رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

بعد اختفاء أسورة المتحف المصرى:

معامل الترميم.. فى قفص الاتهام !

بوابة الوفد الإلكترونية

المعامل غير مراقبة بالكاميرات.. وليس من حق مفتشى الآثار دخولها لأى سبب

منظومة تأمين المتاحف حاضرة على الورق.. غائبة فى الواقع 

حملة الدفاع عن الحضارة المصرية: حذرنا من تكرار سرقات المتاحف والمخازن الأثرية.. والظروف المناخية عامل مؤثر فى تلف الآثار أيضا

مفتش بالآثار: المسئولية تنحصر فى المسئولين عن معامل الترميم وغياب الكاميرات كارثة

لواء عماد مقلد: وضع نظام إدارى وأمنى دقيق إلكترونى بعد الانتهاء من الجرد.. ضرورة لحماية كنوزنا

أثارت واقعة اختفاء أسورة أثرية من معمل الترميم بالمتحف المصرى الكثير من الجدل والتساؤلات حول قوة تأمين المتاحف المصرية، والأسلوب الأمنى المتبع فى المتاحف على مستوى الجمهورية، خاصة وأن الحادثة هذه المرة كانت فى أهم متحف فى مصر، فما بالنا بالمتاحف الأخرى وخاصة فى المحافظات البعيدة.

 

أكد الخبراء أن ما حدث تم التحذير منه مرارا وتكرارا فى السنوات الأخيرة، خاصة مع تكرار حوادث سرقة الآثار وتبديلها بأخرى مقلدة، مشيرين إلى أن معامل الترميم فى مختلف المتاحف تفتقد إلى منظومة أمنية متكاملة حديثة تستخدم كاميرات المراقبة الحديثة. 

وأشاروا إلى ضرورة تنفيذ خطة جرد لكافة عهد المتاحف المصرية، ورقمنة دفاتر تسجيل الآثار الورقية بعد تنقيتها ومراجعتها، مع مراجعة شاملة لكل القطع الأثرية التى سافرت فى معارض خارجية، مؤكدين أن الأمر لا يقتصر على السرقات فقط بل إن معظم القطع الأثرية مكدسة فى المخازن دون مراعاة للظروف المناخية المتغيرة التى تؤثر على القطع بمرور الوقت وتعرضها للتلف. 

وكانت وزارة السياحة والآثار أعلنت عن اختفاء أسورة أثرية من معمل الترميم بالمتحف المصرى بالتحرير، مؤكدة أنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وإحالة الواقعة للجهات الشرطية والنيابة العامة، وإبلاغ الجهات المعنية كافة لاتخاذ الإجراءات اللازمة فى هذا الشأن، وذلك فور علمها بالواقعة.

وأكدت الوزارة فى بيانها أنه تم تشكيل لجنة متخصصة لحصر ومراجعة المقتنيات الموجودة كافة بمعمل الترميم. 

تحذيرات

الدكتور عبدالرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة
الدكتور عبدالرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة

فى هذا الصدد، قال الدكتور عبدالرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، إنه حذر مرارا فى حملة الدفاع عن الحضارة المصرية من تكرار سرقات المتاحف والمخازن الأثرية. 

وأشار ريحان، إلى أنه طالب بخطة كاملة لجرد كل عهد المتاحف طبقا لدفاتر التسجيل ومقارنتها بالتوصيف والحالة الفنية والصور المسجلة بالدفاتر لاحتمالية وجود سرقات لقطع أثرية يتم استبدالها بقطع مقلدة ووضعها فى العهدة وقد حدث ذلك بأحد المتاحف من قبل. 

وأوضح «ريحان»، أن الأمر لا يقتصر على السرقات فقط بل إن معظم القطع الأثرية مكدسة فى المخازن دون مراعاة للظروف المناخية المتغيرة التى تؤثر على القطع بمرور الوقت وتعرضها للتلف، ما يتطلب جردا كاملا لكل الآثار على مستوى الجمهورية ومراجعة البيانات المسجلة بالدفاتر ومقارنتها بالقطع الأثرية الموجودة بالمخازن، لأن الخطأ فى التسجيل والتوصيف يسهم بشكل كبير فى سرقات الآثار واستبدال بها قطعًا مقلدة. 

وطالب رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، بضرورة رقمنة دفاتر تسجيل الآثار الورقية بعد تنقيتها ومطابقتها بالقطع الأثرية ووضعها على مواقع محلية ودولية لتسهيل عملية كشف أى سرقات للقطع الأثرية واستبدال بها قطعًا مقلدة. 

كما طالب بمراجعة شاملة لكل القطع الأثرية التى سافرت فى معارض خارجية طبقا للتقارير المرفقة بالمعرض التى تسجل توصيفا كاملا للأثر وحالته الفنية قبل السفر، ومكان حفظها حاليا وهل بأحد المتاحف أم بأحد مخازن الآثار وعرض صورها فى مكان حفظها وإصدار بيانات بهذه القطع. 

وأكد ريحان، ضرورة تعامل المسئولين عن الآثار مع الرأى العام باعتبار المصريين أحفاد من صنعوا هذه الحضارة ومن حقهم الاطمئنان على كيفية حماية الآثار بإصدار بيانات واضحة مزودة بالمعلومات عن كل شىء. 

وأشار إلى أنه فى هذا الحدث من حق الرأى العام أن يتم عرض صور مجموعة الملك بسوسنس كاملة وهى من عدة أساور ومعلومات عن اكتشافها وانتقالها للمتحف ودفاتر تسجيلها، وهى الأساور التى أذيع للرأى العام أولا أنها المسروقة، ثم جاء بيان الوزارة لينفى ذلك ولكن البيان يحتاج لتوضيح أكثر بالصور، وبيان أين القطع الخاصة بالملك بسوسنس. 

وتابع، «تأخير البيان الرسمى فى أى حدث يؤدى إلى مزيد من الشائعات والمبالغات تضر بالحدث نفسه والأفضل أن يكون البيان أسرع بعد التحقق من حقيقة الحدث». 

القطعة المسروقة 

وأوضح ريحان أن القطعة الأثرية التى تم سرقتها من معامل الترميم فى المتحف المصرى محل التحقيق طبقا لبيان الوزارة أسورة ذهبية ذات خرزة كروية من اللازورد من مقتنيات الملك أمنمؤوبى من عصر الانتقال الثالث. 

وأضاف ريحان، أن أسباب نقل القطعة من العهدة لمعامل الترميم جاء فى إطار تجهيز بعض القطع الأثرية من المتحف المصرى بالتحرير داخل الصناديق المخصصة لنقلها إلى إيطاليا للمشاركة فى معرض أثرى هناك كما هو متبع فى خروج القطع الأثرية للعرض فى المعارض الخارجية، إذ يتم دراسة الحالة الفنية للقطع قبل سفرها وتسجيلها فى تقرير خاص يتم مطابقته على القطعة أثناء عودتها، حيث إنه يتم التأمين على القطع التى تخرج فى أى معارض بمبالغ كبيرة عن طريق شركات التأمين الوطنية. 

وأشار ريحان، إلى أن الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار وقع فى أغسطس الماضى اتفاقية تعاون مشترك لتنظيم المعرض الأثرى المؤقت «كنوز الفراعنة» مع رئيس مجلس إدارة مؤسسة ALES بوزارة الثقافة الإيطالية فابيو تاليافيرى والمقرر افتتاحه 24 أكتوبر 2026، بقصر سكوديرى ديل كويريناله بالعاصمة الإيطالية روما.

وأوضح ريحان، أن معرض «كنوز الفراعنة» يعد ثانى أكبر معرض أثرى يقام فى إيطاليا حيث يضم 130 قطعة أثرية تم اختيارها من المتحف المصرى بالتحرير ومتحف الفن بالأقصر لتروى قصة الحضارة المصرية العريقة عبر حقب زمنية متعددة من خلال محاور تشمل الملكية والبلاط الملكى والمعتقدات الدينية والحياة اليومية والطقوس الجنائزية والعالم. 

سرقة وليس اختفاء

الدكتور أحمد عامر، الخبير الأثرى ومفتش الآثار بوزارة السياحة والآثار 
الدكتور أحمد عامر، الخبير الأثرى ومفتش الآثار بوزارة السياحة والآثار 

فيما قال الدكتور أحمد عامر، الخبير الأثرى ومفتش الآثار بوزارة السياحة والآثار والمتخصص فى علم المصريات، إن ما حدث فى المتحف المصرى ليس اختفاء وإنما سرقة، لأن كل ما يدخل قسم الترميم فى أى متحف يكون من خلال سجلات صادر ووارد، وهناك مسئول عهدة فى كل معمل ترميم. 

وأضاف عامر، أن القطعة اختفت من معمل الترميم التى غالبا ما تكون خالية من كاميرات المراقبة، مشيرا إلى أن دائرة الاتهام تنحصر فى الأشخاص المسئولين عن المعمل الذى لا يدخله سوى العاملين فيه، كما أن مفتش الآثار ليس له الحق فى دخول معمل الترميم. 

وأوضح مفتش الآثار بوزارة السياحة والآثار، أن وجود الكاميرات فى المتاحف يعتبر أمر جديد ومستحدث، لأن المتاحف لم تكن بها منظومة كاميرات إلا فى السنوات الأخيرة، وبالتالى فالمعامل غالبا ما تكون خالية من الكاميرات، ولذلك لا بد من تنفيذ منظومة أمنية باستخدام الكاميرات فى كل معامل الترميم داخل متاحف الجمهورية كلها، لأن نسبة ليست بالقليلة لا تحتوى على كاميرات. 

وأشار إلى أن المسئولين لم يكن ليعلموا باختفاء القطعة لولا أنها كانت ضمن القطع التى سيتم عرضها فى إيطاليا خلال الفترة المقبلة، موضحا أن هذه الأسورة الذهبية صغيرة الحجم، ومن الممكن إخفاؤها داخل الملابس والخروج بها من المتحف بسهولة، وهنا تظهر تساؤلات حول هل يتم التفتيش عند الخروج من المتحف أم لا وهل هذا التفتيش جيد أم روتينى. 

وتابع، «الكارثة تتمثل فى أننا لا نعرف أين ذهبت هذه القطعة الآن، وهنا يأتى دور النيابة العامة والأجهزة الأمنية التى ستتولى التحقيق فى الأمر، لكن تتبع هذه القطعة سيكون صعبا خاصة وأن الجانى لن يترك وراءه أدلة، لأنه غالبا لن يستخدم التليفون فى إرسال أو استقبال أى معلومات حول هذه الجريمة الخطيرة».

وأشار عامر، إلى أن «فتارين» العرض فى المتاحف لها أختام ولا يجوز فتحها إلا بوجود أمين المتحف المسئول عنها، والأمر نفسه مع مسئول معمل الترميم إذا استلم أى قطعة لترميمها فإنها أصبحت فى عهدته ومسئول عنها، وعند تسليمها بعد الترميم يقوم بكتابة تقرير لإخلاء مسئوليته عنها. 

وأكد الخبير الأثرى، أن هذه الجريمة تحدث بنسبة 1 فى ألف، لأنه لن يسرق أحد عهدته المسئول عنها، لكن قد يكون هناك نوع من الطمع قد حدث فى هذه الجريمة، مشيرا إلى أن ما حدث يندرج تحت جرائم سرقة أثر لا يقدر بثمن والإخلال بالوظيفة وإهدار مال عام، وعقوبته الحبس أو التحويل لمجلس تأديب والفصل من الوظيفة.

وحتى نمنع تكرار هذه الكارثة، قال عامر، إنه لابد من تنفيذ منظومة تأمين كاملة فى معامل الترميم باستخدام الكاميرات التى تعمل فى الليل وعند انقطاع الكهرباء أيضا، مع تنفيذ حملات جرد مفاجئة بين فترة وأخرى قد تكون 10 أيام أو أقل حتى نتأكد من حماية كنوزنا الأثرية بشكل جيد.

مشكلة قديمة

وأكد اللواء عماد الدين مختار مقلد، مدير عام الشئون المالية والإدارية بالمجلس الأعلى للآثار الأسبق، أن اختفاء الأسورة ليس إلا حلقة من سلسلة لا دخل للعاملين حاليا بها.

أضاف مقلد، أن ما حدث مشكلة ازلية وعلاجها يبدأ أولا من الجرد الفعلى والانتهاء منه مهما كانت النتائج مع تهيئة الرأى العام أنه من الوارد وجود خلل جسيم من عشرات السنين ولا يتحمل القائمون عليها الآن مسئولية أى خلل يتضح. 

وأوضح مدير عام الشئون المالية والإدارية بالمجلس الأعلى للآثار الأسبق، أنه لا بد من إخطار الأجهزة الرقابية بفحص الذمة المالية لكل العاملين بالمتحف دون استثناء مع المتابعة المستمرة والجادة. 

وتابع، «يجب وضع نظام إدارى وأمنى دقيق على أعلى مستوى إلكترونى بعد الانتهاء من الجرد، بالإضافة إلى البحث عن تقارير اللجان السابقة وبيان أسباب عدم استكمال أعمالها ونتائج الجرد لأن الوقاية خير من العلاج».