رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

مصر دائما كانت القلب النابض للسلام في المنطقة، واليوم تثبت مرة أخرى أنها ليست مجرد طرف يشارك في الأحداث، بل هي صانع قرار قادر على إعادة رسم معادلات الأمن الإقليمي.

كانت قمة شرم الشيخ الأخيرة رسالة واضحة لكل شعوب المنطقة: أن السلام العادل ليس حلما بعيدا، بل هدفا يمكن تحقيقه بالإرادة السياسية والرؤية الثابتة، وأن مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تملك القدرة على تحويل هذا الهدف إلى واقع ملموس.

ما شهدناه في شرم الشيخ ليس مجرد اجتماع أو مؤتمر، بل هو تاريخ جديد يكتب بخط مصر العريض، حيث يجتمع العالم حول القاهرة لتوحيد الجهود من أجل إعادة إعمار غزة وتحقيق الأمن والاستقرار الدائمين.

الرئيس السيسي لم يكتف بالكلمات الرنانة، بل وضع تصورا استراتيجيا شاملا لإعادة بناء الثقة بين الأطراف كافة، مؤكدا أن السلام الحقيقي لا يصنع على الورق وحده، بل يبنى بالعمل الجاد والمبادرات الواقعية، وبالحرص على وصول المساعدات فورا إلى غزة لضمان عودة الحياة الطبيعية لأهلها.

هذه الرؤية ليست جديدة على مصر، فالتاريخ يشهد أن الدولة المصرية كانت دائما حاضنة للسلام، منذ زيارة الرئيس أنور السادات التاريخية إلى القدس في نوفمبر 1977، مرورا بكل المبادرات المصرية التي حرصت على حماية استقرار المنطقة، وصولا إلى الجهود الحديثة التي قادها الرئيس السيسي لإنهاء حرب غزة الأخيرة.

الأمم المتحدة وبرنامجها الإنمائي أطلقا عمليات واسعة لإزالة الأنقاض في غزة، وهذا يعكس أهمية دور مصر كمنصة لإعادة الحياة للمدينة، ولضمان وصول الخدمات الأساسية إلى المواطنين المتضررين.

هذه المبادرات ليست مجرد دعم مادي، بل هي تأكيد على مكانة مصر كقوة إقليمية قادرة على جمع الأطراف على مائدة واحدة، وفرض رؤيتها في رسم مستقبل المنطقة.

مؤتمر إعادة الإعمار الذي ستستضيفه القاهرة في نوفمبر يؤكد حرص الدولة على الانتقال السريع من مرحلة وقف الحرب إلى مرحلة التعافي والتنمية، وهو نموذج يظهر كيف يمكن للدبلوماسية المصرية أن تحول المعاناة إلى فرصة لبناء المستقبل.

كلمات الرئيس خلال القمة كانت حاضنة للدفء والإنسانية، حين قال: "السلام لا تصنعه الحكومات وحدها، بل تبنيه الشعوب… مدوا أيديكم لنتعاون في تحقيق السلام العادل والدائم لجميع شعوب المنطقة"، مؤكدا أن مصر ملتزمة بدورها التاريخي في ضمان حياة كريمة للفلسطينيين، وبأن الأمن والاستقرار في المنطقة لن يكونا إلا عبر نهج شامل يضع الإنسان في مركز الاهتمام.

هذا الالتزام العملي يعكس فهم القاهرة العميق أن السلام ليس خيارا تكتيكيا أو مؤقتا، بل استراتيجية متكاملة تبدأ من إعادة الإعمار والتعافي المبكر، مرورا بإعادة الثقة بين الأطراف المختلفة، وصولا إلى خلق بيئة إقليمية مستقرة تستطيع الدول من خلالها التعاون والنمو.

كما أن التحركات المصرية تلقى إشادة على أعلى المستويات، فقد أعرب الرئيس الأمريكي عن تقديره للجهود المصرية وقال إن القاهرة لعبت دورا مهما ورائعا لإنهاء حرب غزة، مؤكدا رغبته في أن يكون شريكا في جهود إعادة الإعمار.

هذه الثقة الدولية في الدور المصري ليست محض صدفة، بل هي نتاج تاريخ طويل من الالتزام بمبادئ السلام العادل، والقدرة على التحرك بوعي استراتيجي يضمن نتائج ملموسة على الأرض.

مصر اليوم تعيد تعريف مفهوم الأمن الإقليمي، ليس فقط من خلال المشاركة في الحلول السياسية، بل عبر تحويل المبادرات إلى واقع يلمسه المواطنون.

إعادة إعمار غزة، وضمان وصول المساعدات، وتهيئة الأرضية لإطلاق مشاريع التنمية، كلها خطوات عملية تظهر أن السلام العادل يمكن أن يكون حقيقة إذا توفرت الإرادة والرؤية الصادقة.

وهذه الرؤية التي تقودها القاهرة تعكس أيضا روح مصرية أصيلة، تجمع بين القوة والحكمة، بين العقل والوجدان، بين الثبات والمرونة في التعامل مع مختلف الأطراف، لتكون مصر دائما منارة الأمل في المنطقة.

وفي النهاية، ما حدث في شرم الشيخ ليس مجرد حدث عابر، بل هو صفحة جديدة في سجل مصر التاريخي كصانع للسلام، وداعمة للاستقرار الإقليمي، ومقدمة نموذجا عمليا يحتذى به في كيفية إدارة النزاعات وتحويلها إلى فرص للتعاون والتنمية.

إن ما تراه؛ القاهرة في غزة ليس مجرد إعادة إعمار، بل هو إعلان عن مصر الجديدة، مصر الحاضرة دائما في اللحظات المصيرية، مصر التي تعرف أن السلام العادل هو الطريق الوحيد لمستقبل أفضل لكل شعوب المنطقة، وأن الأمن الحقيقي لا يتحقق إلا من خلال التضامن والعمل المشترك والتخطيط الاستراتيجي العميق.

مصر تثبت اليوم أكثر من أي وقت مضى أن القيادة الحقيقية ليست في الكلام وحده، بل في القدرة على تحويل الكلمات إلى أفعال، والأفكار إلى واقع، وأن نموذج السلام العادل الذي تصنعه القاهرة هو رسالة لكل العالم: أن إرادة مصر وإيمانها بالسلام يمكن أن يعيدا تشكيل موازين القوة والأمن في الشرق الأوسط، ليكون لكل شعوب المنطقة مستقبل يليق بها، ومستوى من الحياة الكريمة والأمان الذي طالما حلمت به.