رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

منذ أن وعيت على الدنيا، كان اسم الوفد بالنسبة لي أكثر من مجرد حزب سياسي، كان مدرسة متكاملة لبناء الإنسان المصري، مدرسة تعلمنا فيها أن الوطنية ليست شعارا يرفع في المناسبات، بل سلوكا يوميا يتجسد في العمل والإخلاص والانتماء لتراب هذا الوطن. 

لم يكن الوفد يوما حزبا يبحث عن سلطة أو مكسب، بل كان وما زال ضمير الأمة وعقلها الواعي الذي يحمل هموم الناس ويترجمها إلى مواقف ومبادئ راسخة لا تتغير بتغير الزمن.

لقد تعلمت من مدرسة الوفد حب الوطن وتراب الوطن، وتعلمت أن الانتماء الحقيقي لا يقاس بالكلام، بل بالفعل، وأن مصر تستحق منا أن نعمل من أجلها في كل موقع، مهما كان بسيطا. 

في بيتنا، كان الحديث عن الوفد يعني الحديث عن التاريخ المشرف، عن سعد زغلول ومصطفى النحاس وفؤاد سراج الدين وعن كل من حملوا راية الكفاح الوطني، وعن تلك الروح التي وحدت المصريين جميعا تحت شعار “الحق فوق القوة، والأمة فوق الحكومة”.

كنت أرى في مواقف الوفد دروسا لا تنسى في الوطنية والكرامة، فقد علمني زعماء الوفد العظام أن السياسة ليست صراعا على المناصب، بل وسيلة لخدمة الناس وحماية الوطن. 

علمني سعد زغلول أن الكلمة أحيانا أقوى من المدفع، وأن الإرادة الصادقة تصنع المعجزات، ومن مصطفى النحاس تعلمت أن الثبات على المبدأ هو الشرف الحقيقي، وأن التضحية من أجل مصر هي أسمى درجات الوطنية. 

كل هؤلاء وغيرهم من رموز الوفد شكلوا وجدان أجيال كاملة من المصريين، وأنا واحد منهم، ممن تربوا على مبادئ هذه المدرسة العريقة.

لقد كان الوفد دائما حزبا سابقا لعصره، يضع العقل والعلم والتعليم في مقدمة اهتماماته، لم ير التعليم مجرد وسيلة للترقي الاجتماعي، بل رآه أساسا لبناء المواطن القادر على التفكير والإبداع والمشاركة في صنع مستقبل بلاده. 

فالوفد، منذ بداياته، أدرك أن قوة مصر الحقيقية لا تكمن فقط في مواردها أو جيشها، بل في عقل أبنائها. من هنا، كان اهتمامه بالتعليم وبالعقل المصري، باعتباره حجر الأساس في نهضة الأمة.

حين أتأمل تاريخ الوفد، أرى أن دوره في بناء العقل المصري لم يكن مجرد حديث أو وعود، بل كان فعلا ممتدا عبر عقود، لقد دعم الوفد حرية الفكر، واحترام الرأي الآخر، وشجع البحث العلمي، واعتبر المدرسة والجامعة مصنعا لإنتاج الإنسان المصري الواعي، القادر على مواجهة التحديات بعقل منفتح وقلب وطني، لم يكن الوفد حزبا يعادي الفكر المختلف، بل كان يحتضن التنوع ويؤمن أن قوة مصر في تنوعها.

أما أنا، فقد تعلمت من مدرسة الوفد شيئا لا ينسى: أن حب الوطن لا يشترى ولا يباع، بل يغرس في القلوب منذ الصغر، تعلمت أن هذا التراب الذي نعيش عليه له قداسة خاصة، وأن الدفاع عنه واجب مقدس. 

تعلمت من زعماء الوفد أن مصر لا تحتاج شعارات كبيرة، بل تحتاج رجالا أوفياء يصدقون القول بالعمل، ويضعون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. 

كلما قرأت عن مواقف سعد زغلول ومصطفى النحاس وفؤاد سراج الدين وغيرهم من القادة، ازددت اقتناعا أن مدرسة الوفد ليست مجرد تجربة سياسية، بل وجدان وطني متجذر في قلب كل مصري شريف.

وفي زمن تتغير فيه الموازين وتتشابك فيه المصالح، يظل الوفد محافظا على نقائه الفكري وعلى رسالته الوطنية التي لم تتبدل، وأرى أن الدكتور عبدالسند يمامة، رئيس الحزب الحالي، يسير على هذا النهج بثبات وهدوء، مؤمنا أن الوفد لا يقاس بحجمه في البرلمان فقط، بل بقيمته في وجدان المصريين. 

يعيد للوفد حضوره بوعي وعقلانية، يجدد الخطاب دون أن يتخلى عن الجذور، ويعيد التوازن بين الأصالة والتجديد، في قيادته روح المدرسة الوفدية الحقيقية، التي تؤمن بأن السياسة أخلاق قبل أن تكون منافسة.

لقد ظل الوفد عبر تاريخه الطويل رمزا للوسطية والاعتدال، حائط صد ضد التطرف بكل أشكاله، ومنبرا للفكر الحر والعقل المستنير، وعندما نتحدث عن بناء العقل المصري، فإننا نتحدث عن مشروع الوفد الوطني الممتد، الذي زرع فينا قيمة الحوار، واحترام الآخر، والإيمان بأن مصر فوق الجميع.

واليوم، ونحن نعيش تحديات متشابكة في الداخل والخارج، يبقى الوفد هو البوصلة التي تذكرنا دائما بالثوابت الوطنية، وبأن الديمقراطية الحقيقية تبدأ من احترام الرأي المختلف، وأن التعليم هو السلاح الأقوى في معركة الوعي.

إنني أفتخر بأنني تربيت على مبادئ الوفد، وعلى مدرسة زرعت في حب الوطن بلا حدود، الوفد بالنسبة لي ليس مجرد انتماء حزبي، بل انتماء وجداني وإنساني، لأنه علمني أن الوطنية ليست وراثة، بل اختيار وإيمان ومسؤولية. 

تعلمت أن أرفع اسم مصر عاليا، وأن أضعها في قلبي قبل أي شيء آخر، وهذه هي الرسالة التي سأظل أؤمن بها وأدافع عنها، ما حييت، لأنها رسالة الوفد، ورسالة كل مصري يحب هذا الوطن ويخلص له بصدق.