حكاية وطن
فى زيارة خاطفة إلى قنا، علمت أن أجهزة الأمن هناك ممثلة فى مديرية أمن قنا وعلى رأسها اللواء محمد حامد، مدير الأمن، واللواء أحمد بديوى مدير المباحث الجنائية، فى مهمة قومية واجتماعية وإنسانية أيضا لمحاربة «الشبو» وتجاره لإنقاذ الشباب من السقوط فى الإدمان، وهو إنقاذ للثروة القومية التى تمتلكها مصر للمستقبل، جهود مشكورة يقوم بها ضباط قنا فى كافة المراكز والمدن والقرى فى صمت، وأسفرت عن ضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة وعلى رأسها «الشبو» الذى أصبح شبه منتشر فى أيدى الشباب.
بداية ظهور مخدر «الشبو» كان فى الولايات المتحدة الأمريكية، وأصبح ينتشر فى مصر خاصة فى الصعيد، وتفوق مخاطره جميع أصناف المواد المخدرة الأخرى من بينها الهيروين، وأصبح سبباً رئيسياً فى جرائم اغتصاب وقتل وانتحار، وطبقاً لبعض التقارير الطبية فإن مركبات مخدر «الشبو» تأتى من «الميثا أمفيتامين»، والتى تعرف بأنها منشطات شديدة التأثير وسريعة الإدمان، وتسبب حالة من الهلوسة السمعية والبصرية، وتدمر القلب وانفجار شرايين المخ والجلطات، بالإضافة إلى الشيخوخة المبكرة، وتساقط الأسنان، وفقدان جزئى للذاكرة، وضعف المناعة وانفصام الشخصية.
كما يسبب إدمان الشباب لـ«الشبو» الإصابة بالأمراض النفسية التى تدفعهم للانتحار نتيجة للتغير الحاد فى الحالة المزاجية للمدمن.
خلال الفترة الأخيرة نجحت الأجهزة الأمنية فى إحباط محاولات عدة لتهريب مخدر «الشبو» داخل البلاد فى الموانئ بعد رصدها بالتنسيق مع الجهات المعنية والسلطات الجمركية فى الموانئ والمطارات، ويطلق على «الشبو» أو «الآيس» مخدرات الشوارع بسبب رخص سعرها وسهولة تصنيعها، ويتم تعاطيه عن طريق الاستنشاق أو البلع أو التدخين أو الحقن.
والسؤال: لماذا يلجأ الشباب إلى المخدرات رغم خطورتها على صحتهم، ومعرفتهم بمخاطرها وإلمامهم بالنهاية التى تنتظر المدمن لأى نوع من المخدرات؟ هل هى الضغوط النفسية والرغبة فى الهروب من الواقع ونسيان المشاكل؟ أم بسبب تأثير البيئة المحيطة وضغط الأقران، خاصة بين المراهقين والشباب؟ أم أن الفضول وحب التجربة يدفعان الكثير من الشباب إلى تجربة المخدرات؟ أم أن فى تقديرى أن غياب الترابط الأسرى وكثرة المشكلات العائلية مثل الطلاق أو الإهمال أو العنف المنزلى عوامل رئيسية وراء هروب الشباب إلى المخدرات بسبب ضعف الرقابة الأبوية أو غياب القدوة الإيجابية يجعل الأبناء أكثر عرضة لتأثير الأصدقاء، كما أن هناك عوامل وراثية وبيولوجية أثبتتها الدراسات قد تجعل بعض الأشخاص أكثر قابلية للإدمان من غيرهم، ووجود تاريخ عائلى للإدمان أو اختلافات فى كيمياء الدماغ مما يزيد من خطر تعاطى المخدرات وتطور الإدمان بسرعة، كما أن هناك أسباباً أخرى لإدمان الشباب منها سهولة الحصول على المخدرات سواء عبر الإنترنت أو فى بعض البيئات الاجتماعية.
أياً كانت الأسباب التى تؤدى إلى الإدمان وأياً كانت طرق وصولها إلى الشباب، فإن الشباب المصرى هم ثروة مصر القومية وأمنها القومى الذى لا يجب التفريط فيها، أو تركها فريسة للمتربصين بإفساد هذه الثروة من مهربى المخدرات من الخارج أو المروجين لها بالداخل، فإلى جانب الجهود الدؤوبة لأجهزة مكافحة المخدرات سواء فى الصعيد على مستوى محافظتى قنا وسوهاج التى ظهر فيهما «الشبو» بكثرة ولا تألو أجهزة الأمن فى المحافظتين جهداً فى ضبط هذه المواد ومصادرتها وتقديم المتهمين بترويجها للمحاكمة، رغم أن جهود أجهزة الأمن فى كافة الموانئ والمطارات وفى المدن لن تتوقف عن ضبط مروجى هذه السموم التى يحاولون بها قتل شباب بلدنا، فإن على الأسر دورا مهما فى رعاية الأبناء لا يجب أن يتوقف وأدعوهم لبناء علاقات قوية مع الأبناء ومتابعتهم باستمرار، وتعزيز الثقة بالنفس لدى الأبناء وتدريبهم على مقاومة ضغط الأصدقاء كما أن على المدارس دورا مهما يقوم على نشر الوعى بمخاطر المخدرات وتقديم الدعم النفسى لمن يمرون بأزمات أو ضغوط قوية.