رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

لم يعد الذكاء الاصطناعي رفاهية تقنية أو مجرد تطور علمي بعيد عن واقعنا العملي، بل أصبح حاضرًا في كل تفصيلة من تفاصيل حياتنا اليومية؛ وفي مجال التعليم، ساهم الذكاء الاصطناعي في ظهور مفهوم جديد وهو "التعلم الشخصي"، بوصفه أسلوبًا تعليميًا يقوم على تصميم الخبرات والأنشطة التعليمية وفقًا لاحتياجات كل متعلم على حدة، بدلًا من اتباع منهج موحّد لجميع الطلاب، حيث تتمثل الفكرة الأساسية هنا في أن لكل طالب قدرات، واهتمامات، وأنماط تعلم مختلفة، وبالتالي فإن توفير محتوى وأساليب تقييم تتناسب مع هذه الخصائص يزيد من فاعلية التعلم ويعزز الدافعية.
وفي هذا السياق، يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا، في تطوير أساليب "التعلم الشخصي" إذ تساعد الخوارزميات على تحليل أداء الطالب، والتعرف على نقاط قوته وضعفه، ثم تقديم مسارات تعليمية مخصصة؛ مثل: اقتراح تدريبات إضافية، أو إتاحة محتوى بصيغ متعددة (فيديو، محاكاة، نصوص مبسطة).
وقد أتى مفهوم "التعلم الشخصي" كمتدادًا لفكرة "التعليم المتمركز حول المتعلم"، لكنه يتفوق عليه بفضل التقنيات الرقمية التي تمنحه القدرة على تطبيق هذا المبدأ على نطاقٍ أوسع، مع مراعاة الفروق الفردية، مستهدفًا تنشئة طالب فاعل في العملية التعليمية، يتعلم وفق سرعته الخاصة، ويتحكم بدرجة أكبر في كيفية اكتساب المعرفة.
كذلك ساعد الذكاء الاصطناعي في ظهور ما يُعرف بالتعليم التكيفي (Adaptive Learning)، والذي بات مطبق بالفعل في بعض الجامعات العالمية مثل "أريزونا ستيت" بالولايات المتحدة، والتي تراجعت بها معدلات التسرب بنسبة ٢٠٪ بعد اعتمادها على الأنظمة الذكية.
فالتعليم ليس مجرد عملية معرفية بحتة، بل هو صناعة للإنسان وتشكيل للوعي والقيم. ومن هنا لابد من طرح سؤال ضروري: هل سيُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة تعليمية تنقذ الأجيال الجديدة من أزمات التكدس وضعف المناهج؟ أم سيكون خطرًا جديدًا يهدد جوهر العملية التربوية ويُضعف دور المعلم والأستاذ الجامعي ويزيد من الفجوات الطبقية؟
وللإجابة عن هذا السؤال يمكننا القول بأنه لطالما اشتكى المعلمون وأساتذة الجامعات من ضيق الوقت وكثرة المهام الإدارية والروتينية، الملقاة على عاتقهم من إعداد المواد التعليمية بالشكل اللائق، وتصحيح الواجبات والتكاليف الدراسة إلى إعداد الاختبارات. وهنا يأتي الذكاء الاصطناعي ليخفف هذا العبء، فبرامج مثل: Gradescope  تساعد المعلمين بالفعل على تصحيح مئات الاختبارات في دقائق، عبر قراءة خط يد الطلاب أو تحليل الاختيارات المتعددة، وهو ما يعني أن وقت المعلم أو الأستاذ الجامعي يمكن أن يُوجَّه بشكل أكبر للتفاعل الإنساني، للنقاش، وللإبداع.
فالذكاء الاصطناعي قد يكتب امتحانًا أو يشرح درسًا، لكنه لن يزرع القيم أو يشعل الحماس أو يلهم حلمًا، فهذه مهمة الإنسان، مهمة المعلم، مهمة الاستاذ الجامعي. وإذا فقدنا هذا البُعد، فلن يكون الذكاء الاصطناعي خطرًا على التعليم فقط، بل على الإنسان نفسه.