رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

الزاد

فى مشهد لا يليق إلا بالخونة، خرجت مظاهرة أمام السفارة المصرية فى تل أبيب... نعم، لم تخطئ القراءة، ليس أمام سفارة الاحتلال، بل أمام سفارة مصر.
لم يهتفوا ضد العدو الذى دنّس الأرض وسفك الدماء، بل ضد الدولة التى حاربت من أجل فلسطين، وقدّمت آلاف الشهداء، ووقفت وحدها فى مواقف لم يجرؤ سواها على الاقتراب منها.
إنها ليست مظاهرة. بل خيانة علنية.
ليست صرخة من أجل الحق، بل خنجر فى ظهر الوطن.
هؤلاء لا يمثلون فلسطين، بل يمثلون جماعة ضلّت السبيل، وارتضت أن تكون أداة فى يد العدو، تهاجم من وقف يومًا درعًا للعروبة.
أى عار هذا؟
أن يُرفع علم الاحتلال بجانب علم فلسطين أمام سفارة مصر، الرسالة واضحة «نحن لا نريد تحرير الأرض، بل كسر من حمى الأرض».
و مصر لم ولن تنكسر لأنها مصر..
العدو الحقيقى لا يقف فقط وراء الحدود، بل يقف خلف هذه الوجوه التى تتنكر فى زيّ المقاومين وهى لا تعرف من المقاومة إلا الشعارات.. ولا من الدين إلا ما يخدم مشروعهم الخبيث.
مصر كانت وستظل أكبر من محاولات التشويه، وأقوى من حناجر الفتنة، وأصدق من كل تلك الأكاذيب التى يروّجها «إخوان الشياطين».
مصر ليست فى حاجة إلى الدفاع عن موقفها من القضية الفلسطينية، فهى لم تكن يومًا على الهامش، ولم تكتفِ بالشجب أو الإدانة، بل كانت دومًا فى قلب الصراع، وضِمن حسابات النصر والخسارة، وقدمت من دم أبنائها وأرزاق شعبها ما لم تُقدمه دول تكتفى الآن بالخطابة والاتهام.
كتب التاريخ وحدها كافية. تقرأها فتجد أن اسم مصر محفور على كل معركة، وكل هدنة، وكل محاولة حقن دم. من حرب 1948 حتى اللحظة الراهنة، ظلّت مصر سندًا للقضية، وكتفًا للشعب الذى أنهكته آلة الاحتلال.
اليوم، يتجرأ البعض ليتهم مصر بإغلاق المعابر، ويتعامل مع الملف الفلسطينى وكأنه لعبة صوتية على مواقع التواصل الاجتماعى، متغافلًا - أو متعمدًا - تجاهل الحقيقة الساطعة المعابر مفتوحة من الجانب المصرى، والمساعدات لا تنقطع، والقوافل لا تتوقف، ولكن ماذا عن الجانب الآخر؟ هناك حيث يسيطر شياطين الاحتلال، وحيث يتحول العبور إلى موت مؤجل.
تلك هى المؤامرة، عندما يُراد لمصر أن تُدان، بينما من يغلق الباب فعلًا لا يُحاسب. عندما يُراد للضحية أن تُدان، وللمُحتل أن يُصفّق له تحت لافتة «الحرص الإنسانى». إنها قمة الخيانة.
والمؤسف أن تلك الاتهامات لا تصدر فقط من خصوم أو أعداء صريحين، بل من رفقاء الشيطان أنفسهم، من جماعة لم يعد هناك شك فى أنها عميلة للكيان، ومرتبطة عضويًا بالموساد. جماعة الشيطان التى دأبت على خيانة الأوطان، اليوم - دون خجل - تحرّض على مصر، إلى التظاهر ضدها.
الخميس الماضى، حين وقفت مجموعة من المحسوبين على هذه الجماعة العميلة، ترفع علم فلسطين بجوار علم إسرائيل أمام السفارة المصرية فى تل أبيب!
فى مشهد عار... أعلام فلسطين - تلك التى رُويت بدم الشهداء - ترتفع بجوار راية من قتل هؤلاء الشهداء!
فأى سقوط أخلاقى هذا؟!
ما حدث تحالف مكشوف مع الكيان ضد الدولة التى لم تتاجر، ولم تُغلق بابًا فى وجه جريح، ولم تتوان يومًا عن نصرة الحق.
مصر لا تُتاجر بدماء الفلسطينيين، ولا ترفع لافتات مزيفة. هى تعرف حدودها الأخلاقية والتاريخية.
لسنا فى موضع اتهام، ولن نكون.
فحين نمدّ يد العون، لا نطلب شكرًا، لكننا نرفض التشويه. ونقول للتاريخ سجّل... من الذى فتح، ومن الذى أغلق، ومن الذى ظلّ وفِيًّا للقضية حتى وإن تغيّرت كل الوجوه.
‏ويبقى السؤال الذى لا بد أن يُطرح على كل ضمير حى:
من الذى دفع الثمن فعلًا؟ ومن الذى ما زال يدفعه؟
واعتبر القضية الفلسطينية ليست «قضية أشقاء»، بل «قضية وطن»؟
الجواب ليس فى الشعارات، بل فى صفحات التاريخ... والتاريخ لا يكذب.
‏لسنا بحاجة إلى تبرئة أنفسنا، فمصر لا تقف فى قفص الاتهام، ولن تسمح لمن باع نفسه أن يوزّع صكوك الوطنية.
من تآمر مع الموساد لا يملك أن يعلّمنا العروبة، ومن تظاهر ضد مصر لا يملك أن يزايد على شرفها.
‏مصر لا تُغلق بوابة على طفل جريح، ولا تُقايض على صرخة أم.
‏مصر قلب العرب النابض... والبوابة التى حين تُفتح، تُفتح معها أبواب الحياة.