رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

تأملات

مرة ثانية وثالثة نتكلم عن الدولة الفلسطينية والتى هى الأمل لذلك الكفاح المتواصل على مدار أكثر من 70 عاما. المتابع لما يجرى على هذا الصعيد يلحظ الزخم الذى تحظى به هذه القضية على الصعيد الدولى، والذى يعد فى التحليل الأخير ثمرة من ثمار طوفان الاقصى بعيدا عن الخلاف والجدل بشأن الخسائر وحجم التضحيات التى جرت.

ففى تطور لافت للنظر اعلن رئيس الوزراء البريطانى أن المملكة المتحدة ستعترف بفلسطين كدولة خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر المقبل وربط الامر بعدم اتخاذ اسرائيل ما وصفه بإجراءات ملموسة لإنهاء الوضع المروع فى غزة. ويكمل ذلك الخطوة التى تعتزم فرنسا القيام بها وهى الاعتراف بتلك الدولة فى الاجتماعات ذاتها.

رغم كل ذلك فإن الأمر يبدو بعيد المنال فى ضوء العديد من الجوانب التى قد تذهب بالحماس لتلك الخطوة ادراج الرياح ومن بينها رفض إسرائيل بشكل أساسى لقيام الدولة الفلسطنيية وهى التى تملك مفاتيح الحل، وهو موقف يعززه دعم الولايات المتحدة فى ضوء التماهى بين مواقف الرئيس ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلى نتانياهو بعيدا عن بعض الاختلافات التى لا تلقى بتأثيرها على تلاقى الأهداف ما بين واشنطن وتل أبيب. ولذلك فمن المتوقع أن تبذل الأخيرة بشكل خاص كل الجهود التى تفرغ هذا الزخم من جوهره ومضمونه وتفوت الفرصة على اتساع الاعتراف بتلك الدولة.

واذا كان من الطبيعى أن ترفض اسرائيل الموقف البريطانى فقد يبدو غريبا أن يسايرها الرئيس ترامب الذى راح يعلن أن الاعتراف بدولة فلسطينية يمثل مكافأة لحماس معتبرا أنه لا ينبغى مكافأتهم. تهافت منطق ترامب، يبدو فى حقيقة أن هدف الدولة الفلسطينية سابق على نشأة حماس ذاتها وعلى عملية طوفان الأقصى، وهو هدف يدور حوله نزاع أغرق الشرق الأوسط فى دوامة من الحروب لم تنتهِ حتى الآن. هو حق اصيل للشعب الفلسطينى الذى انتزعت منه أراضيه وتم اقامة دولة إسرائيل عليها.

واذا كان هذا الكلام ينطلق من اساس اخلاقى لا مجال له فى العلاقات الدولية، فإن السياسة الأمريكية على مدار عقود ماضية قامت على فكرة السعى لحل الدولتين وهو الامر الذى لم يختفِ حتى من أجندة الإدارة السابقة للرئيس بايدن، فيما تحول خلال ادارة ترامب الى حد تصريحه بأن بلاده ليس لديها موقف محدد بشأن هذا الأمر، وفى الوقت ذاته محاولة صرف الانتباه الى أن الاولوية هى توجيه الكثير من الأموال الى المنطقة لتوفير الغذاء للسكان.

فى تقديرى أن السياسة الإسرائيلية الأمريكية تقوم على احتواء أى جهد دولى لإخراج مفهوم الدولة الفلسطينية من دائرة الفكرة الى الواقع، وأن السياق الدولى والعالمى مهيأ بشكل كبير لتحقق الفكرة على خلفيات أخلاقية وسياسية وعملية فى ضوء الحالة المزرية فى غزة والتى أبرزت للعالم حقيقة أن المنطقة ستظل فى دائرة عدم الاستقرار ما لم يتم حل الصراع بنيل الفلسطينيين حقوقهم.

ووسط كل ذلك يأتى دور الدول العربية، ونحن ننطلق هنا من فكرة أنه فى ظل غياب دعم عربى حقيقى، فإن الحقوق الفسطينية ستبقى بعيدة المنال. وبعيدا عن لوم الذات الذى أصبح صفة مستمرة لدينا وهو لوم ينطلق من حقائق الواقع، إلا أن الوقت قد حان لتدخل عربى حقيقى لدعم ولادة الدولة الفلسطينية، وهو ما يمثل مصلحة حقيقية باعتبار أنه سيمثل نقطة دخول المنطقة ككل مرحلة أخرى تتجاوز معها دوامة الحرب السرمدية التى لا يبدو لها نهاية فى الأفق بعيدا طبعا عن سيناريوهات الأوضاع بالشرق الأوسط والذى ليس موضوعنا هنا.

[email protected]