قطوف
ذِئْاب في الْمدينة

من بين ثمار الإبداع المتناثرة هنا وهناك، تطفو على السطح قطوف دانية، تخلق بنضجها متعة تستحق التأمل، والثناء، بل تستحق أن نشير إليها بأطراف البنان قائلين: ها هنا يوجد إبداع..
هكذا تصبح "قطوف"، نافذة أكثر اتساعًا على إبداعات الشباب في مختلف ضروبها؛ قصة، شعر، خواطر، ترجمات، وغيرها، آملين أن نضع عبرها هذا الإبداع بين أيدي القراء، علّه يحصل على بعض حقه في الظهور والتحقق.
"سمية عبدالمنعم

ذِئب طليق يُعربِد في شوارع الْمدينة، ينْشُر الْخوف والذعر في قلوب الناس، يأتي كل يومٍ ليخْتار فريسته دون مقاومة من سَاكني الْمدينة.
فرغم كثْرتهم ليس لديهم الْعزيمة والقوة لِمنعه أو ردْعه، ترْتعد فرائسهم عندما يسمعون طرق أقدامه حين قدومه، يغْلِقون أبواب بيوتهم بأقْور السلاسِل الحديدية بِإحكام، من كان خارج البيت لن يعود إليه مرة أخرى فلن يفتح له أحد الباب.
وهذِه الليلة لا تخْتلف عن الليالي السابقة، تسود شوارع المدينة لحظات من الصمت الْمُخيف الذي يُحاصر قلوب الرجال، ويقْتلع من صدورهم جذور الشَّجاعة والْمروءة.
ويطلب هذا الذئب المتوحش من كُل عائلة، أن يفتح أحد منهم باب بيته، ويُخرج لهُ ضحية ليفْترِسها ليتْركهم في سلامٍ.
فقام أحد سكان الشارع بفتح باب بيته وألقى إليه بابنته، وأخذ العهود والمواثيق مع الذئب، ألا يعتدي على أسرته بعد اليوم.
وقام الذئب بسْحب الفتاة الصغيرة إلى منتصف الشارع ليفْترسها.
وسمع الحاج عبد القادر صراخ الفتاة الصغيرة وهي تستغيث، فحمل بندقيته واتجه إلى باب المنزل ليفتحه، فلحق به أبناؤه، وقالوا لهُ ماذا ستفعل يا أبانا؟
قال لهم سأخرج لِأنقذ الفتاة من أنياب هذا الذئب.
قالوا لهُ إن خرجنا جميعًا سيأتي باقي الذئاب لنجدته ولن نستطيع أن نواجههم جميعًا.
قال لهُم أبوهُم سيخْشوننا إذا وجدونا يدًا واحدة.
نظر الأخوة إلى بعْضهم البعض وقالوا لهُ سَنخْرُج معكَ، وخرجوا جميعًا وفي الْمقدمة أبَوهُم وتوجه في شجاعة وجُرْأة نحو الذِّئب لينقذ الفتاة.
بينما الذئب يلْتفت إلى أبناء الحاج عبد القادر وينظر إليهم، وكأنه يتوعَّد كل واحد منهم أنه سيكون أوَّل فريْسة عند هجوْمه، وصوُّب الحاج عبد القادر بندقيته ليقتل الذِّئب، لَكنَّهُ تفادى الطلقة ثُمَّ اتَّجه نحوه ليفْترسه.
ونادَى على أبنائهِ أن يطْلقوا النار على الذِئب، لَكنُّه لمْ يجد أحدًا منهم، فقدْ تركوه وأسْرعوا إلى الْبيت، وأغْلقوا الأبْواب.