، أن أرى أحد لاعبي يحقق حلمه الكبير، لأن نجاحهم هو أعظم مكافأة لي كمدرب وإنسان.