سورة قرأنية تغني عن قيام الليل

يحرص الكثيرعلى أداء صلاة قيام الليل لما لها من فضل عظيم، فهي من أعظم القربات وأحبّ الطاعات إلى الله تعالى، لكن قد يعجز البعض عن المواظبة عليها بسبب التعب أو ظروف العمل، ما يدفعهم للبحث عن بدائل روحية يمكن أن تُغنيهم عن هذا الأجر.
ومن هنا يتردد سؤال مهم: هل تغني قراءة أواخر سورة البقرة عن قيام الليل؟، سؤال لطالما طرحه المهتمون بفضل هذه السورة العظيمة، التي اختصها النبي ﷺ بوصايا متعددة، لا سيما في خواتيمها، والتي تحمل أسرارًا ربانية عظيمة.
هل قراءة أواخر سورة البقرة تغني عن قيام الليل؟
أوضح مجمع البحوث الإسلامية أن النبي ﷺ أوصى بقراءة آخر آيتين من سورة البقرة قبل النوم، لما لهما من فضل كبير، حيث قال:"من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه" (رواه البخاري).
وفسّر العلماء كلمة "كفتاه" بعدة تفسيرات، جاءت على النحو التالي:
تجزئه عن قيام الليل من حيث الأجر والثواب، خصوصًا لمن لم يتمكن من القيام.
تحميه من الشيطان ووساوسه، وتبعد عنه شره طول الليل.
تقيه من الآفات والسوء، وتكون سببًا في حفظه طوال نومه.
وبالتالي، فإن قراءة أواخر سورة البقرة قد تكفي المؤمن من قيام الليل في حالات معينة، لكنها لا تُغني عنه كليًا لمن كان قادرًا على القيام، بل تظل خيرًا عظيمًا وبديلًا مناسبًا في أوقات المشقة أو المرض.
فضل أواخر سورة البقرة
ورد في السنة النبوية أن الله تعالى خصّ أواخر سورة البقرة بفضائل لا تُعد ولا تُحصى، فهما آيتان نزلتا من كنز تحت العرش، كما رُوي عن رسول الله ﷺ.
وفي حديث أخرجه البخاري عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه، قال رسول الله ﷺ:
"الآيتان من آخر سورة البقرة، من قرأهما في ليلة كفتاه".
وقد فسّر الإمام ابن حجر العسقلاني هذا الحديث في كتابه فتح الباري، مشيرًا إلى أن معنى "كفتاه" يحتمل:
الكفاية من قيام الليل.
أو الكفاية من شر الشيطان.
أو الحفظ من كل سوء.
أو الكفاية من كل ذلك مجتمعًا.
وأضاف أن الآيتين اختُصّتا بهذا الفضل لما تضمنتاه من ثناء على الصحابة، وانقيادهم لأوامر الله، واستجابتهم لمطالبه، ما يجعل تلاوتهما بمثابة إعلان تجديد الإيمان كل ليلة.
ما هي الآيتان الأخيرتان من سورة البقرة؟
الآيتان هما:
"آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ..." إلى نهاية السورة (البقرة: 285–286).
وقد وصف بعض العلماء هذه الآيات بأنها ملخص لعقيدة المسلم، حيث تتضمن الإيمان، والطاعة، والدعاء، والرجاء في رحمة الله، مما يجعلها شاملة وجامعة لخلاصة الدين.
فضل قيام الليل.. ودرجاته
رغم فضل أواخر سورة البقرة، فإن قيام الليل يظل عبادة لا يُدانيها شيء، وقد وردت فيه عشرات الأحاديث والآيات، منها قوله تعالى:
"وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا" [الفرقان: 64].
ومن فضائل قيام الليل كما بيّن العلماء:
سبب لدخول الجنة ورفعة الدرجات.
أحب الأعمال إلى الله بعد الفرائض.
مكفّر للذنوب ومطهر للقلوب.
علامة من علامات الإيمان الصادق.
شرف للمؤمن وغنيمة لمن أدركه.
وقد قال رسول الله ﷺ:
"أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل" (رواه مسلم).
ما هو قيام الليل؟
أوضح الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن مفهوم قيام الليل لا يقتصر على الصلاة فقط، بل يشمل:
سنة العشاء.
الشفع والوتر.
صلاة التهجد.
التراويح.
قراءة القرآن.
الدعاء والذكر.
وأشار إلى أن كل طاعة يؤديها المسلم بعد صلاة العشاء وحتى أذان الفجر تُعد من قيام الليل، حتى وإن كانت ركعتين أو بعضًا من الذكر.
هل قيام الليل واجب؟
اتفق الفقهاء على أن قيام الليل سنة مؤكدة في حق عموم المسلمين، بينما كان واجبًا في حق النبي ﷺ، كما قال تعالى:
"وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ" [الإسراء: 79].
وقد فسر مجاهد والقرطبي وغيرهما أن كونها "نافلة" أي زيادة في المقامات والدرجات، لا أن تركها لا يضر، خصوصًا للنبي الكريم.