رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

فى ذكرى رحيله الـ98

أمجد مصباح يكتب: سعد زغلول زعيم وَﺣﱠﺪ اﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ

بوابة الوفد الإلكترونية

«المُلهم» للثوار فى جميع أنحاء العالم
أرسى قواعد الحياة السياسية والديمقراطية فى مصر
رفض مُلك مصر وكان قدوة الزعيم الهندى «غاندى»
فجّر إبداعات المصريين فى جميع المجالات 

 

تحل اليوم الذكرى الـ98 لرحيل زعيم الأمة الخالد سعد باشا زغلول، بلا أدنى مبالغة نقول إن الراحل العظيم من أعظم الحُكام ورجال السياسة فى مصر فى القرن الماضى، قائد ثورة 1919، التى تعتبر ثانى أعظم ثورة فى التاريخ بعد الثورة الفرنسية، التف حوله ملايين المصريين طلباً للحرية والاستقلال، وتحقق ذلك بالفعل عام 1922، أرسى الحياة النيابية، بفضله عرفت مصر طريق الديمقراطية والحرية والإبداع، الفلاح المصرى الذى قاد مصر لمنطقة أخرى -لا أبالغ- من الظلمات إلى النور.
عجباً رغم مرور ما يقرب من 100 سنة على رحيله إلا أنه مازال الزعيم الملهم، هو الزعيم الذى أرسى مبدأ الوحدة الوطنية بين عنصرى الأمة، ومازال هذا المبدأ نبراسا للمصريين حتى اليوم.
الزعيم الذى أسس حزب الوفد وقاد أعظم الثورات فى التاريخ، الحزب العريق الذى تولى حكم مصر فى أحلك الظروف وأرسى أساس الحكم السليم والنهضة فى كل شىء على أرض مصر. نستعرض فى هذا التقرير المطول ومضات فى حياة الزعيم الخالد.

نشأته
ولد الزعيم الراحل فى قرية إبيانة بمحافظة كفر الشيخ عام 1869، رحل أبوه فى سن مبكرة، تلقى تعليمه بالأزهر وتعلم على يد السيد جمال الدين الأفغانى، والشيخ محمد عبده، اشترك فى الثورة العرابية وتعرض للاعتقال، عمل بعد ذلك وكيلا للنيابة العامة وتزوج من صفية زغلول ابنة مصطفى فهمى باشا، الزعيم الراحل كان ضمن المساهمين فى وضع حجر الأساس لإنشاء الجامعة المصرية عام 1907 مع محمد عبده ومحمد فريد وقاسم أمين. كما ساهم فى تأسيس النادى الأهلى عام 1907، ثم أصبح نائبا فى البرلمان، تزعم المعارضة فى الجمعية التشريعية التى شكلت نواة جماعة الوفد والتى طالبت بالاستقلال وإلغاء الحماية.

إنجازات الزعيم
حقق سعد زغلول لمصر إنجازات كانت أحلام الملايين نذكر منها تحرير الاقتصاد الوطنى وطلب من المصريين سحب أموالهم من البنوك الأجنبية وشراء صكوك بنك مصر لتكون مصر عن طريق إنشاء بنك مصر قاعدة اقتصادية جبارة بعد إلغاء رأس المال الأجنبى، كتب عنه الأديب الكبير عباس العقاد كتاباً خاصاً عام 1936، بعنوان «مسيرة وتحية»، حينما تولى حكم مصر 1924، أسس لمفهوم جديد «الأمة مصدر السلطات»، إعلاء مبدأ سيادة القانون والشفافية فى الحكم، كانت تلك مبادئ لا يعرفها المصريون، بعد فشل ثورة 1919، وعدم اكتمال حركة الزعيم مصطفى كامل استطاع سعد زغلول فى سنوات قليلة تحقيق حلم ملايين المصريين فى الحرية والاستقلال والانتقال لحياة مختلفة لم يعرفها المصريون فى العصر الحديث فى الأدب والفن.

تاريخه السياسى وقيادته لثورة 1919
الزعيم الراحل مكث فى سلك القضاء 14 عاماً وارتقى لدرجة مستشار فى عام 1906. ثم تعيينه وزيراً للمعارف، ثم تولى وزارة الحقانية 1910، ثم اعترك المناصب الحكومية لمدة 13 عاماً.
لسنا بصدد قيادته لثورة 1919، أعظم الثورات فى التاريخ الحديث والمعاصر ولكن يجب أن نطلق عليها الثورة المعجزة لأنها تحققت ونجحت فى ظل عدم وجود أى وسائل اتصال، لم تكن فى مصر إذاعة، والتليفونات سلعة نادرة للغاية، لجأ الزعيم العبقرى لفكرة التوكيلات التى جعلت كل شخص من ملايين المصريين ممثلا لسعد زغلول فى المطالبة بالحرية والاستقلال.
بعد نفى سعد باشا لجزيرة سيشل اشتعلت الثورة فى أنحاء مصر بعد ملايين التوكيلات من الشعب للزعيم، بفضل تلاحم الشعب مع قائده، حققت ثورة 19 إنجازات فاقت الخيال، تحقق الاستقلال لمصر عام 1922، وبدأ إرساء مبدأ الحياة النيابية السليمة والحكم الديمقراطى.
كان سعد زغلول بمثابة حصن أمان للمصريين ضد الإنجليز والملك، أصبح سعد باشا شوكة بالنسبة لهما، لدرجة أن الإنجليز عرضوا عليه مُلك مصر لكنه رفض بشدة، كان كل ما يصبو إليه استقلال مصر وحرية الشعب فى حياة تليق بالمصريين. لم يكن طامعاً فى أى سلطة أو جاه، إنه الزعيم الذى وهب حياته للمصريين.

سعد باشا وتفجير إبداعات المصريين
لم يكن سعد باشا زغلول مجرد زعيم سياسى أو قائد ثورة عظيمة ربما يجهل البعض أن سعد باشا فتح الطريق لإبداعات المصريين بعد نجاح ثورة 1919، أصبحت مصر وشعبها «فى حتة تانية» لمع اسم موسيقار الشعب سيد درويش رائد النهضة الغنائية والموسيقية فى مصر الذى غنى للزعيم «يا بلح زغلول» والأنشودة الخالدة «بلادى بلادى»، النشيد الوطنى المصرى الحالى. ناهيك عن ظهور العملاقين أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب فى مطلع العشرينيات من القرن الماضى، وإنشاء مسرح رمسيس بقيادة يوسف بك وهبى وبدايات السينما المصرية كل هذا فى عصر الزعيم سعد زغلول، ونهضت الحركة الأدبية بظهور العقاد وطه حسين والمازنى وحافظ إبراهيم، النهضة التى مازالت مصر تنعم بتلك الفنون والآداب حتى الآن، بفضل سياسة الزعيم الراحل التى فتحت مجال الإبداع للمصريين على مصراعيه.

شهادة حق من الزعيم الهندى غاندى
بعد نجاح ثورة 1919، بقيادة سعد باشا زغلول قرر الزعيم الهندى المهاتما غاندى تأسيس حزب المؤتمر ليكون على غرار حزب الوفد المصرى الذى قاد مصر للاستقلال. الزعيم الهندى الراحل قال قولته الشهيرة إن سعد باشا زغلول هو قدوتى وأستاذى ومُلهم الثوار حول العالم.
تأثير سعد باشا امتد للعالم أجمع زعيماً وثائراً تخطى الحدود. كان بحق معشوق ملايين المصريين، الزعيم الذى طال انتظاره وتحقق لمصر على يديه الاستقلال والحياة النيابية والديمقراطية السليمة، لست أبالغ إذا قلت إن المصريين مازالوا حتى الآن ينعمون بإنجازات سعد باشا من الناحية السياسية والفنية والأدبية، إنه الزعيم الذى نقل مصر للعصر الحديث.

الإساءة للزعيم
الخصوم السياسيون للزعيم كانوا كثيرين حاولوا النيل من هذا الرجل النبيل الزعيم الخالد فى حياته وبعد وفاته حقداً عليه بسبب إنجازاته التى فاقت الخيال، لم يجد هؤلاء الحاقدين أى فائدة من النيل من سمعة الزعيم الذى عشقه ملايين المصريين عبر أكثر من 100 عام.

حكاية «مفيش فايدة»
هناك مقولة يرددها المصريون عبر الأجيال وهى أن سعد زغلول قال «مفيش فايدة» فى إشارة منه إلى يأسه من تحرر مصر وتقدمها، ولكن الحقيقة أنه قال هذه الكلمة لزوجته أم المصريين صفية زغلول حينما كانت تعطيه الدواء فى الشهور الأخيرة من حياته، قائلاً لها «مفيش فايدة يا صفية، الدواء لم يعد مفيدا بالنسبة لى»، كان يشعر رحمه الله بدنو أجله.

أقوال خالدة للزعيم الراحل
< نحن لسنا محتاجين إلى كثير من العلم ولكننا محتاجون إلى كثير من الأخلاق الفاضلة.
< فساد الحكم من فساد المحكومين.
< الرجل بصراحته فى القول وإخلاصه فى العمل.
< إن الاختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية.
< أنا لا استخدم نفوذ أى اسم كان للحصول على أية غاية كانت.

أم المصريين.. الوفاء والإخلاص للزعيم والشعب
السيدة الفاضلة صفية زغلول زوجة الزعيم الراحل وابنة مصطفى فهمى باشا لم تكن مجرد زوجة بل كانت الساعد الأيمن لسعد باشا، لم ينجبا أولادا، فاعتبرت نفسها أما لجميع المصريين، كانت لها مشاركة فعالة للغاية فى أحداث ثورة 1919، حيث إنها كانت ملهمة للمرأة المصرية فى الكفاح ضد الإنجليز، وكان لها الفضل فى تحرير فكر المرأة المصرية عبر التاريخ وما زال تأثيرها ممتدا حتى الآن.

الوحدة الوطنية إنجاز هائل لـ«سعد»
الوحدة الوطنية بين عنصرى الأمة كانت واضحة تماماً فى أحداث ثورة 19، والشعار الخالد «يحيا الهلال مع الصليب»، لك أن تتصور أن شعار الوحدة الوطنية الذى أرساه الزعيم الخالد كان موجودا بعد 94 عاماً فى أحداث 30 يونيو الخالدة، لهذه الدرجة كان سعد باشا زغلول زعيما مؤثرا للغاية فى كافة الأجيال المتعاقبة، إنه الزعيم الذى لم ولن ينساه المصريون حتى قيام الساعة.

وفاته
توفى سعد باشا زغلول يوم 23 أغسطس عام 1927، وكانت الصدمة هائلة فى نفوس ومشاعر جميع المصريين والعالم أجمع برحيل زعيم غيّر مجرى التاريخ وأسس حزباً عريقاً مازال قوة فاعلة وهائلة فى جميع الأحداث التى مرّت بها مصر عبر قرن من الزمان.