ذكرى المولد النبوي.. دروس خالدة تبني الإنسان وتنهض بالأمة
مع إشراقة ذكرى مولد سيد الخلق ﷺ، تتجدد في القلوب معاني المحبة والاقتداء، وتعود بنا الذاكرة إلى اللحظة التي أشرقت فيها الدنيا بنور الحق والرحمة، يوم وُلد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم رحمة للعالمين، وحاملاً رسالة خالدة تُعلِّم البشرية كيف تعيش بسلام، وتواجه قسوة الحياة بالصبر والإيمان.
مدرسة الصبر في سيرة مولد الحبيب ﷺ
أولى الدروس التي نستلهمها من المولد النبوي الشريف هي الصبر؛ فقد كرره الله تعالى في كتابه الكريم على مسامع نبيه ﷺ، فقال عز وجل:
﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ﴾ [النحل: 127].
﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا﴾ [المعارج: 5].
﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: 35].
كان الصبر زاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مواجهة التحديات والابتلاءات، وهو السلاح الذي مكّنه من إتمام الرسالة، حتى صار الصبر نصف الإيمان، ووعد الله تعالى الصابرين بأن يوفّيهم أجرهم بغير حساب.
دروس العزة والكرامة
ذكرى المولد ليست فقط محطة للتأمل الروحي، بل هي أيضًا دعوة لتجديد معاني العزة والكرامة والإباء التي غرسها النبي ﷺ في نفوس أصحابه. لقد علّم الأمة أن المسلم عزيز بدينه، رافع الرأس بقيمه، ثابت على الحق لا ينكسر أمام الباطل ولا يرضى بالذل، ما دام متصلًا بالله عز وجل.
جهاد النفس والتحلي بالأخلاق
من أعظم الدروس التي تُستلهم من حياة الرسول ﷺ: جهاد النفس، إذ دعا إلى مكارم الأخلاق، وحث على الصدق والأمانة والرحمة والتواضع.
وينعكس هذا الجهاد الداخلي على صورة الإسلام عالميًا، فيُظهره دينًا للعدل والرحمة، ويجعل المسلمين قدوة بين الأمم.
نصرة الحق والدفاع عن المظلوم
علّمنا النبي ﷺ أن نكون صوتًا للعدل ودرعًا للمظلوم، لا نترك ضعيفًا يئن ولا حقًا يُهدر. كانت حياته كلها دفاعًا عن القيم الإنسانية الكبرى؛ فكان نصيرًا للعبيد، مدافعًا عن الفقراء، وراعيًا للنساء والأيتام، حتى صار قدوة للبشرية جمعاء.
الوحدة.. رسالة المولد الأعظم
يا ليت المسلمين اليوم يستحضرون هذه الدروس العظيمة في حياتهم العملية، فيتحدوا على كلمة سواء، ويتركوا التفرّق والنزاع، ويجعلوا من ذكرى المولد النبوي الشريف مناسبة لإحياء روح الأخوة، وبناء مجتمع قوي متماسك، يواجه التحديات بعزيمة وإيمان.
احتفاء يليق بالمقام العظيم
إن إحياء ذكرى المولد ليس مجرد طقوس أو مظاهر احتفالية، بل هو فرصة سنوية لمراجعة الذات، وإعادة قراءة السيرة النبوية، والعمل بدروسها في كل تفاصيل حياتنا، بما يناسب المقام الكبير والكريم لصاحب الرسالة.