مسار القهوة
فى عالم سريع التطور، أصبحت تطبيقات الذكاء الاصطناعى (AI) تمثل جزءًا أساسيًا من روتين حياتنا اليومى، ويعد «شات جى بى تى» (CHATGPT) واحدًا من أبرز هذه التطبيقات وأهمها، والذى طورته شركة OPENAI بمدينة سان فرانسيسكو، وهو عبارة عن روبوت أو برنامج يعمل باستخدام الذكاء الاصطناعى، إذ يتحاور مع المستخدم ويجيب عم ما يطرح عليه من أسئلة بشكل مفصل، ويتذكر كل ما طرح عليه من قبل من أسئلة خلال الحوار الذى يتم، وكأنه حوار دائر بين شخصين. كما يسمح للمستخدم بتصحيحه إذا ما أخطأ، ويعتذر عن تلك الأخطاء.
ويعتمد GPT على تعلم الآلة لفهم النصوص وتوليدها بشكل طبيعى باستخدام الشبكات العصبية العميقة (DEEP NEURAL NETWORKS)، حيث يتم تدريبه على مجموعة ضخمة من النصوص التى تشمل مقالات، وكتبا، ومواقع إنترنت، ومواد تعليمية؛ هذا التدريب يتيح له القدرة على فهم العلاقات بين الكلمات والجمل، مما يعزز من قدرته على توليد ردود معقولة ومناسبة للسياق، وتوليد مخرجات متوقعة بناءً على الإدخال الذى يتلقاه.
ويُعد GPT من بين أحدث التقنيات وأكثرها فاعلية فى مجال معالجة اللغة الطبيعية، حيث يمكن استخدامه فى مجموعة متنوعة من التطبيقات مثل كتابة المقالات، والدردشات الآلية، والترجمة، فضلًا عن استخدامه لتقديم المساعدات للطلاب والباحثين فى إنجاز التكليفات والأبحاث المطلوبة منهم فى إطار الدراسة والبحث العلمى.
وتتمثل إحدى أكبر مزايا GPT فى قدرته على المعالجة المتقدمة للغة الطبيعية (NATURAL LANGUAGE PROCESSING–NLP)، مما يسمح له بفهم النصوص البشرية، والرد عليها بشكل يبدو بشريًا، كما يسهم فى تحسين الإنتاجية من خلال توفير الوقت، ويساعد فى توليد أفكار إبداعية للمشاريع أو الكتابات، فضلا عن إدارة الوقت والتنظيم، وتحديد الأولويات، والتذكير بالمواعيد، كما يمكنه المساعدة فى اتخاذ القرارات عبر تحليل البيانات والمعلومات، وقد وصل الأمر إلى قيام أحد الأصدقاء بالاستعانة بـGPT لمساعدته فى تنسيق ألوان ملابسه، واختيار بطيخة «حمرا ومعسلة».. على حد قوله.
إلا أن كل هذه المزايا لا تزال محفوفة بكثير من المخاوف، منها ما هو متعلق بالخصوصية والأمان المرتبط بجمع البيانات الشخصية، ومنها ما يتعلق بالتأثير على التفكير النقدى، فقد يؤدى الاعتماد الكبير على GPT فى حل المشاكل أو توليد الأفكار إلى تقليل مهارات التفكير النقدى والتحليلى لدى الأفراد، فضلا عن المخاوف المتعلقة بإحلال الذكاء الاصطناعى محل البشر فى عديد من المجالات، مثل: الترجمة وخدمة العملاء والكتابة الصحفية والبحث العلمى.
وفى النهاية، يظل «شات جى بى تى» (CHATGPT) وسيلة قد يستخدمها البعض بشكل إيجابى مفيد، ويستخدمها البعض الآخر بشكل سلبى ضار، فالأمر لا يتعلق بمدى توافر التقنية بقدر ما يتعلق بالحذر فى استخدامها؛ فمن المهم أن تتأكد من أن البيانات الشخصية التى تقدمها محمية بأعلى معايير الأمان، والتحقق من دقة المعلومات التى يقدمها، خصوصًا فى الأمور المهمة أو المعقدة، والتأكد من أن التفاعل معه يتم ضمن حدود الآداب والقيم الإنسانية، وقبل كل ذلك تجنب الاعتماد الكلى على CHATGPT والاستمرار فى تطوير مهارات التفكير النقدى والإبداع.
أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب - جامعة المنصورة
[email protected]