رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

حكم صيام من كان يخطئ في غسل الجنابة

بوابة الوفد الإلكترونية

الجنابة.. قالت دار الإفتاء المصرية إن مَن كان يخطئ في غسل الجنابة صيامه صحيح، ما دام قد أدَّى الصوم بأركانه وشروطه من تحقق النية، وخلو الصوم عمَّا يفسده، فإن المقرر أن عدم الطهارة من الحدث الأكبر ليس مما يؤثر على الصوم.

مدى اشتراط النية عند الاغتسال من الجنابة:

ولا يختلف أحد من الفقهاء في أنَّ الاغتسال من الجنابة أمرٌ واجبٌ؛ لأنه لا يجوز للجُنب أن يؤدي الصلاة أو أن يمس المصحف، أو أن يدخل المسجد إلَّا بعد أن يغتسل منها؛ لقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: 6].

وقد اختلف الفقهاء في اشتراط النية ليتحقَّق الاغتسال شرعًا، فذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى وجوب اشتراط النِّية عند الاغتسال، وأنَّها فرض من فرائضه، كما قال العلامة خليل المالكي في "مختصره" (ص: 23، ط. دار الحديث)، والإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (1/ 87-88، ط. المكتب الإسلامي)، والعلامة البُهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 181، ط. دار الكتب العلمية).

الجنابة:

وذهب الحنفية إلى أَنَّ النيةَ في الغُسْل سُنَّةٌ وليست بفرضٍ، كما قال العلَّامة ابن عابدين الحنفي في "حاشيته على الدر المختار" (1/ 156، ط. دار الفكر).

والأصل أنَّ النية من فرائض الغُسْل ابتداءً، فلا يصح من دونها، كما هو مذهب الجمهور؛ إذ الاغتسال من الجنابة عبادة، والعبادة لا تؤدَّى ولا يعتدُّ بها شرعًا إلَّا بالنية؛ وذلك لما أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أي: أنَّ صِحَّتَها مُعلَّقةٌ على النية.

ورد عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» رواه البخاري ومسلم في "صحيحيهما"، وفي رواية الدارقطني في "سننه" بلفظِ: «إِنِ اجْتَهَدْتَ فَأَصَبْتَ لَكَ عَشَرَةُ أُجُورٍ، وَإِنِ اجْتَهَدْتَ فَأَخْطَأْتَ فَلَكَ أَجْرٌ وَاحِدٌ».


مدى تأثير ترك النية عند الاغتسال من الجنابة على الصيام:

وأوضحت الإفتاء أن ترك الغسل من الجنابة أصلًا لا يؤثر على صحة الصيام فضلًا عن كونه خطأً، فقد اتفق الفقهاء على أنَّ الطهارة من الجنابة ليست شرطًا من شروط صحة الصيام التي لا يصح الصيام إلا بها، وأنَّ من أصبح جنبًا فإن صيامه صحيح، كما في "الإقناع" لابن القطَّان (1/ 237، ط. الفاروق الحديثة).

وقد استدل العلماء على جواز أن يُصبح الصائم جُنبًا بقوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة: 187]، حيث دلَّت هذه الآية على صحة صيام من أصبح جنبًا وهو صائم، سواءٌ كان جنبًا بسبب جماع امرأته قبل الفجر، أو نتيجة احتلامه وهو صائم، فلما أباح الله الجماع إلى طلوع الفجر جاز للجنب إذا أصبح قبل أن يغتسل أن يصوم، كما في "شرح صحيح مسلم" للإمام النووي (7/ 221، ط. دار إحياء التراث العربي).

الغسل من الجنابة:

وورد عن أم المؤمنين عائشة وأم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ كَانَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ» أخرجه البخاري في "صحيحه". وفي رواية الإمام مسلم: «مِنْ غَيْرِ احْتِلامٍ».

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (4/ 144، ط. دار المعرفة): [الاحتلام يطلق على الإنزال، وقد وقع الإنزال بغير رؤية شيء في المنام، وأرادت بالتقييد بالجماع المبالغة في الرد على من زعم أن فاعل ذلك عمدًا يفطر، وإذا كان فاعل ذلك عمدًا لا يفطر فالذي ينسى الاغتسال أو ينام عنه أولى] اهـ.

وقال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (7/ 222): [أجمع أهل هذه الأمصار على صحة صوم الجنب سواء كان من احتلام أو جماع، وبه قال جماهير الصحابة والتابعين] اهـ.

فيظهر من ذلك أنه لا يجب غسل الجنابة على الفور، وقد استثنى الفقهاء من ذلك ما إذا كان الاغتسال من الجنابة بغرض إدراك وقت الصلاة.

قال العلامة الشَّبْرَامَلِّسي الشافعي في "حاشيته على نهاية المحتاج" (1/ 209-210، ط. دار الفكر): [قوله: (ولا يجب فورًا أصالة) خرج به ما لو ضاق وقت الصلاة عقب الجنابة أو انقطاع الحيض، فيجب فيه الفور، لا لذاته، بل لإيقاع الصلاة في وقتها] اهـ.

الجنابة

لكنَّ الأولى بالجُنب المسارعة إلى الغسل من الجنابة وعدم تأخير ذلك؛ لما يخشى من أثر تأخيره على النفس من كثرة الوساوس ونحوها، وحتى يقوم الصائم بالتقرب إلى الله خلال زمن الصيام بكل القرب من ذكر وقراءة قرآن ونحوها على الوجه الأكمل الصحيح.

قال العلَّامة ابن ميارة المالكي في "الدُّر الثمين والمورد المعين" (ص: 166، ط. دار الحديث): [وتأخير غسل الجنابة يثير الوسواس، ويُمكِّن الخوف من النفس، ويقلل البركة من الحركات] اهـ.