سيتي ويلث: الأمن السيبراني والتحول الرقمي في صدارة التحديات
في ظل التحولات التكنولوجية المتسارعة والاضطرابات الجيوسياسية والاقتصادية، كشفت "سيتي ويلث" عن تقريرها العالمي لمكاتب العائلات لعام 2025، مقدمة صورة شاملة عن سلوكيات وتوجهات المستثمرين من أصحاب الثروات الكبرى حول العالم.
التقرير اعتمد على استطلاع غير مسبوق شمل 346 مكتباً عائلياً من 45 دولة، ضمن شبكة عالمية تضم أكثر من 1,800 مكتب عائلي، ليعكس التغيرات في المزاج الاستثماري واستراتيجيات إدارة الثروات خلال العام الجاري.
التقرير أشار إلى أن الأجيال المؤسسة للثروات ما زالت تسيطر بقوة على قراراتها الاستثمارية، حيث سجلت أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا النسبة الأعلى بواقع 56%، بينما برزت آسيا والمحيط الهادئ كمنطقة يتصدر فيها الجيل الثاني من العائلات بنسبة 43%، ما يدل على نضج تدريجي في انتقال الثروة بين الأجيال.
أما على صعيد التحديات، فقد صنّفت النزاعات التجارية العالمية على أنها مصدر القلق الأول بنسبة 60%، تلتها التوترات الأميركية الصينية بنسبة 43%، ثم الضغوط التضخمية عند 37%. هذه التحديات دفعت العديد من المكاتب إلى إعادة النظر في استراتيجياتها الجغرافية وتنويع الأصول لتقليل المخاطر.
رغم هذه الضبابية، فإن المزاج العام ظل متفائلاً، فقد توقعت غالبية المكاتب العائلية تحقيق نمو في عوائدها خلال 12 شهراً مقبلة، مع ترجيح أن تقود التطورات في الذكاء الاصطناعي وتخفيف التشريعات الأميركية وخفض أسعار الفائدة هذا النمو.
وأكد التقرير أن 40% من المشاركين يتوقعون تحقيق عوائد تفوق 10%، ما يعكس ثقة متزايدة في قوة الاستراتيجيات التكنولوجية والتحول الرقمي.
من أبرز ما كشفه التقرير أن 70% من المكاتب العائلية منخرطة في الاستثمارات المباشرة، فيما زاد 40% منهم نشاطهم خلال العام الماضي بشكل لافت، كما أظهرت البيانات أن الاستثمار في رأس المال الخاص والأصول ذات الحماية الجغرافية المتنوعة أصبح توجهاً رئيسياً، مع اعتماد متزايد على استراتيجيات التحوط والإدارة النشطة لتعزيز المرونة في مواجهة تقلبات السوق.
الذكاء الاصطناعي كان العنوان الأبرز لهذا العام، حيث تضاعفت نسبة المكاتب التي بدأت في تطبيقه مقارنة بالعام الماضي، الاستخدامات شملت أتمتة العمليات وتحليلات الاستثمار، وهو ما يعكس إدراكاً متزايداً لأهمية التكنولوجيا التحويلية في تعزيز الأداء والقدرة التنافسية، رغم أن التكامل الكامل لا يزال يتطلب المزيد من الوقت والاستثمارات.
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، يلفت التقرير الانتباه إلى وجود ثغرات واضحة في مجال الكفاءة المهنية، خصوصاً في إدارة المخاطر التشغيلية والأمن السيبراني وخطط الخلافة القيادية، نصف المشاركين تقريباً أقروا بعدم استعدادهم الكامل للتعامل مع التهديدات الرقمية أو المخاطر الجيوسياسية، ما يشير إلى حاجة ماسة لتعزيز القدرات المؤسسية على هذا الصعيد.
داون نوردبرج، رئيسة قسم التواصل المتكامل مع العملاء في "سيتي ويلث"، أكدت أن مكاتب العائلات تواصل البحث عن فرص استثمارية مباشرة تتيح الانكشاف على التقنيات المستقبلية، لاسيما في القطاعات الرقمية والشركات المبتكرة، بينما شدد ألكسندر مونييه، رئيس الاستشارات العالمية للمكاتب، على أن التحدي الأكبر يتمثل في تعزيز إدارة المخاطر واستقطاب الكفاءات غير الاستثمارية، لضمان استدامة الثروات عبر الأجيال.
تقرير "سيتي ويلث" 2025 يكشف بوضوح أن التكنولوجيا، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، لم تعد مجرد أداة مساعدة بل أصبحت محوراً رئيسياً في قرارات الاستثمار وإدارة الثروات، ومع تنامي التحديات الاقتصادية والأمنية، يبدو أن مكاتب العائلات التي تتبنى الابتكار الرقمي والاستراتيجيات المرنة هي الأكثر قدرة على الحفاظ على ثرواتها وتنميتها في عالم سريع التغير.