رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

عزيزي القارئ: رغم أنّ الدين لله، وهو الذي يحاسبنا وكفيل بنا، إلا أنّ سؤالًا قد يخالج بعضنا، إنْ لم يكن معظمنا- أحيانا-، مفاده ما هو أفضل الأديان؟ 
وقد تتفاوت الإجابات حسب كل شخص وانتمائه الديني، فقد يقول أحدهم الإسلام، وقد يقول آخر المسيحية، وقد يقول أخر اليهودية أو حتى البوذية...

.إنّ الله سبحانه وتعالى حين خلق الناس خلقهم شتى في أجناسهم، وأشكالهم، ومذاهبهم ودياناتهم، ومن الطبيعي الاختلاف بين بني البشر، ولكن يبقى الاتفاق على شيء واحد يقبله العقل ويوافق به المنطق، وهو أنّ أفضل عقيدة تلك التي تجعلك شخصًا أفضل، تطبق تعاليم الله في الأرض، وما تدعو إليه هذه التعاليم من خير وسلام.
فهي العقيدةُ التي تجعلك أكثرَ رحمةً، وأكثرَ إدراكًا، وأكثر حساسيةً، وأقلّ تحيّزًا، وأقلّ عنصريةً، وأكثرَ حبًّا، وأنظفَ لسانًا، وأكثر إنسانيةً، وأكثر مسؤوليةً، وصاحب أخلاق عالية، تتعامل برقي ولين ولطف مع الجميع دون نظر إلى دينه أو جنسه أو لونه، فالدين الذي يجعلك كذلك هو الأفضل، ولا ريب عندي أنكم جميعا توافقون على ذلك...  
وأنا في هذا السياق لا أهدف إلى إقناعك بصلاح مذهبك وعقيدتك أو بفسادهما، ولستُ مهتما إذا ما كنتَ متديّنًا أم لا، فهذا له سياقه وله أصحابه... ولكن الذي يعنيني حقًّا في هذا السياق هو سلوكك أمام نفسك، ثمّ أمام أسرتك، ثمّ أمام مجتمعك، ثم أمام العالم؛ وحينئذ يكون الشعور بالمسؤولية أمام ضميرك، عما يجب أن تفعله؛ لأن جماع كل ما سبق سيشكّل كيانك وصورتك أمام الله- سبحانه وتعالى- ثم أمام المجتمع من حولك. 
‌‎إنّ قانونَ الفعل وردّ الفعل الذي تعلمناه منذ الطفولة، لا يخصُّ عالم الفيزياء وحسب، بل هو أيضًا قانون يحكم علاقاتنا الإنسانية جميعها، فمن يمتثل للخير ويعمله ،فلا يحصد إلا خيرا، وإذا امتثل للشر، فلن يجد سوى الشر من بين يديه ومن خلفه، أينما ذهب وحيثما ولّى.
ولذلك علينا أنْ ننتبه لأفكارنا؛ التي نترجمها في صورة عبارات نرددها، ثم أفعال نرتكبها، ثم عادات تلاحقنا، وكل ذلك يكوّن شخصيتنا التي تظهر أمام الملأ.
‌‎كلنا يعلم أنّ الله -سبحانه وتعالى- قد خلقنا لعبادته وعمارة الأرض، لكن ما السبيل لتحقيق ذلك، ما الذي يضمن أن نقوم بذلك فنجعل الدنيا مليئة بالخير والحركة والبركة والنماء ؟
لا شكّ أنّ الدين هو سبيل الوصول إلى ذلك الصلاح، فإذا قضى الإنسانُ عمرَه كلَّه في مسجدٍ، أو كنيسةٍ، أو هيكلٍ، أو معبدٍ، وأخذ يُصلّى ويصوم ويتعبّد...، ولم يترك كلُّ ذلك عليه أثرا، ولم يصنع منه إنسانًا مؤمنا رحيمًا متحضرًا، حسنَ الخلق، فما جدوى من ركوعه، ولا فائدة من سجوده، أو جوعه وعطشه، فاللهُ غنيٌّ تماما عن صلاتنا وذكرنا وقرابيننا، فكل ذلك هباء، وليس الله في حاجة إلينا.
‌‎إنّ الهدف من وجودنا اهو عبادة الله وعمارة الأرض كما ذكرنا آنفًا، ولا يحدث ذلك إلا إذا كان الإنسان نموذجًا متحضرًا للكائن المسؤول الذي يفضل الخير وهو قادرٌ على الشر، ويختار الرحمة وهو قادرٌ على القسوة، ويختارُ العدل بدلاً من الظلم. لهذا كلّفنا الله وجعلنا ورثة الأرض القادرين على الاختيار والقرار.
‌‎إنّ ما يحدث في الوقت الراهن في بعض الدول من وجود نزعات عنصرية فكرية طائفية؛ بين بعض المذاهب أو الأديان، إنما كله يكون على حساب الأوطان، ونحن في حاجة ماسة لأنْ ندرك أن العقيدةَ شأنٌ خاصٌّ بين الإنسان وربّه، أما الشأنُ العام، فهو التعامل الطيّب بين الناس، والإنسانُ الطاهر القلب، العفيف اللسان، وغير المتعصب هو السفيرُ الأفضل لمذهبه ودينه وعقيدته التي تكون بينه وبين ربه.
كما نؤكد هنا أنّ العقائد والأديان السليمة لا تقبل المساومة أو التشكيك، كما أنها لا تقبل الصراع ولا تدعو إليه، وإنما تدعو للتعايش والسلام والمشاركة مع الجميع دون استثناء، ونظرة صاحب عقيدة ما إلى غيره من أصحاب العقائد الأخرى هي نفس نظرتهم إليه، فهو غير مؤمن بما يؤمنون به، وهم كذلك بالنسبة إليه، وهذا طبيعي جدا، ولا يدعو للغضب أو الصراع.
‌‎ومن هنا يتضح فكرة المواطنة الصالحة، فالكل يعتنق ما شاء من أفكار أو مذاهب أو أديان، وحسابهم عند الله، وهو كفيل بهم دون تدخل من أحد مهما كان، وكلهم يعيشون في وطن واحد يعملون فيه بصدق وإخلاص، وفي أمن وأمان.
ولنتذكر جيدا أنّ الطائفيةَ مقبرةُ الأوطانِ، وعلاقاتُ المذاهبِ والأديان لا يجبُ أبدًا أنْ تكونَ على حساب الأوطان، فما كانت الطائفيةُ في بلدٍ إلا دمرتْ منجزاته، وفككتْ أوصاله، وشتّتتْ أفراده، وقوّضتْ طرائق تفكيره، وتولّاه الخونة والفاسدون، فجاؤوا من كل حَدب ٍينسلون، ولن تقوم له قائمة حتى يشاء الله، فاحذروا أعداءكم من الخونة والمأجورين وحافظوا على أوطانكم، 
والتفوا حول زعمائكم، وكونوا سندًا قويًا لجيوشكم...
لعَمْري إنّ هذه المعاني جميعها، قد تحدث عنها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر عام 2013، وما تلاها من أحداث خطيرة، كادتْ تعصف بالدولة المصرية، لولا حكمته في إدارة المشهد بكل مهارة واقتدار، إذ حذر مرارًا من العنصرية والطائفية، كما حذر من الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد مهما كان السبب، وعمل على تعزيز فكرة المواطنة بين الجميع على حد سواء، فكانت المواطنة الصالحة سدًا منيعًا، وحصنًا حصينًا؛ للحفاظ على الدولة المصرية من عبث العابثين وكيد المعتدين.

[email protected]