«نام وارتاح يا ضهرنا».. قلوب مكسورة تودّع عربي بعد قرار المحكمة بإعدام قاتله
داخل قاعة المحكمة، ساد الصمت للحظات، قبل أن يعلو صوت القاضي:
"إحالة أوراق المتهم لفضيلة مفتي الجمهورية لأخذ الرأي الشرعي في إعدامه."
فجأة، انطلقت صرخة من قلب أم موجوعة:
"يا رب لك الحمد.. حق ابني رجع!"
ثم انهارت باكية، ممسكة بصورة ابنها التي لم تفارق يدها منذ 5 أشهر، منذ تلك الليلة التي عاد فيها جسده بلا روح، ملفوفًا في كفن أبيض، لا دماء فيه بعد أن نزفها كلها على أعتاب محل رزقه.
القصة التي أبكت كفر الجزار
"عربي صلاح العشماوي" شاب بسيط، ابن قرية كفر الجزار بمركز بنها. كان يفتح محله كل صباح ليبيع الدواجن للناس بأسعار مخفضة، يساعد الكبير والصغير، ويبتسم رغم ضيق الحال.
لكنه لم يكن يعلم أن طيبة قلبه ستكلفه حياته، وأن جاره – الذي ضاق صدره بطيبه – سيرفع السلاح في وجهه ويُسكت قلبه النابض برصاصة غدر.
في لحظة، تبدّلت حياة أسرة كاملة، وأصبح البيت الذي كان عامرًا بالضحك والبساطة، مأتمًا لا يُغادره الحزن.
دموع أب وأم وأشقاء
والده، رجل ستيني، جلس بعد الحكم متماسكًا ظاهريًا، لكنه بدا كمن يحمل جبلاً فوق صدره. قال بصوت مرتجف:
"أنا مش هشم ريحة عربي تاني.. بس الحمد لله، حسّيت إن البلد فيها عدل، وربنا رجعلي جزء من قلبي اللي اتكسر."
أما والدته، فقد جلست تبكي وتردد:
"كنت بعدي كل ليلة على صورته، وأقول له: استحمل يا ابني، ربك كبير.. النهاردة حسّيت إن روحه ارتاحت، وإنه مش راح هدر."
شقيقه الأكبر احتضن والدته قائلاً:
"نم وارتاح يا ضهرنا.. إحنا جبنالك حقك.. وهنفضل فخورين بيك قدام الدنيا."
ما حدث يوم الجريمة
في 25 فبراير الماضي، خرج عربي كعادته إلى محل الدواجن، وبدأ عمله باكرًا. دخل عليه المتهم "محمد. ا." وتشاجر معه بسبب بيعه بسعر أقل من السوق، وبعد دقائق خرج من المحل وعاد بسلاح ناري، أطلقه مباشرة على رأسه أمام الناس.
هرب القاتل، لكن الحقيقة لم تهرب. الشهود كانوا كثر، والدماء على الأرض لا تجفّ.
تحركت الأجهزة الأمنية، وتم ضبط المتهم، وأحيل إلى النيابة التي وجهت له تهم القتل العمد مع سبق الإصرار، وحيازة سلاح ناري دون ترخيص.
المحكمة تنطق بالعدل
بعد جلسات متتالية، شهدت تقديم الأدلة والشهادات، وبعد مرافعة مؤثرة لمحامي أسرة المجني عليه، أصدرت المحكمة قرارها بإحالة أوراق القاتل إلى فضيلة المفتي، تمهيدًا للحكم بإعدامه شنقًا.
كلمة الختام من الأم:
"ابني راح غدر.. بس النهاردة رجعلي حقه.. ربنا ما بينساش، والمظلوم له رب.. ودمه مش هينزل على الأرض تاني."