قطوف
أعداء «ستّ الحبايب»
من بين ثمار الإبداع المتناثرة هنا وهناك، تطفو على السطح قطوف دانية، تخلق بنضجها متعة تستحق التأمل، والثناء، بل تستحق أن نشير إليها بأطراف البنان قائلين: ها هنا يوجد إبداع..
هكذا تصبح "قطوف"، نافذة أكثر اتساعًا على إبداعات الشباب في مختلف ضروبها؛ قصة، شعر، خواطر، ترجمات، وغيرها، آملين أن نضع عبرها هذا الإبداع بين أيدي القراء، علّه يحصل على بعض حقه في الظهور والتحقق.
"سمية عبدالمنعم"

أمشى على أطراف قلبى
كى لا أوقظها،
تنام كأنها تُفاوض الخوف،
تخشى الهواء إن تنفّس،
وتحسب الظلّ عدوًا إن تحرّك.
عالمها مُحاصر بالأعداء،
سكرٌ وملح،
شايٌ وعصائر،
شطةٌ ومخللات،
حبةُ دواءٍ كأنها شوكةُ صبار،
وجهازُ ضغطٍ لا يكفّ عن الكذب.
لكنها تصادق الزبدة،
مكعبٌ كبير يتوّسط طاجن الأرز المُعمر،
حليفٌ قديم لم يخنْها قط،
كما لا يخونها أبطال المسلسل،
الذين عاشوا معها
ستًّا وسبعين حياة متكرّرة.
تستأنف الحرب كل صباح،
عدوّ جديد يُضاف للقائمة:
زجاجة ماء
لا تكفى فنجان قهوة،
لكنها تثقل روحها،
سُلّمُ البيت،
مقبض الباب،
حاسوبى المحمول
وسلكه الذى يتحين الفرصة
ليُربك خطواتها،
يُلوِى قلبها قبل قدمها.
أُخبئ عنها الدنيا:
أُفرش الأرض بسجادٍ ناعم
لئلا تراها خصمًا من رخامٍ بارد،
يريد إسقاطها كى تنكسر.
أطوى الأغطية،
فهى تراها كمينًا
ينتظر قدمها ليصطادها.
لا أنام قبلها،
فثمّة شبحٌ يزورها ليلاً،
يخنقها حين تكون وحدها،
ويتركها كل صباح
تنادينى باسمٍ لا أعرفه.
تتكئ على ذراعى،
تهمس فى أذنى:
«ربنا يخليكى يا بنتى
ويبارك فيكِ وفى والدتك...
أنا عندى بنت دكتورة،
لسّه صغيرة فى الجامعة...
إنتِ مين؟»
أبكى دون دموع،
فهى تخاف الدموع،
ترى فيها خصمًا لا يُغفر،
تصفها بالعدو القديم،
قاتلٌ شفاف
لا يُحاسبه أحد.