أون لاين
فى زمن تتسابق فيه الأمم على امتلاك أدوات الذكاء الاصطناعى، يأتى فوز منصة «مهارة- تك» التابعة لمعهد تكنولوجيا المعلومات بجائزة اليونسكو– الملك حمد بن عيسى آل خليفة ليضع مصر فى صدارة الدول التى لم تكتفِ بالاستهلاك الرقمى، بل صنعت لنفسها مكاناً فى مشهد الابتكار التعليمى العالمى.
هذه الجائزة ليست مجرد تكريم لمبادرة رقمية، بل اعتراف دولى برؤية وطنية بدأت منذ سنوات فى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حين آمنت الدولة بأن الاستثمار فى الإنسان هو بوابة التحول الرقمى الحقيقى، فاليوم تتوج الجهود بجائزة عالمية تؤكد أن التعليم الرقمى المصرى قادر على المنافسة والإلهام.
المنصة التى ولدت من رحم معهد تكنولوجيا المعلومات (ITI)، لم تأتِ صدفة، فهى ثمرة تخطيط منهجى طويل الأمد، جمع بين المحتوى العربى المتخصص ودمج الذكاء الاصطناعى الأخلاقى والمسئول فى بيئة تعليمية مفتوحة للجميع. أكثر من 600 ألف مستخدم خاضوا ما يقرب من مليونى رحلة تعلم رقمية، ليست مجرد أرقام بل قصص نجاح حقيقية لشباب وجدوا فى «مهارة- تك» فرصة للوصول إلى المعرفة الحديثة بلغتهم، دون قيود جغرافية أو اقتصادية.
وقد عبر الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عن جوهر هذا الفوز حين قال إن الجائزة ثمرة للجهود المكثفة فى بناء القدرات الرقمية، مؤكداً أن الكفاءات البشرية هى المحرك الأساسى لمسيرة التحول الرقمى فى مصر، كلمات الوزير تختصر فلسفة الوزارة: بناء الإنسان قبل البنية التحتية، فالتكنولوجيا بلا عقول واعية تظل أدوات بلا روح.
أما الدكتورة هبة صالح، رئيس معهد تكنولوجيا المعلومات، فوصفت الجائزة بأنها حافز جديد للاستمرار فى تطوير تجربة تعليمية أكثر شمولاً وتفاعلاً، مؤكدة أن ما تحقق هو حصيلة عمل جماعى لمدربين ومطورين وخبراء، آمنوا بأن التعليم الرقمى يمكن أن يكون أكثر إنسانية بفضل الذكاء الاصطناعى.
المنصة لا تكتفى بتقديم محتوى تدريبى فى الذكاء الاصطناعى، بل تقدم خريطة طريق حقيقية للوظائف المستقبلية، ومهارات موجهة لكل فئة عمرية، من الأطفال إلى المحترفين، وهذا ما يجعلها نموذجاً فريداً لتكامل التكنولوجيا والتعليم واللغة العربية فى تجربة تعليمية تفاعلية قادرة على تجاوز حدود الجغرافيا واللغة.
إن فوز «مهارة- تك» ليس مجرد خبر يضاف إلى سجل الإنجازات، بل رسالة واضحة بأن مصر قادرة على إنتاج محتوى تعليمى رقمى يضاهى العالم، وأن ما بدأ مبادرة وطنية أصبح منصة عربية تعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والمعرفة.
لقد آن الأوان أن نقرأ هذا الفوز ليس كجائزة فى مجال التعليم فحسب، بل كدليل على أن التحول الرقمى فى مصر لم يعد شعاراً حكومياً، بل واقعاً ملموساً يلمس حياة الناس، ويمنح الشباب أدوات المستقبل بلغة الحاضر.
وإذا كان العالم يحتفى اليوم بـ«مهارة- تك»، فإن الجوهر الحقيقى للاحتفاء يكمن فى فكرة بسيطة، أن المهارة تنتصر دائماً، حين تبنى على رؤية، وتدار بعلم، وتوجه لخدمة الإنسان قبل التقنية.