من هو سيدي أحمد البدوي وأهم كراماته ووصيته؟

سيدي أحمد البدوي.. نظم المجلس الأعلى للطرق الصوفية احتفالًا بمولد العارف بالله سيدي أحمد البدوي، بمدينة طنطا، بحضور فضيلة الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، وفضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الأسبق وعضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية.
مولد سيدي أحمد البدوي:
وتحدث الدكتور علي جمعة مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، عن المولد، موضحًا أن هو أحمد بن علي بن السيد البدوي إبراهيم الحسيني، الأستاذ الصالح العارف المجذوب، الشارب في المحبَّة من صافي المشروب، بحرُ الفتوح، وساكن السطوح، ذو السرِّ الممنوح، والكرامات العديدة، والإشارات المديدة، الأستاذ الفتى، ساكن طندتا، من لذكره في الأسحار دويّ، أبو العباس سيدي أحمد البدوي، فارسُ الأولياء بالديار المصرية والجزائرية القبرصية، المعروف بالأستاذ أبي الفتيان الحسيني النسب، الطاهر الحسب، العلوي الملثَّم، المعتقدُ المعروف المشهور، عُرف بالبدوي لكثرةِ ما كان يتلثَّم.
مولد سيدي أحمد البدوي بفاس:
وحجَّ أبوه وهو صحبته، فتُوفي في مكَّة، فبقي سيدي أحمد وإخوته، فنشأ بمكَّة وتربّى بها، وعرض عليه أخوه التزويج فامتنع، ثم حَدَثَ له حالٌ في نفسه، فتغيَّرت أحوالهُ، واعتزل الناس، ولزم الصمت، وكان لا يتكلم إلا بالإشارة. ثم قيل له في منامه: أنْ سِرْ إلى طندتا (طنطا الآن)، وبُشِّرَ بحال يكون له. فسار هو وأخوه الشريف حسن رحمه الله تعالى، فدخلا العراقَ وبغداد، وعاد الشريف حسن إلى مكّة، وتخلَّفَ سيدي أحمد، وسار إلى طندتا مسرعًا إلى دار سيِّد البلد، وصَعِدَ إلى السُّطوح، وفي أكثر أوقاته يكون قائمًا شاخصًا ببصره إلى السماء، وكان إذا عرض له الحال يصيح صياحًا متصلاً.
وكان سيدي أحمد البدوي يَطوي أربعين يومًا لا يتناول فيها طعامًا، وهو شاخصٌ ببصره إلى السماء، ومكثَ قدّس الله روحه على السُّطوح اثني عشر عامًا.
وحجَّ سيدي أحمد البدوي وزار جدَّه ﷺ، ولما وقفَ تجاه الروضة المطهَّرة أنشأ يقول:
إنْ قيل زُرتم بما رجعتم * يا أكرمَ الرُّسل ما نقول
فردَّ عليه المصطفى ﷺ بحضرةِ الشهود:
قولوا رَجعنا بكلِّ خيرٍ * واجتمع الفرعُ بالأُصول
إلى آخر القصيدة المعروفة المتداولة بين الصوفية.
أوصاف سيدي أحمد البدوي:
كانت صفته رضي الله عنه: أكحلَ العينين، طويلَ الذِّراعين، كبيرَ الوجه، طويلَ القامة، قمحيَّ اللون، أقنى الأنف، على أن فيه شامتين.
كرامات سيدي أحمد البدوي:
له كراماتٌ مشهورة؛ من أشهر الكرامات المنسوبة للبدوي أنه كان ينقذ الأسرى المسلمين من أيدي الصليبيين أيام الحملات الصليبية على مصر، وظل اعتقادٌ شائع بين الناس أن البدوي ظل ينقذ الأسرى بعد مماته إلى عصر متأخر، حتى انتشرت مقولة بين العامة – وما زال الناس يتداولونها حتى الآن – هي: «الله الله يا بدوي، جاب اليسرى»، أي أن البدوي جلاب الأسرى.
- من أقواله رضي الله عنه:
قال: يا عبد العال، إياك وحب الدنيا؛ فإنه يفسد العمل الصالح كما يفسد الخل العسل. واعلم يا عبد العال أن الله يقول: ﴿إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُحْسِنُونَ﴾.
يا عبد العال، اشفق على اليتيم، وأكسِ العريان، وأطعم الجوعان، وأكرم الغريب والضيفان، عسى أن تكون عند الله من المقبولين.
وقال: يا عبد العال، عليك بكثرة الذكر، وإياك أن تكون من الغافلين عن الله تعالى، واعلم أن كل ركعة بالليل أفضل من ألف ركعة بالنهار.
وقال: أحسنكم خلقًا أكثركم إيمانًا بالله تعالى، والخلق السيئ يفسد العمل الصالح كما يفسد الخل العسل.
وقال: يا عبد العال، هذه طريقتنا بنيت على الكتاب والسنة، والصدق والصفاء، وحسن الوفاء، وحمل الأذى، وحفظ العهود.
قال الشيخ عبد العال: خدمت الأستاذ أربعين سنة، ما رأيته غفل عن عبادة الله طرفة عين. وسألته يومًا: ما حقيقة الفقر الشرعي؟
فقال: الفقير اثنتا عشرة علامة، رواها الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهي:
1. أن يكون عارفًا بالله تعالى.
2. مراعياً لأوامر الله تعالى.
3. متمسكًا بسنة النبي ﷺ.
4. دائم الطهارة.
5. راضيًا عن الله على كل حال.
6. موقنًا بما عند الله.
7. آيسًا مما في أيدي الناس.
8. متحمّلًا للأذى.
9. مبادرًا لأمر الله تعالى.
10. شفيقًا على عباد الله تعالى رحيمًا بهم.
11. متواضعًا للناس.
12. عالمًا بأن الشيطان عدوٌّ له، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾.
أقوال سيدي أحمد البدوي:
ثم سأله عن التفكير، والتوبة، والذكر، والوجد، والصبر، والزهد، والإيمان، فقال رضي الله تعالى عنه:
التفكير: أن تفكّروا في مصنوعات الله وفي خلق الله، ولا تفكروا في ذات الله؛ فإن الله لا تحيط به فكرة.
التوبة: حقيقتها الندم على ما مضى من الذنب، والإقلاع عن المعصية، والاستغفار باللسان، والعزم على ألّا يعود إلى المعصية، والصفاء بالقلب؛ فهذه هي التوبة النصوح التي أمر الله بها في كتابه العزيز: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَةً نَصُوحًا﴾.
الذكر: حقيقة الذكر أن يكون بالقلب، لا باللسان فقط؛ فإن الذكر باللسان دون القلب شفشفة. واذكر الله بقلبٍ حاضر، وإياك والغفلة عن الله تعالى، فإنها تُورِث القسوة في القلب.
الوجد: أن يكثر ذكر الحق – لا إله إلا هو – فتُقذف أنوار في القلب من قِبَل الله تعالى، فيقشعرّ منه جلده، فيشتاق إلى المحبوب – لا إله إلا هو – فيلحق المريدُ الوجدَ ويتعلّق بالله كله. وعندما يزيد الوجد يصير ولهاً، وهو إفراط الوجد، وعندئذٍ يبلغ المريدُ الدرجةَ العليا في التسامي الروحي.
الصبر: هو الرضا بحكم الله، والتسليم لأمره، وأن يفرح الإنسان بالمصيبة كما يفرح بالنعمة، قال تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾.
الزهد: هو مخالفة النفس بترك الشهوات الدنيوية، وأن يترك سبعين بابًا من الحلال مخافة أن يقع في الحرام.
الإيمان: أثمن شيء، وأكثر الناس إيمانًا أتقاهم، وكلما حسنت أخلاق المريد زاد إيمانه، وأحسنكم أخلاقًا أكثركم إيمانًا بالله.
وصية سيدي أحمد البدوي رضى الله عنه:
ومن وصيته لخليفته عبد العال:
لا تشمت بمصيبة أحدٍ من خلق الله، ولا تنطق بغيبةٍ ولا نميمة، ولا تؤذِ من يؤذيك، واعفُ عمّن ظلمك، وأحسن إلى من أساء إليك، وأعطِ من حرمك.
يا عبد العال، أتدري من هو الفقير الصابر الصادق؟
قلت: منك تحصل الإفادة.
قال: هو الذي لا يسأل أحدًا، إن أُعطي شكر، وإن مُنع صبر، صابرٌ لحكم الله تعالى، عاملٌ بالكتاب والسنة.
تُوفي رضي الله عنه يوم الثلاثاء، اثني عشر ربيع الأول سنة خمسٍ وسبعين وست مئة، ودُفن بمقامه المعلوم.
نفع الله به، وأمدّنا بمدده. آمين.