التنمر الإلكتروني ظاهرة تتخذ أشكالًا متعددة مثل السخرية، والتشهير، والإقصاء، والتهديد عبر الإنترنت، وأصبحت مشكلة تؤرق الكثير، فما هي أسباب هذه الظاهرة؟ وما هي الآثار المترتبة عليها؟ وكيف يمكن مواجهتها والحد من انتشارها؟
تعريف التنمر الإلكتروني:
يعرف التنمر الإلكتروني بأنه سلوك عدواني متعمد يتم عبر الوسائط الرقمية بهدف إيذاء الآخرين نفسيًا أو اجتماعيًا أو معنويًا، ويشمل ذلك الرسائل المسيئة، ونشر الشائعات، ومشاركة صور محرجة،
وكتابة تعليقات غير مناسبة، وصدور أحكام غير عدله.
أسباب التنمر الإلكتروني:
تتعدد الأسباب التي تقف وراء انتشار التنمر الإلكتروني، ومن أبرزها الانفصال عن الواقع يتيح الفضاء الرقمي للمتنمر الشعور بالخفية وعدم المساءلة، مما يجعله أكثر جرأة في إيذاء الآخرين دون الشعور بالذنب. غياب الرقابة الأسرية، نتيجة ضعف الرقابة من قبل الوالدين، وعدم وعيهم بالمخاطر الإلكترونية يجعل الأطفال والمراهقين عرضة للتنمر أو المشاركة فيه.
ضعف الوازع الديني، والأخلاقي، حيث يؤدي غياب التربية السليمة، وتعزيز القيم الإنسانية إلى تنامي السلوك العدواني.
الفراغ العاطفي أو النفسي، بعض المتنمرين يعانون من مشاكل نفسية أو اجتماعية، ويمارسون التنمر كنوع من التفريغ أو التعويض.
التقليد والمحاكاة، قد يقلد بعض الأطفال والمراهقين سلوك الآخرين دون إدراك لعواقبه، خاصة إذا رأوا هذا السلوك منتشراً في محيطهم.
آثار التنمر الإلكتروني:
تمتد آثار التنمر الإلكتروني لتشمل الجانب النفسي والاجتماعي، مثل القلق والاكتئاب الذي يعاني منه الضحايا مختلط به مشاعر الحزن والضيق وإنعدام الثقة بالنفس، بالإضافة للعزلة الاجتماعية التي تؤدي التنمر وانسحاب الضحية من الحياة الاجتماعية على الميل للانطواء.
التنمر ليس قوة، بل دليل على ضعف داخلي يحتاج إلى علاج لا إلى تأديب فقط:
لمواجهة هذه الظاهرة لا بد من تظافر الجهود بين الأسرة، والمدرسة، والمجتمع من خلال:
التوعية والتثقيف، نشر الوعي حول مخاطر التنمر الإلكتروني، وكيفية الوقاية منه من خلال رجال الدين، والبرامج المدرسية، ووسائل الإعلام.
تعزيز التربية الأخلاقية، من خلال تعليم الأطفال، والمراهقين قيم الإحترام، والتسامح والرحمة منذ الصغر.
فرض رقابة أسرية ذكية، متابعة استخدام الأبناء للإنترنت، وتوجيههم بطريقة إيجابية دون خنق حريتهم.
سن قوانين رادعة من الدولة، يجب أن تضع الدول قوانين صارمة لمعاقبة المتنمرين إلكترونيًا، لحماية الضحايا وردع المعتدين.
تشجيع الضحايا على التحدث، يجب توفير بيئة آمنة تُمكن الضحايا من الإبلاغ عن حالات التنمر دون خوف من اللوم أو العقاب.
تفعيل دور المؤسسات التعليمية، في تنظيم ورش عمل، وندوات لمناقشة هذه الظاهرة، وتوفير مرشدين نفسيين لدعم الطلبة.
ومن هذ المنطلق، ظاهرة التنمر الإلكتروني خطر متزايد يهدد تماسك المجتمع وصحة أفراده النفسية، خاصة في صفوف الشباب والمراهقين، ولكي نتمكن من مواجهته بفاعلية يجب أن نتعامل معه بجدية عبر التوعية، والتربية، والتشريع، والدعم النفسي، فمجتمع المتماسك يقوم على الاحترام والتقبل، ولا يمكن أن يسمح بسلوكيات تؤذي أفراده، وختامًا الإختلاف لا يبرر الإيذاء، ومن يهاجم الآخرين ليشعر بالقوة، هو أضعفهم من الداخل.