سداسية إسبانيا في شباك تركيا تعيد لأبناء إسطنبول ذكرى من عام 1984

حقق المنتخب الإسباني فوزًا عريضًا ومثيرًا على نظيره التركي بنتيجة 6-0، في اللقاء الذي جمعهما مساء الأحد ضمن التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم للأندية 2026، ليكتب "لا روخا" واحدة من أثقل الهزائم في تاريخ المنتخب التركي على أرضه.
هذه النتيجة الكاسحة أعادت للأذهان السقوط التاريخي لتركيا أمام إنجلترا في عام 1984، حين خسر الأتراك على ملعبهم بالنتيجة ذاتها، ليظل الفارق الزمني بين الهزيمتين شاهداً على أن مثل هذه السقوطات تترك جرحاً عميقاً في الذاكرة الكروية.
أداء هجومي كاسح لإسبانيا
منذ الدقائق الأولى للمباراة، فرضت إسبانيا سيطرتها الكاملة على مجريات اللعب، بفضل تحركات لاعبيها وسرعة تداول الكرة. المنتخب التركي بدا عاجزاً عن مجاراة نسق الضغط العالي الإسباني، وهو ما سمح للضيوف بفرض أسلوبهم وتحويل المباراة إلى مهرجان أهداف.
التنوع في طرق اللعب كان واضحاً من جانب الإسبان، حيث جاءت الأهداف من اختراقات عبر الأطراف، وتمريرات قصيرة متقنة في العمق، إلى جانب التسديدات بعيدة المدى. هذا التوازن منح المنتخب الإسباني قوة مضاعفة جعلت دفاع تركيا في حالة ارتباك دائم.
تركيا في ليلة للنسيان
بالنسبة للمنتخب التركي، فقد شكلت هذه المباراة صدمة كبيرة لأنصار الفريق، خاصة أن اللقاء أقيم على أرضهم ووسط حضور جماهيري غفير كان يأمل في تحقيق نتيجة إيجابية أمام أحد عمالقة القارة الأوروبية.
لكن الأداء الدفاعي الهش وفقدان التركيز في خط الوسط جعلا المنتخب التركي عرضة للانهيار.
الحارس التركي وجد نفسه في موقف صعب طوال اللقاء، إذ تعرض لوابل من التسديدات لم يتمكن من إيقافها، وسط غياب التغطية الدفاعية اللازمة. ومع كل هدف إسباني، بدا أن الفريق المضيف يفقد الأمل تدريجياً حتى انتهى اللقاء بأثقل نتيجة له منذ أربعة عقود.
مكاسب كبيرة للمنتخب الإسباني
على الجانب الآخر، جاء هذا الفوز ليؤكد أن المنتخب الإسباني يسير بخطى واثقة نحو استعادة مكانته كقوة كبرى في القارة العجوز. فالأداء لم يكن مجرد انتصار رقمي، بل عكس انسجاماً واضحاً بين عناصر الفريق، خصوصاً في ظل الاعتماد على مزيج من اللاعبين المخضرمين والوجوه الشابة التي بدأت تجد لنفسها مكاناً أساسياً في التشكيلة.
المحللون اعتبروا أن الفوز يعكس نجاح المدرب الإسباني في تطبيق أسلوب لعبه القائم على الاستحواذ والسيطرة المطلقة على وسط الملعب، مع مرونة تكتيكية واضحة جعلت الفريق قادراً على تحويل أي فرصة إلى هدف.
التاريخ يعيد نفسه
رغم مرور أكثر من 40 عاماً على الخسارة الثقيلة أمام إنجلترا، جاءت الهزيمة الجديدة لتضع المنتخب التركي أمام تساؤلات عديدة حول مستقبله الكروي، ومدى جاهزيته لمنافسة الكبار في التصفيات. أما المنتخب الإسباني، فقد عزز صورته كمرشح قوي لعبور الطريق نحو المونديال، ووجه رسالة تحذير واضحة لجميع المنافسين بأنه لا يقبل أنصاف الحلول.
لتبقى ليلة إسطنبول بمثابة جرح كروي للأتراك، بينما دخلت في المقابل تاريخ "لا روخا" كواحدة من أروع الانتصارات التي تؤكد أن كرة القدم لا تعترف إلا بالأداء والانضباط والجرأة الهجومية.