رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

لم تَكن لحظةُ ميلادُ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سوى إعلان جديد لإحياء البشرية من وحشيتها وانحدارها عن الأخلاق والقيم وفطرة الله التى فطر الناس عليها، جاء ميلاده بداية لزوال كل الأغلال والقيود التى أسرت البشرية وغيبتهم فى ظلامات الجهل والاستغلال والعبودية والاستعلاء بالقوة فأزالت ملك الفرس والروم، وأقامت دولة العدل والحق والحرية، وجعلت العلاقة بين الشعوب علاقة تعارف وتعاون وليس اقتتال وتصادم، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} {الحجرات:13}، وكان ميلاده بداية لهدى يؤمن بالاختلاف والتنوع ويرفض الإقصاء والعنصرية قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ} «الروم: 22»، ميلاد إعلان لتكريم الإنسان مطلق الإنسان فقال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}. «الإسراء:70»، لذلك يأتى الاحتفال هذا العام بميلاد الرسول وقد أشبهت الليلةُ البارحةَ، فها هى البشرية تعود إلى غطرسة القوة وانعدام الإنسانية وعاد الإنسان إلى عالم الغاب يقتل القوى الضعيف، فرأينا حروب الإبادة وتفشى الصراعات والحروب الأهلية وتفتيت الأمم، وللأسف الشديد أصاب الأمة العربية والإسلامية النصيب الأكبر من كل هذا، وخير دليل على ذلك ما يحدث فى فلسطين من إبادة، وفى السودان من حرب أهلية وفى سوريا والعراق ولبنان وليبيا من انقسام وطائفية وفرقة وتحزب.. إلخ، ومشروعات التقسيم والتفكيك أصبحت معلنة، والعدو يحلم بدولته الكبرى، لذلك كان من المهم أن نُذكر الأمة فى ذكرى مولده صلى الله عليهم بأنها خير أمة أخرجت للناس، وأن هذه الخيرية مكمنها شرع شريف، وأمة كالجسد الواحد، وقوة ترهب العدو، ووحدة تجمع الصف، وتعاون يستغنى به عن الأخر، وأخوة صادقة تتجلى عند الشدائد والأزمات وجسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له كل الجسد بالسهر والحرية، لذلك فلنجعل الاحتفاء بمولده تذكير لنا بأن مولدة الشريف هو ميلاد حياة وأمل، ميلاد عدل ورحمة، ميلاد حرية وعزة، فلنجعل من ذكرى مولده بداية للاتحاد والوحدة فلنتعلم من جنابه الشريف كيف جعل الأوس والخزرج أنصار، وجعل الأنصار والمهاجرين أمة، وجعل الأمة قائدة للبشرية نحو الإنسانية الرحيمة والبناء الخلاق والعمارة المثمرة، فليكن ميلاده ميلاد حياة جديدة لنا، فنعتصم ونتحد مصداقا لقوله تعالى {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} «آل عمران: 103»، ميلاد تجمع وعدم تفرق وتنازع وتشرذم مصداقا لقوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}«الأنفال: 46»، ميلاد تعاون وتوافق ويد واحدة فى وجه أرباب الإثم والعدوان مصداقا لقوله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} «المائدة: 2»، ميلاد حق وصبر وتراحم مصداقا لقوله تعالى:{وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} «العصر: 3»، وقوله: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} «البلد: 17». فلنجعل من ذكرى مولده إحياء جديد للأمة وحدث باعث للأمل، كما كان مولده كذلك.

 

من علماء الأزهر وأئمة الأوقاف