رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

الصين تفتح تحقيقًا مع كوالكوم بسبب صفقة استحواذ إسرائيلية مشبوهة

كوالكوم
كوالكوم

في تطور جديد يُسلّط الضوء على تصاعد التوتر التجاري بين الصين والولايات المتحدة، أعلنت هيئة مكافحة الاحتكار الصينية إدارة الدولة لتنظيم السوق (SAMR) عن فتح تحقيق رسمي في صفقة استحواذ شركة كوالكوم (Qualcomm) الأمريكية على شركة أوتو توكس (Autotalks) الإسرائيلية المتخصصة في رقائق السيارات الذكية.

وقالت الهيئة في بيانها إن كوالكوم يُشتبه في انتهاك قوانين مكافحة الاحتكار الصينية بعدم الإفصاح الكامل عن تفاصيل جوهرية تتعلق بالصفقة، التي تم الإعلان عنها في عام 2023، وهي خطوة تراها بكين تهديدًا للتوازن في سوق أشباه الموصلات وأنظمة الاتصال داخل المركبات.

خلفية الصفقة المثيرة للجدل

كانت كوالكوم قد أعلنت في منتصف عام 2023 عن اتفاق مبدئي للاستحواذ على شركة Autotalks الإسرائيلية، بهدف توسيع محفظة معالجاتها "سنابدراجون" لتشمل مجالات أعمق في صناعة السيارات المتصلة بالإنترنت. وتُعد Autotalks واحدة من أبرز الشركات في العالم بمجال رقائق الاتصالات من المركبة إلى كل شيء (V2X)، وهي تقنية تسمح للسيارات بالتواصل مع المركبات الأخرى والبنية التحتية المحيطة بها، ما يعزز من أنظمة الأمان ومنع الحوادث.

لكن الصفقة أثارت منذ البداية مخاوف لدى الهيئات التنظيمية في أكثر من دولة، لا سيما في ظل اشتداد المنافسة في سوق أشباه الموصلات، الذي يُعد ساحة رئيسية للصراع التكنولوجي بين بكين وواشنطن. فقد خضعت عملية الاستحواذ لتحقيقات مكثفة من لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية (FTC) وهيئة المنافسة والأسواق البريطانية (CMA)، وهو ما دفع كوالكوم إلى تعليق الصفقة مؤقتًا في مطلع عام 2024 قبل أن تُعيد فتحها لاحقًا بشكل مفاجئ.

ولم تكشف الشركة الأمريكية حتى الآن عن تفاصيل العملية بعد إعادة تنفيذها، وهو ما اعتبرته الهيئة الصينية إخلالًا بالإفصاح المطلوب وفقًا لقوانين المنافسة المحلية. وتخشى بكين من أن يمنح هذا الاستحواذ كوالكوم هيمنة أكبر على سوق رقائق السيارات، الذي أصبح ركيزة أساسية لمستقبل المركبات الذكية ذاتية القيادة.

تصعيد تنظيمي وسط حرب تجارية تقنية

التحقيق الجديد يأتي في وقتٍ تُكثّف فيه الصين مراجعاتها للصفقات التي تنفذها الشركات الأمريكية الكبرى، كجزء من استراتيجية أوسع للضغط في المفاوضات التجارية الجارية مع الولايات المتحدة. فقبل أسابيع فقط، أعلنت الهيئة نفسها أن صفقة استحواذ شركة NVIDIA على Mellanox بقيمة 6.9 مليار دولار أمريكي خالفت القوانين الصينية، مؤكدة أن الشركة الأمريكية انتهكت الشروط التنظيمية التي فُرضت عليها سابقًا.

ووفقًا لتقرير نشرته فاينانشيال تايمز، فإن الجهات الصينية تُبقي قراراتها التنظيمية معلّقة أحيانًا لأشهر طويلة بهدف تعزيز موقفها التفاوضي مع واشنطن، لا سيما في ملفات مثل صفقة تطبيق تيك توك، والتعريفات الجمركية المتبادلة، وقيود تصدير أشباه الموصلات.

بالتوازي، فرضت الصين مؤخرًا قيودًا جديدة على تصدير المعادن الأرضية النادرة، وهي مواد أساسية في تصنيع الرقائق الدقيقة والمكونات الإلكترونية الدفاعية، مما فُسِّر كرسالة مباشرة إلى الولايات المتحدة التي تعتمد جزئيًا على هذه المواد في صناعاتها الحساسة.

انعكاسات محتملة على كوالكوم وسوق الرقائق

تأتي هذه الخطوة في وقتٍ تحاول فيه كوالكوم تعزيز وجودها في سوق السيارات الذكية، بعد أن أصبحت المنافسة مع شركات مثل إنفيديا وتسلا وإنتل أكثر شراسة من أي وقت مضى. ومع توسع استخدام تقنيات القيادة الذاتية، أصبحت الرقائق القادرة على التواصل اللحظي بين المركبات ميدانًا استراتيجيًا يُحدد مَن سيقود الجيل القادم من السيارات المتصلة.

لكن التحقيق الصيني يُهدد بتعطيل خطط كوالكوم في هذا المجال، وربما يعيد فتح نقاش أوسع حول اعتماد الشركات الأمريكية على السوق الصينية. فالصين تُعد من أكبر أسواق السيارات في العالم، وأي قيود محتملة على دخول تقنيات كوالكوم إلى هذا السوق ستُسبب خسائر ضخمة للشركة الأمريكية.

في المقابل، يرى محللون أن بكين تستخدم مثل هذه التحقيقات كوسيلة لتوسيع رقابتها على قطاع أشباه الموصلات، خصوصًا مع سعيها إلى تعزيز اكتفائها الذاتي في هذا القطاع الحيوي، وتقليص اعتمادها على الشركات الغربية.

وبينما لم تُصدر كوالكوم حتى الآن أي تعليق رسمي على التحقيق، فإن القضية تُعد مؤشرًا جديدًا على احتدام الصراع الاقتصادي والتكنولوجي بين القوتين العظميين، والذي لم يعد مقتصرًا على الرسوم الجمركية أو شبكات الجيل الخامس، بل أصبح يمتد إلى كل رقاقة ومعالج في عالم التكنولوجيا المتصلة.