رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

تشهد السياسات الاقتصادية في مصر تناقضًا صارخًا بين الخطاب الرسمي الذي يتحدث عن «تشجيع الصناعة والتصدير»، وبين الإجراءات الفعلية التي تدفع بالعكس تمامًا.
فعندما تُرفع أسعار الكهرباء والغاز على المصانع في وقتٍ يعاني فيه الإنتاج الصناعي من ضعف القدرة التنافسية، فإن النتيجة الطبيعية هي تراجع الإنتاج المحلي وإغلاق خطوط التصنيع، لا زيادة التصدير كما يُفترض.
أولًا: تكلفة الطاقة وضرب القدرة التنافسية
يمثل بند الطاقة ما بين 25 إلى 50% من تكلفة الإنتاج في الصناعات الكيماوية والمعدنية والغذائية. ومع كل زيادة في أسعار الكهرباء أو الغاز الطبيعي، تفقد المصانع المصرية قدرتها على المنافسة أمام نظيراتها في تركيا أو الهند أو الصين، حيث تتلقى هذه الصناعات دعمًا أو أسعارًا تفضيلية للطاقة.
وفي المقابل، لا تقدم الحكومة المصرية دعمًا مماثلًا ولا تخفيضات موجهة للصناعات التصديرية، رغم أن هذه القطاعات تمثل المصدر الأساسي للعملة الصعبة.

ثانيًا: الانفتاح التجاري غير المنضبط
في الوقت نفسه، تقوم الحكومة بإلغاء أو تخفيف القيود الجمركية والرقابية على السلع المستوردة، بحسب الاتفاقيات الدوليه التي أقرتها مجالس النواب المتتاليه منذ عقود والتي أقرت بالأساس لرفاهية الشعوب وليس العكس والتي فتحت السوق المصري على مصراعيه أمام المنتجات المستورده بالمجان دون أدنى فائده على الاقتصاد المصري إلا أن هذا التوجه، في ظل ارتفاع تكلفة الإنتاج المحلي، يؤدي إلى إغراق السوق بالسلع المستوردة الأرخص، مما يضغط على المصانع المصرية ويؤدي إلى إغلاقها أو خفض طاقتها التشغيلية.

ثالثًا: أثر مزدوج على الفجوة الدولارية

بدل أن تؤدي هذه السياسات إلى تقليل الفجوة الدولارية كما يُعلن، نجدها تزيد الضغط على ميزان المدفوعات؛ لأن تراجع الإنتاج يقلل الصادرات، في حين يزداد الاعتماد على الواردات. أي أن الدولة تخسر في الجانبين
لا تحقق وفرًا في الدولار من التصدير.
وتستهلك المزيد من الدولار في الاستيراد
على سبيل المثال، صناعة الصودا الكاوية في مصر، وهي صناعة أساسية تدخل في مئات المنتجات الكيميائية، تعاني من ارتفاع كبير في تكلفة الطاقة والتمويل المحلي، في حين تُستورد الصودا الكاوية التركية بأسعار أقل بنحو 25–30%.
النتيجة: المنتج المحلي يصبح غير قادر على المنافسة داخل بلده، وتتحول مصر من منتج شبه مقيد إلى مستورد صافي
خلاصة القول إن ماتحتاجه الصناعة المصرية ليس المزيد من الوعود، بل اتساق السياسات الاقتصادية:
أسعار طاقة تناسب الصناعة المنتجة والمصدّرة.
حماية تجارية ذكية لا تعني الانغلاق بل ضمان المنافسة العادلة.
تمويل صناعي منخفض التكلفة بدلًا من أعباء الفائدة المرتفعة.
فمن دون هذه المراجعة الجذرية، ستظل الصناعة المصرية تدور في حلقة مفرغة من الوعود والتراجعات، بينما تزداد الأسواق امتلاءً بالمنتج الأجنبي.