رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

تأملات

 

فى رائعة الأديب الروسى ديستوفيسكى «الأخوة كارمازوف»، عبارة بالغة الدلالة عبر عنها الفيلم المصرى الذى حمل عنوان «الأخوة الأعداء» ببساطة بالغة تقول: إذا لم يكن الله موجودا فكل شيء مباح حتى الجريمة! على المنوال ذاته، فإن العقيدة الإسرائيلية تحمل مبدأ أنه مهما كانت صداقتك بأى من الدول، فإن كل السلوكيات معها مباحة حتى العدوان!!

بعيدا عما تدفق من أخبار، وبعيدا عن الفرضية التى تقول إن القصف الإسرائيلى لمقار حماس فى قطر، ربما جاء بترتيب مع الدوحة، فإن هذه مجرد خواطر أولية يفرضها الحدث ذات دلالة مهمة فى سياق رؤية المشهد ككل فى المنطقة. اعترف بأننى شخصيا فوجئت بهذه العمليات رغم التنويه الإسرائيلى عن استهداف قادة حماس فى الخارج. ومصدر المفاجأة خصوصية قطر سواء فى اللحظة التى نعيشها أو غيرها، فالدوحة هى التى تقود بالإشتراك مع مصر مسيرة التهدئة والعمل على وقف النار، وأعتقد أن فى ذلك فضلا كبيرا من جانبها على اسرائيل لجهة التخفيف عن تل أبيب من عبء العمليات وتليين مواقف حماس فى الكثير من محطات التفاوض. ومنطق الأشياء أن رد المعروف إنما يكون بالمعروف ولكن الرد الإسرائيلى جاء متسقا مع المثل القائل: إن أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أكرمت اللئيم تمرد. واعتقد أنه لا شك لديك أو لديَّ أنا شخصيا فى أن اسرائيل ينطبق عليها وصف اللئيم بامتياز.

من ناحية ثانية فإن مصدر الدهشة أن الدوحة لم تتطوع من نفسها لاستضافة قادة حماس ولم تخجل من أن تعلن فى وقت من الأوقات أن ذلك تم بناء على رغبة وترتيب مع الولايات المتحدة، بما يعنى أنها فى كل الأحوال لا ناقة لها ولا جمل – بشكل سلبي–فى مسيرة الصراع التى تحتل إسرائيل طرفا رئيسيا فيه، ما يفرض احترام سيادتها وعدم ادخالها فى دوامة صراع ليس لها رغبة فيه أو طاقة على التعامل معه.

من ناحية ثالثة، وفى إطار الفكرة القائمة على إنكار الجميل، فإن الدوحة ربما تكون – من منظور إسرائيلي– صاحبة الفضل كل الفضل فى فتح الجبهة الخليجية على مصراعيها للتطبيع واقامة علاقات كاملة مع الكيان أو ما كان يسمى كيانا فى اللغة السياسية السائدة فى الخليج. صحيح أن ذلك أنتج منافسين لقطر فى الخليج أيضا فى ذات التوجه تفوق على أدائها، ولكن قطر صاحبة ضربة البداية بما كان يفرض التعامل معها على نحو مختلف أو حفظ ماء وجهها إن صح التعبير.

تبقى دلالة تلك العملية، والتى ربما تتمثل فى نقطة أساسية واحدة ووحيدة وهى التأكيد أن لإسرائيل اليد الطولى فى المنطقة، والتى يجب على دولها أن تصمت إذا تكلمت تل أبيب، وأن تخاف إذا عطست الحكومة الإسرائيلية، وأن تطأطئ رؤوسها إذا مر نتانياهو أمامها!! بمعنى آخر أن تل أبيب تسعى للتأكيد على أنها القوة العسكرية الأكبر فى المنطقة التى يجب ألا يفكر أحد ليس فى منافستها وإنما حتى مجرد التفكير فى المس بأهدافها!

بهذا المنطق فإسرائيل عملاق وسط أقزام، دولة قوية وسط ضعفاء. وبهذا المنطق أيضا القائم على لغة القوة فى منظور البعض، ولغة البلطجة فى منطور البعض الآخر ليس من المستبعد مثلا أن تقوم تل أبيب بقصف سفارة فلسطين فى دولة خليجية أخرى لمجرد أن تلك السفارة تنطلق منها جهود السلطة الفلسطينية لتحقيق هدف الاعتراف بإقامة دولة مستقلة!

بعيدا عن الغضب والانفعال فإن العملية الإسرائيلية ضد الدوحة يجب أن تكون جرس انذار مختلف عما ستكون عليه المنطقة حال تحقق فكرة الهيمنة الإسرائيلية، ويتطلب ذلك ردود فعل مضادة ربما تقصر مساحة هذه السطور عن التفصيل فيها.

[email protected]