رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

يشهد المغرب اليوم دينامية مجتمعية متجددة، تعكس وعي فئة واسعة من شبابه بأهمية الإصلاح ومواجهة اختلالات بعض القطاعات الحيوية، وفي مقدمتها الصحة والتعليم، هؤلاء الشباب وما يحملونه من مطالب اجتماعية مشروعة، يؤكدون على حيوية المجتمع المغربي ورغبته في المساهمة في مسار التغيير الإيجابي.

في المقابل، يثير هذا المشهد انزعاج من يمتلكون الثروات الطبيعية الهائلة، ويعانون الفقر والتهميش والهشاشة، ما يجعل نجاح التجربة المغربية مصدر حرج لهم، ويدفعهم إلى محاولة تشويه الصورة عبر حملات إعلامية مضللة، تعتمد على الأخبار الزائفة والمحتويات المفبركة.

وفي هذا الإطار، نجد بعض التغريدات والفيديوهات المتداولة حول هذه الاحتجاجات والتي تعكس جهل طبيعة هذا البلد وتاريخه السياسي والاجتماعي، فالمغرب ليس غريبا عن ثقافة التظاهر والاحتجاج، فمنذ الاستقلال، ظل الشارع المغربي حاضرا في صناعة النقاش العمومي والتأثير على مسارات الإصلاح، بأشكال سلمية أحيانا وبحدة أكبر في أحيان أخرى.

إن ما يعتبره البعض "قلقا" أو "خطرا" هو في واقع الأمر وضع صحي لدولة تؤمن بالتعددية، وبأهمية التعبير السلمي، تبني خياراتها الديمقراطية بوعي تاريخي متراكم، من هنا، فإن قراءة المشهد خارج هذا السياق يعد اختزالا سطحيا لا يليق بدولة استطاعت أن تجعل من الاحتجاج رافعة للنقاش والتطوير، لا تهديدا للشرعية أوالاستقرار.


ومع أن بعض الأحداث المحدودة رافقت التظاهرات في مدن مغربية نتيجة اندفاع الشباب أو تدخلات غير متوازنة من بعض عناصر الأمن، فإنها تظل استثناء لا يغير من الطابع السلمي العام للحدث الذي شهدته مدن عديدة في أجواء حضارية ومسؤولة، وهو ما يتطابق مع تجارب دولية كبرى، حيث لا تخلو الاحتجاجات من حوادث عرضية، كما هو الحال في فرنسا أثناء احتجاجات "السترات الصفراء".

أما فيما يتعلق بالمؤسسة الملكية، فإنها تبقى عنصرا محوريا في استقرار المغرب ووحدته الوطنية، حيث يلتف المواطنون حول شخص الملك باعتباره ضامنا للتوازن السياسي والاجتماعي، ويأتي التفاعل الشعبي الكبير الذي رافق خروج الموكب الملكي يوم الأربعاء فاتح أكتوبر 2025 بالدار البيضاء، خلال تدشين مركب صحي استشفائي، ليعكس عمق هذه العلاقة المتبادلة بين الملك والمجتمع، بعيدا عن الصورة المغلوطة التي تحاول بعض المنابر الإعلامية الترويج لها.

أما الشائعات التي يطلقها بعض الحاقدين حول احتمال سحب استضافة بطولة كأس إفريقيا للأمم أوكأس العالم ، فهي مجرد أصوات صادرة عن قلوب مريضة لا تقوى على مواجهة الحقيقة، لأن المغرب يمتلك ما لا يمتلكونه من مقومات النجاح، ولا يستطيعون تقبل قدرته على تحقيق هذا المستوى من الجاهزية والريادة، اختيار المغرب لتنظيم هذه التظاهرة، يعكس ثقة دولية راسخة في قدرته الاستثنائية على التنظيم، فالمملكة راكمت خبرة واسعة في احتضان فعاليات كبرى بفضل جودة بنيتها التحتية العصرية، من ملاعب ومرافق مواكبة للمعايير الدولية، إلى شبكة نقل وإقامة متكاملة، ولا يمكن إغفال الدور المحوري للجمهور المغربي، الذي يظل عنصرا مميزا يتمتع بالرقي والوعي، لا يكتفي بملء المدرجات بل يساهم بروح المسؤولية والانتماء في إنجاح كل حدث ورفع صورة بلده عاليا.

إن ما يردده الحاقدون من شائعات ومحاولات تشويش لا يعدو أن يكون صدى لخيباتهم وعجزهم عن مجاراة مسار بلد يحقق قفزات نوعية على أكثر من صعيد، المغرب، اليوم، لا يتراجع، بل يواصل مسيرته التنموية والسياسية والإقليمية والقارية بثقة ورؤية واضحة، ففي الوقت الذي تتجه فيه أنظار أوروبا والعالم العربي نحو النهضة غير المسبوقة التي يشهدها المغرب،التي لا تقتصر على المجال الرياضي فحسب، بل تمتد إلى الصناعة والتجارة والاستثمار، فهو يعد اليوم ثاني أكبر مستثمر في إفريقيا، مثبتا حضوره كفاعل اقتصادي قاري مؤثر، كما يستعد المغرب لافتتاح ثاني أكبر ميناء بالمملكة، ميناء الداخلة، الذي سينضاف إلى ميناء طنجة المتوسط، ليشكلا معا قطبين استراتيجيين للتجارة الدولية.

أما في الصناعة، فقد تجاوز المغرب مرحلة التبعية، ليصبح بلدا منتجا ومصدرا في مجالات حيوية، من صناعة السيارات إلى الطائرات، مرورا بالطاقة المتجددة والذكاء الصناعي، أرقام الاستثمارات والنمو تشهد على ذلك، وتجعل منه نموذجا صاعدا في المنطقة، إذ أنه اليوم يصنع سيارتين كل دقيقة.

وفي مجال الصحة، لا يمكن الحديث عن المغرب اليوم دون التوقف عند نجاحاته البارزة في هذا مجال، فحين يرفع شعار الإصلاح في هذا القطاع، لا بد من استحضار ما أنجزه خلال جائحة "كورونا"، حيث تحول إلى نموذج عالمي في سرعة الاستجابة، وفعالية الإجراءات، وحسن تدبير الأزمة، وأثبتت المملكة قدرتها على حماية مواطنيها وتحصين اقتصادها في وقت عانت فيه دول كبرى من ارتباك واضح، ويكفي التذكير بأن المغرب يتوفر اليوم على شبكة من أهم وأكبر المستشفيات والمراكز الإستشفائية المجهزة بمختلف جهاته، في دليل ملموس على استدامة الرؤية الصحية وأهمها المركز الاستشفائي الجامعي أبن سيناء بالرباط، المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، المركز الإستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، المركز الإستشفائي بمراكش، والمركز الإستشفائي بوجدة، وباقي المراكز الاستشفائية الحكومية والخاصة بمختلف مدنه، كما يستعد المغرب لافتتاح واحد من أضخم المشاريع الصحية في القارة الإفريقية، والمتمثل في المستشفى الجامعي الدولي محمد السادس بالرباط ، وستبلغ قدرته الإستيعابية 1044 سريرا، من بينها 148 سريرا في وحدات العناية المركزة والإنعاش، و20 غرفة عمليات مجهزة بأحدث التقنيات، إضافة إلى 72 قاعة تدريس مخصصة للتكوين والبحث العلمي في المجال الطبي، هذا المشروع، الذي ينتظر أن يفتح أبوابه مطلع السنة المقبلة، يعكس الرؤية الملكية لجعل المغرب مركزا إقليميا للتميز الطبي، وتوفير خدمات صحية متطورة للمرضى من داخل المملكة وخارجها.

يمضي المغرب بخطى ثابتة في مسار التنمية، لا يزايد على أحد ولا يتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، بل على العكس، يصر على تبني مقاربة مسؤولة وواقعية في التعامل مع كل القضايا، داخليا وخارجيا، وهو ما تجسد في البيان الحكومي الذي أكد التعامل برصانة وحكمة مع مطالب الشباب “GEN Z”، في إشارة واضحة إلى نضج التجربة المغربية وتوازنها.

إن المغرب من خلال مؤسساته، يواصل السير في مسار الإصلاح وتعزيز التجربة الديمقراطية، في وقت يبرهن فيه أيضا على جاهزيته لاحتضان أكبر التظاهرات الرياضية، بما يرسخ صورته كبلد مستقر، منفتح، وقادر على الجمع بين الإصلاح الداخلي والانفتاح الخارجي.