ضريبة بأثر رجعي تشعل سوق المحمول

شهدت سوق الهواتف المحمولة موجة من الارتباك والغضب خلال الأيام الماضية، بعد إرسال رسائل نصية من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات إلى عدد من المستخدمين، تطالبهم بسداد رسوم جمركية على هواتفهم المستوردة، رغم استخدامها منذ شهور.
اللافت في هذه الرسائل أنها طالت مستخدمين قاموا بتفعيل أجهزتهم قبل 1 يناير 2025، وهو ما يخالف التصريحات الرسمية السابقة التي أكدت أن الرسوم الجمركية لا تُطبق بأثر رجعي، الأمر الذي فجر تساؤلات عديدة، وأدى إلى توتر ملحوظ بين العملاء والتجار.
تجار يغلقون محالهم.. والسبب غضب الزبائن
خوفًا من التصعيد والمشكلات مع العملاء، لجأ عدد من تجار الهواتف المحمولة في مناطق متفرقة مثل وسط البلد والمنصورة والجيزة إلى إغلاق محالهم مؤقتًا، بعضهم تلقى شكاوى حادة من الزبائن الذين طالبوا باسترداد قيمة الهواتف، مؤكدين أنهم تلقوا رسائل تُلزمهم بسداد رسوم جمركية إضافية على أجهزة اشتروها بالفعل قبل شهور.
وأكدت مصادر في سوق المحمول أن هناك حالة من التخبط أصابت حركة البيع والشراء، خصوصًا مع اتساع دائرة المتأثرين بالقرار، سواء من المستخدمين أو من التجار الذين سددوا بالفعل رسوم الجمارك على الهواتف المستوردة ثم فوجئوا بشكاوى من عملائهم حول مطالبات مالية جديدة.
تطبيق "تليفوني" يتحول من حل إلى أزمة
كان من المفترض أن يساهم تطبيق "تليفوني"، الذي أطلقه الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بالتعاون مع مصلحة الجمارك، في تنظيم السوق وتحديد موقف الهواتف المستوردة من الرسوم، إلا أن التجربة كشفت عن مشكلات فنية أو إدارية تسببت في إرسال رسائل لمواطنين سجلوا هواتفهم مسبقًا بشكل رسمي، ثم تلقوا لاحقًا مطالبات جديدة بالسداد.
بحسب توجيهات الجهاز، فإن الهواتف التي تم تشغيلها وتفعيلها داخل مصر قبل 1 يناير 2025، لا تخضع للرسوم الجديدة، ولا تشملها الإجراءات الضريبية بأثر رجعي، لكن الواقع الحالي يعكس العكس تمامًا، ما يطرح تساؤلات حول مدى دقة البيانات المستخدمة في التطبيق، وأسس احتساب الرسوم.
وليد رمضان: ندعم الحوكمة.. لكن نرفض الأثر الرجعي
شدد وليد رمضان، نائب رئيس شعبة المحمول، على رفض تطبيق الرسوم الجمركية بأثر رجعي، مؤكدًا أن دعم الغرفة التجارية لأي خطوات حكومية لضبط السوق مرهون بعدم الإضرار بالمستهلكين أو التجار الذين التزموا بالقانون.
وقال رمضان إن الشعبة تؤيد فكرة ضبط الاستيراد العشوائي وتحقيق العدالة الضريبية، لكنها ترفض تمامًا مبدأ محاسبة من اشترى هاتفًا قبل القرار بأثر رجعي، ما يتسبب في حالة من الفوضى وانعدام الثقة.
اجتماع مرتقب لحسم الأزمة
من المقرر أن تعقد شعبة المحمول اجتماعًا عاجلًا مع مسؤولي وزارة الاتصالات خلال الأسبوع الجاري، لمناقشة تداعيات الأزمة ووضع حلول واضحة وعادلة، تضمن استقرار السوق، وحماية حقوق جميع الأطراف.
وفي انتظار ما ستسفر عنه هذه الاجتماعات، تبقى سوق المحمول في حالة ترقب، وسط دعوات من التجار والمستهلكين لوقف الرسائل التلقائية، ومراجعة آلية التطبيق، منعًا لتفاقم الأزمة واتساع فجوة الثقة بين الدولة والمواطن.