حقوقيون: الدستور كفل حق التعبير لكل مواطن.. وحرية الصحافة ضمانة للشفافية والرقابة الشعبية

أكد عدد من الحقوقيون، أن حرية الصحافة والإعلام والنشر تُعد من الحقوق الأساسية التي كفلها الدستور المصري، طالما كانت في حدود القانون، مشددين على أن حماية الصحفيين ضرورة؛ لأن حفظ أداء مهامهم يعني حفظ حق المجتمع بأسره في المعرفة، كما أن الصحافة الحرة تضمن الشفافية والرقابة الشعبية وتعتبر أداة لبناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، بوصفها صوت المجتمع والعدالة، كونها ركيزة أساسية في حماية حقوق المواطن وصون كرامته.

واستشهد الخبراء في تصريحات خاصة لـ"الوفد"، بما حدث مؤخرًا بواقعة قضية إسلام الراجحي الصحفي بجريدة الأخبار، والتحقيق معه بسبب انتقاده لتراكم القمامة في قريته، مشيرين إلى أن ما جرى يُمثل إشارة مقلقة إلى وضع حرية الصحافة في مصر؛ وذلك لإنه يعكس المفارقة المستمرة بين النصوص الدستورية التي تكفل الحق في الرأي والتعبير وبين الممارسة التي قد تلجأ أحيانًا إلى تجريم النقد عبر أدوات القانون الجنائي، بدلًا من فتح قنوات الحوار والرد المؤسسي.

ومن جانبه قالت المحامية الحقوقية دينا المقدم، المستشار القانوني وعضو لجنة حقوق الإنسان بتنسيقية شباب الأحزاب والسياسين، أن النقد المباح لأي مسئول لا يُشكل جريمة، لأن الدستور المصري كفل حق الرأي والتعبير لكل مواطن مصري، سواء صحفي أو غير ذلك، والتعبير عن رأيه في أداء أي مسؤول حكومي، والمبدأ القانوني المستقر يؤكد ذلك، ما لم يتضمن النقد سبًا أو قذفًا لشخص طبيعي، واتخاذ إجراءات خلاف ذلك يُثير عدة إشكاليات قانونية ودستورية، منها حرية الرأي والتعبير والصحافة.
وأضافت المقدم، أن الدستور المصري في المادة (65) يكفل حرية الرأي والتعبير لكل مواطن، كما تنص المادة (70) على أن حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة مع حظر توقيع أي عقوبة سالبة للحرية في الجرائم المتعلقة بالنشر باستثناء ما يمس التحريض على العنف أو التمييز أو الطعن في الأعراض، وبالتالي، فإن مجرد انتقاد أداء جهة إدارية يدخل في إطار حرية الصحافة وممارسة الدور الرقابي المشروع.
وتابعت: "أما بالنسبة لحدود النقد العام فيجوز نقد المرافق العامة والسلطات التنفيذية طالما لم يتضمن النقد سبًّا أو قذفًا موجّهًا لشخص طبيعي بعينه القضاء المصري ميّز بين “النقد المباح” باعتباره حقًا دستوريًا، و”التجريح الشخصي” الذي قد يُشكل جريمة سب أو قذف.
وأوضحت المقدم، أنه من غير السليم قانونًا أن يتم القبض على أي صحفي بسبب نقد موجه للأداء العام، لأن المرفق العام ليس له شخصية معنوية مستقلة في مواجهة النقد، بل يُفترض أن يخضع للمساءلة والمحاسبة، مشيرة إلى أن محكمة النقض أكدت في أحكامها أن “النقد الموجه إلى الأعمال الإدارية لا يُعد قذفًا ولا سبًا، ما دام لم يتجاوز حدود النقد المباح".
وشددت عضو لجنة حقوق الإنسان بتنسيقية شباب الأحزاب والسياسين، على أنه من الأجدر أن ترد أي جهة إدارية على أي نقد بالشفافية، وتوضح أسباب التقصير أو خطواتها لمعالجة أي أزمة، بدلًا من تحويل الأمر إلى خصومة جنائية، وأن يقوم المسئول بعمله المنوط به بدلا من أن يتحول إلى خصم، وهذا من أجل الصالح والسلم العام وضمان حرية المواطن في الحق والتعبير والتي كفلها له الدستور المصري.

وبدوره قال وليد فاروق، رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات، إن القبض على أي صحفي والتحقيق معه على خلفية تدوينة نقدية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تُمثل إشارة مقلقة إلى وضع حرية الصحافة في مصر، لأنها تعكس المفارقة المستمرة بين النصوص الدستورية التي تكفل الحق في الرأي والتعبير وبين الممارسة التي قد تلجأ أحيانًا إلى تجريم النقد عبر أدوات القانون الجنائي بدلًا من فتح قنوات الحوار والرد المؤسسي.
وأكد فاروق، أن حماية الصحفيين في أداء مهامهم لا تعني الدفاع عن أفراد بقدر ما تعني حماية حق المجتمع بأسره في المعرفة، لافتًا إلى أن حرية الصحافة ليست رفاهية أو امتيازًا لفئة مهنية، بل هي ضمانة للشفافية والرقابة الشعبية وهي أداة لبناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وإذا كان ثمة تجاوز أو خطأ في تناول صحفي فآليات الرد متاحة من خلال النقابة ومن خلال مواثيق الشرف أو عن طريق حق الرد والتصحيح لا من خلال الحبس والتحقيق.
ولفت رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات، إلى أن المجتمع المصري يحتاج إلى ترسيخ ثقافة مؤسسية تقبل النقد وتتعامل معه باعتباره فرصة للتصحيح لا تهديدًا للأمن العام، مشيرًا إلى أن المناخ الصحي للعمل الصحفي هو أحد أهم مقومات أي إصلاح حقيقي، وأي تقدم مجتمعي بدون حرية الكلمة لا يمكن أن تكون هناك مساءلة ولا مشاركة عامة ولا شفافية، مشددًا على ضرورة وجود مراجعة أوسع لآليات التعامل مع حرية التعبير وضمان أن تظل الصحافة قادرة على أداء دورها بوصفها صوت المجتمع والعدالة، كونها ركيزة أساسية في حماية حقوق المواطن وصون كرامته.