المستشار أسامة شحاتة العضو المنتدب لشركة «الشروق» للوساطة فى الأوراق المالية:
الطروحات الأخيرة فى البورصة... لعبة تبادل المنافع
5 محاور تعيد الشركة لمسارها الصحيح
فكر بجرأة، ابتكر بشغف... دع أثرك يتجاوز كل الحدود، ليبقى حيا فى الذاكرة... أد رسالتك على أكمل وجه، اقتحم المستحيل، لتصيغ منه واقعًا جديدًا...هكذا تصنع الحضارات، وهكذا تُكتب أسماء العظماء على الجدران.... رحلتك ليست إلا سطورًا فى كتاب كبير، يكتبه العظماء بعرقهم، ويوقعونه بأثرهم..... أدِّها كما يؤدى المبدع سيمفونيته الأخيرة، بروحٍ متقدة وإيمانٍ لا يخبو، حتى إذا طويت صفحتك، بقى صداها يتردّد، كأنك لم تغب قط....وكذلك محدثى جعل كل فعل قصة، وكل كلمة بصمة، وكل خطوة إرث لا يذوب مع الأيام.
من يحمل هدفًا عظيمًا فى قلبه، يسر بخطاه ثابتة، كمن يسير فوق جسرٍ من نارٍ لا يخشى الاحتراق، لأنه يرى فى نهاية الطريق نور الانتصار.. قد يتعثّر، وقد يسقط، لكن عزيمته أشبه بصخرةٍ تتكسر عليها أمواج التحديات.. وعلى هذا الحال كانت مسيرته.
المستشار أسامة شحاته العضو المنتدب لشركة «الشروق» للوساطة فى الأوراق المالية.... أجاد أن يكون رقيبًا بوجه، ومرنًا بوجه آخر... لا يتحرك بعشوائية ولا يترك للصدفة مجالًا، بل يرسم مساراته بخطوط دقيقة، قرارٍه جزء من لوحة كبرى يرسمها بعناية، خدمة الآخرين أكبر سعادته.
على بعد خطوات قليلة من ميدان التحرير، الميدان الذى لا يختصر فى كونه ساحة واسعة، بل ذاكرة حية تسرد للأجيال حكايات لا تنطفئ، يقف الزمن عند أحد الشوارع الجانبية.. مبنى أثريًا شامخًا جدرانه ليست مجرد أحجار، بل خزائن أسرار تُخفى بين طياتها قصصًا من عبق الماضى.
عند مدخله الرئيسى، يقودك ممر ضيّق، كأنه ممر بين زمنين، يفضى فى نهايته إلى مصعد تقليدى، معدنه يئنّ مع كل حركة، كأنه يُخبرك عن آلاف الأقدام التى ارتقت به عبر العقود، يوصلك إلى ممر آخر أكثر هدوءًا، صامت إلا من همسات العمل، وصوت متقطع لمفاتيح الحاسوب.
فى الغرفة المقابلة للمدخل، يبهرك بساطتها؛ مكتب خشبى يتنفس النظام، تتناثر فوقه قصاصات ورقية، وملفات مرتّبة بعناية. لكن خلف هذا المشهد البسيط، تستقر أجندة، ليست دفترًا عاديًا، بل مرآة زمن، سجلّت تفاصيل رحلة طويلة من الصبر والمثابرة. صفحاتها تحكى كيف واجه صاحبها التحديات، وكيف عبر العواصف بعزم لا ينكسر، رسم لنفسه طريقًا، يقترب به يومًا بعد يوم من الحلم الذى طالما تمناه.. إنه ليس مجرد مكتب، ولا مجرد أجندة، بل ملحمة إنسان آمن بأن الاجتهاد وحده كفيل بأن يصيغ المستقبل.
حكمة فى التحليل، وهدوء فى السرد، دقة فى المعلومة… تلك كانت سماته التى طبعت مسيرته الرقابية... لم يكن عمله مجرد وظيفة، بل رحلة متواصلة من الانضباط والوعى، جمع فيها بين عين تفحص أدق التفاصيل، وعقل يزن الأمور بميزان العدل، وقلم يسجل الحقائق بوضوح وشفافية....يقول إنه لم يكن طريق الاقتصاد الوطنى مفروشًا بالورود، فقد عصفت به رياح خارجية وداخلية تركت بصماتها واضحة على مسار انطلاقته. وبينما كانت التوقعات تشير إلى عام 2025 كبداية لنهضة اقتصادية جديدة، مدفوعة بتدفقات النقد الأجنبى المرتبطة بمشروعات رأس الحكمة الاستثمارية، وما رافقها من استثمارات خليجية ضخمة منحت سعر الصرف قدرًا من المرونة، جاءت المتغيرات الخارجية لتربك الحسابات. اشتعال الصراعات العسكرية فى المنطقة كان كفيلًا بخلط الأوراق، وتأجيل كثير من الآمال المعلقة على الانطلاقة المرتقبة.
يستطرد أن «التحديات الداخلية لم تكن أقل وطأة، حيث يقف التضخم المرتفع فى صدارة المشهد، ضاغطًا على معيشة المواطنين ومهددًا استقرار الأسواق. ومع ذلك، تسعى الحكومة جاهدة لوضع حلول متدرجة للتعامل معه، فى الوقت الذى شهدت فيه أسعار الفائدة تراجعًا ملحوظًا، بما يعزز قدرة السوق على الحركة، ويدعم عجلة النشاط الاقتصادى. يضاف إلى ذلك ملف خدمة الدين الذى بلغ مستويات مرتفعة، ما يجعله تحديًا لا يقل خطورة عن العوامل الخارجية، لكنه أيضًا جزء من معركة الإصلاح التى لا بد من خوضها».
< إذاً كيف ترى المشهد الاقتصادى خلال الفترة القادمة؟
- بفكر يتسم بالعمق، والتحليل يجيبنى قائلًا: «إن الدولة تمضى بخطى محسوبة، مدفوعة برؤية استراتيجية واضحة المعالم، تنفذ بدقة، فهذه الرؤية لا تقتصر على الإصلاحات التقليدية، بل تحمل طموحًا للخروج من العباءة الثقيلة لصندوق النقد الدولى، والانطلاق نحو استقلالية اقتصادية أكثر صلابة».
يستطرد قائلًا: «إن الركيزة الأساسية لهذه الخطة تتمثل فى تعظيم الصادرات بمختلف أشكالها، ليس فقط كأرقام، بل كرسالة تؤكد قدرة الاقتصاد الوطنى على المنافسة فى الأسواق العالمية، وإلى جانب ذلك، تتبنى الحكومة سياسة رشيدة تقوم على ترشيد فاتورة الاستيراد، مع التوسع فى إحلال المنتجات المحلية محل الواردات، بما يخفف الضغط على العملة الأجنبية ويفتح المجال أمام الصناعات الوطنية للنمو والازدهار».
رؤية لا تُعالج الحاضر فحسب، وفقًا لرؤيته بل تؤسس لنهج استمرارية طويل الأمد، يضمن تدفقًا مستدامًا للعملة الصعبة، ويضع الاقتصاد الوطنى على طريق أكثر توازنًا واستقلالًا، حيث يصبح الإنتاج المحلى ليس بديلًا فقط، بل هو خيار يرسخ الثقة ويعزز الاكتفاء الذاتى.
دائم التفكير، وعقله لا يعرف السكون يتجلى ذلك فى حديثه عن السياسة النقدية، والدور الكبير الذى لعبه البنك المركزى فى تحقيق الاستقرار، للاقتصاد من خلال أدواته المالية، حيث إنه ظل سنوات ينتهج سياسة انكماشية، تقوم على رفع أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم، والحفاظ على الأموال الساخنة، المرتبطة بسعر الصرف، بالإضافة إلى أن استمرار الدولة فى الوصول إلى مستهدفات فى أسعار الفائدة، بما يسهم فى انتعاش الاقتصاد، وتحقيق التنمية المستدامة.
برؤية صادقة لا يشوبها غموض، يترك أثرًا واضحًا كلما تحدث عن ملف الاقتراض الخارجى وتزايد أعبائه الثقيلة على كاهل الاقتصاد، لكن قد يكون فى مصلحة الدولة، إذا أحسن استغلاله، وإدارته، كما يرى أن الحل لا يكمن فى المزيد من القروض، بل فى انتهاج مسارات أكثر استدامة، تقوم على توسيع نطاق الشراكات مع الكيانات الكبرى، سواء كانت داخلية أو خارجية، باعتبارها رافعة حقيقية للنمو وداعمًا قويًا للاستقرار، بالإضافة إلى أن نجاح الإجراءات الإصلاحية، أسهم فى تعافى العملة المحلية.
ويؤكد أن هذه الشراكات ليست مجرد بديل عابر، بل خيار استراتيجى أفضل بكثير من بيع الأصول الوطنية التى تمثل قيمة متجذرة فى الاقتصاد،ومن هنا ينبع إيمانه بضرورة تمسك الدولة بحصصها فى الشركات المنتجة، وعدم التفريط فيها، لأن الحفاظ على هذه الأصول يعكس حماية للثروة الوطنية وضمانًا لاستمرار مردودها للأجيال القادمة.
يمضى بخطى ثابتة، حتى وإن كانت بطيئة، بنفس الحال يتناول ملف السياسة المالية، حيث يعتبر ان المرونة التى شهدتها السياسة المالية، كانت بهدف استقطاب ممولين جدد، بما يعمل على زيادة الحصيلة الضريبية، وهو امر طبيعى فى اقتصاديات الدول المتقدمة، لكن يجب أن تعود هذه الضرائب للمواطنين، فى صورة خدمات، على أن تضم هذه المرونة على التحفيز للإنتاج، بالإضافة إلى الاهتمام بالاقتصاد غير الرسمى، وضمه إلى المنظومة الرسمية، بخلاف تقديم المزيد من الدعم عبر التسويق، الترويج، ومساعدة أصحاب القطاع فى التحول إلى المنظومة الاقتصادية.
رغم ما يشهده المشهد الاقتصادى من محاولات متواصلة، فإن تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة لا تزال دون مستوى الطموح، الأمر الذى يثير جدلًا واسعًا بين الخبراء والمراقبين. غير أن محدثى ينظر إلى الأمر من زاوية مختلفة، إذ يؤمن بأن الأرقام الحالية، وإن لم تصل بعد إلى ما يتناسب مع قوة الاقتصاد الوطنى وإمكاناته، إلا أن السوق المحلى ما زال يتمتع بجاذبية خاصة تجعله فى مقدمة اهتمامات المستثمرين، وبميزة تنافسية تميّزه عن كثير من اقتصاديات المنطقة.
ويُبرز فى حديثه أن منطقة قناة السويس تتصدر قائمة المناطق الأكثر جذبًا للأموال الأجنبية، لما تملكه من موقع استراتيجى وفرص استثمارية لا تُقدّر بثمن، تجعلها نقطة ارتكاز رئيسية فى خريطة الاستثمار العالمية...وهذه الميزة – كما يوضح – لن تتحول إلى نتائج ملموسة ما لم تُدعَم ببيئة تشريعية متطورة، يتم تفعيلها وتنفيذها على أرض الواقع لضمان استقرار المستثمرين وزيادة ثقتهم. وفى السياق ذاته، يشدد على أن المستثمر المحلى يمثل الدعامة الحقيقية للاستثمارات، وأساس تدفقاتها، ومن ثم فإن الدولة مطالبة بمنحه كامل الدعم وتوفير الحوافز التى تعزز قدرته على النمو، ليصبح شريكًا فعّالًا فى جذب الاستثمارات الأجنبية، لا مجرد متفرج عليها.
< لكن بماذا تفسر اتجاه العديد من الشركات العاملة فى السوق المحلى بالتوسع فى الأسواق الخارجية... وهل هذا توسع أم هروب؟
- حيرة ترتسم على ملامحه قبل أن يجيبنى قائلًا إن «اتجاه الشركات المحلية، إلى الأسواق الخارجية، بهدف التوسع، والانتشار وليس من أجل الهروب».
ما تزرعه اليوم من حلم وإصرار، سيغدو غدًا جذورًا راسخة تمتد فى عمق المستقبل. وفى هذا السياق، يطل ملف القطاع الخاص كقضية محورية، إذ يواجه تحديات معقدة وعراقيل متكررة، تعوق انطلاقته وتضعه أمام منافسة غير عادلة، على الرغم من مساهمته الكبيرة فى الناتج المحلى الإجمالى، ودوره المحورى فى دفع عجلة النمو المستدام عالميًا، مع العمل على ضرورة تنفيذ وثيقة ملكية الدولة، التى باتت حبراً على ورق.
لا يكتفى بالأحلام، بل يحوّلها إلى واقع ملموس. وبنفس الإيمان الراسخ، يتناول ملف القطاعات القادرة على قيادة قاطرة الاقتصاد، مسلطًا الضوء على الصناعة، والزراعة، والتصنيع الزراعى، فهى قطاعات لا تكتفى بترشيد فاتورة الاستيراد، بل توفر أيضًا طاقات هائلة من فرص العمل، ما ينعكس بدوره إيجابًا على خفض معدلات البطالة ودعم استقرار المجتمع».
لا يخفى شغفه بسوق المال، إذ يضع برنامج الطروحات الحكومية فى صدارة أولوياته، مؤمنًا بأن الاكتتاب فى البورصة يمثل شهادة نجاح للشركات، وبوابة رئيسية لجذب التدفقات الاستثمارية. ومن هذا المنطلق يرى أن الطرح عبر البورصة أكثر جدوى من البيع لمستثمر استراتيجى، خاصة فى ظل جاهزية السوق وتوافر السيولة التى تعززت مؤخرًا عقب موجة خفض أسعار الفائدة.
< ما تعقيبك على الطروحات الأخيرة فى البورصة؟
- ارتسمت على وجهه علامة استفهام قبل أن يجيبنى قائلاً: «إن الشركات التى طُرحت مؤخرًا فى البورصة يغلب عليها الطابع الخدمى لا الإنتاجى، فلا تضيف قيمة حقيقية للاقتصاد، وإنما تقتصر على كونها تبادل منفعة».
بالعزيمة تهزم العقبات، وهو ما يميزه، ويتجلى ذلك فى مطالبه للبورصة، التوسع بمنح الشركات التى تحظى بخبرة، وكفاءة رخصة صانع السوق، وتفعيله، بالإضافة إلى التيسير عمليات القيد فى البورصة.
يحول كل تحد إلى فرصة، وكل عثرة إلى نقطة انطلاق جديدة، وهو ما تميز به طوال مشواره العملى، يعمل على تحقيق مستهدفات لإعادة الشركة مرة أخرى للسوق والريادة، حيث يسعى لتنفيذ 5 مستهدفات، تتمثل فى العمل على تلبية تخارج أحد المساهمين فى الشركة، وإعادة تشكيل مجلس الإدارة، وكذلك العمل على إزالة كل المخالفات الموقعة على الشركة قضائيًا، ومتابعة القضايا المثارة فى هذا الشأن، والتقدم للرقابة المالية لإعادة النظر فى قيمة التأمين الخاص بالشركة، مع إعادة تجهيز الشركة تكنولوجيا.
إصرار لا يلين، وتنفيذ لا يعرف التراجع، وهذا ما يمنحه التفرد حريص على حث أولاده على الاستثمار فى النفس وخدمة الاخرين..لكن يظل شغله الشاغل مع مجلس إدارة الشركة عودة الشركة بقوة للسوق من جديدة، وتصحيح مسارها... فهل ينجح فى تحقيق ذلك؟