رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

منذ أن وعيت على حب هذا الوطن، وأنا أرى أن اسم الوفد ليس مجرد حزب سياسي، بل هو مدرسة وطنية كاملة المعاني والمواقف. مدرسة علمت أجيالا كيف يكون الانتماء الصادق، وكيف يترجم حب الوطن إلى عمل وجهد وإصرار. 

حين أسترجع تاريخ الوفد، أتذكر دائما أن فكرة الوطن عند الوفديين لم تكن شعارا يرفع، بل كانت إيمانا يعاش ويمارس في كل تفصيلة من تفاصيل الحياة.

الوفد في ضميري مرتبط دائما باسم طلعت حرب، هذا الرائد الذي لم يكن مجرد رجل اقتصاد، بل كان صاحب رؤية لبناء وطن مستقل اقتصاديا قبل أن يكون مستقلا سياسيا. 

طلعت حرب لم ينتظر أن تمنحه الظروف فرصة، بل صنعها بنفسه، فأسس بنك مصر ليكون نواة لاقتصاد وطني قائم على عرق المصريين وجهدهم. 

كان يرى في كل قرش مصري نواة لكرامة وطن، وفي كل مصنع يبنيه خطوة نحو التحرر الحقيقي، ومنذ تلك اللحظة الأولى، ارتبط اسم الوفد بفكرة أن الاستقلال لا يستكمل إلا إذا كان الاقتصاد حرا ومتينا، قادرا على مواجهة التحديات من غير تبعية ولا خضوع.

تعلمت من مدرسة الوفد أن حب الوطن لا يكون بالكلام وحده، بل بالفعل والإخلاص، تعلمت أن تراب مصر مش مجرد أرض نعيش عليها، لكنه معنى نسكنه ونسعى نحميه بكل ما نملك. 

من الوفد فهمت أن الوطنية ليست انفعالا وقت الأزمات، بل هي سلوك دائم ومسؤولية مستمرة تجاه الوطن وأبنائه. الوفد علمني أن المصري الحقيقي هو الذي يرى في عمله عبادة وفي خدمته للناس واجبا وطنيا قبل أي شيء آخر.

ولأن مدرسة الوفد خرجت على مر التاريخ زعماء وعظماء حملوا على عاتقهم هم الوطن، فقد وجدت نفسي دائما متأثرا بروحهم، من سعد زغلول الذي رفع راية الاستقلال، إلى مصطفى النحاس الذي واجه الصعاب دفاعا عن حرية مصر، إلى فؤاد سراج الدين الذي حافظ على مبادئ الحزب في أحلك الظروف. 

من هؤلاء وغيرهم تعلمت أن السياسة ليست ميدانا للمكاسب الشخصية، بل ميدان للعطاء والتضحية، وتعلمت أن الزعامة ليست بالمنصب، بل بالموقف، وأن الوطنية لا تعرف التوقيت ولا المصلحة، بل تعرف فقط الإخلاص.

وعندما أنظر اليوم إلى الوفد في ظل قيادته الحالية برئاسة الدكتور عبدالسند يمامة، أجد في مواقفه ما يبعث في النفس الاطمئنان بأن جذور الوفد لا تزال حية، وأن الروح القديمة لم تضعف. 

الرجل يتحدث بلغة الوفد الأصيلة، لغة تجمع بين الاعتزاز بالتاريخ والرغبة الصادقة في التجديد والتطوير، ما يميزه أنه يدرك أن الوفد ليس مجرد تراث سياسي، بل مسؤولية وطنية تستوجب العمل والعقل والحكمة. 

في كلماته ونظرته للمستقبل أرى استمرارية لنهج طلعت حرب في الاقتصاد ونهج سعد زغلول في الوطنية، لا يرفع الشعارات، بل يزرع الأمل في أن الوفد سيظل قوة وطنية عقلانية، صوتا للمصلحة العامة، وبيتا لكل من يؤمن بأن مصر فوق الجميع.

في زمن تتسارع فيه التحديات الاقتصادية، يصبح من الضروري أن نستعيد روح طلعت حرب وفكر الوفد الاقتصادي القائم على دعم الصناعة الوطنية وتشجيع الاستثمار المصري في الداخل. 

الوفد كان دائما صوت المواطن المنتج لا المستهلك، وكان مؤمنا بأن نهضة مصر تبدأ من المصنع والمزرعة والمدرسة، لا من انتظار الدعم الخارجي. 

هذه الرؤية يجب أن تتجدد اليوم، وأن تتحول إلى سياسات واقعية تدعم الاقتصاد الوطني وتخلق فرصا جديدة للشباب وتعيد الثقة في قدرة المصري على البناء والإبداع.

إن الوفد، في جوهره، فكرة مستمرة لا تموت، لأنه ولد من قلب الشعب ولأجل الشعب، تاريخه ليس مجرد صفحات في كتب السياسة، بل هو شريان ينبض في وجدان كل من يؤمن بأن الوطن أغلى من كل شيء. 

وكلما مر الزمن، زادت قناعتي بأن الوفد ليس حزبا عاديا، بل ضمير وطني حي، يحمل في داخله خلاصة التجربة المصرية في الحرية والكرامة والعدل الاجتماعي.

وأنا واحد من الذين تشربوا من هذه المدرسة، وتعلمت منها أن الوطن لا يباع ولا يشترى، وأن الانتماء الحقيقي لا يقاس بالمناصب، بل بما تقدمه لبلدك من إخلاص. 

الوفد بالنسبة لي ليس مجرد تاريخ أفتخر به، بل حاضر أعيش تفاصيله، ومستقبل أؤمن به، ومن خلال هذا الإيمان أرى أن الحفاظ على مبادئ الوفد وتجديدها في ضوء تحديات العصر هو واجب كل من يؤمن بأن الوطنية ليست ذكرى، بل عمل مستمر من أجل غد أفضل.

وهكذا يظل الوفد، من طلعت حرب إلى عبدالسند يمامة، شاهدا على أن الوطنية المصرية لا تعرف الانقطاع، تتغير الوجوه والظروف، لكن يظل المبدأ واحدا مصر أولا، ومصر دائما.