أمريكا تتجه لحظر استخدام معدات هواوي وZTE في الكابلات البحرية

في خطوة جديدة تؤكد تصاعد التوترات التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين، أعلنت لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية (FCC) عزمها التصويت على حزمة من القواعد الجديدة التي تهدف إلى حظر استخدام التكنولوجيا الصينية في الكابلات البحرية، في خطوة اعتبرها مراقبون تصعيدًا كبيرًا في الحرب التكنولوجية الباردة بين القوتين الاقتصاديتين.
وأوضح "بريندان كار"، رئيس اللجنة، في بيان رسمي، أن القواعد المقترحة ستشمل حظر استخدام أي معدات صينية مدرجة ضمن "قائمة الكيانات التي تُشكل تهديدًا غير مقبول على الأمن القومي للولايات المتحدة". ولا يقتصر الحظر على المعدات فحسب، بل يشمل أيضًا الحد من قدرة الشركات الصينية على الحصول على تراخيص لإنشاء أو تشغيل كابلات بحرية تمر عبر الأراضي الأمريكية أو تتصل بها.
وتُعد الكابلات البحرية من أكثر عناصر البنية التحتية لشبكة الإنترنت أهمية، حيث تنقل ما يزيد عن 95% من حركة البيانات العالمية بين الدول. لكن في نظر المسؤولين الأمريكيين، فإن هذه الشبكات أصبحت جبهة محتملة للتجسس والتدخل الأجنبي، لا سيما من جانب خصوم استراتيجيين مثل الصين.
ويبدو أن الخطوة الجديدة تأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التصعيدية التي تبنتها الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة للحد من تغلغل التكنولوجيا الصينية داخل شبكاتها الحيوية. ففي عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، فرضت الحكومة الأمريكية قيودًا مشددة على شركات الاتصالات الصينية مثل هواوي وZTE، شملت إجبار الشركات الأمريكية على "إزالة واستبدال" معداتها القديمة المرتبطة بهاتين الشركتين، إلى جانب تخصيص تمويل من لجنة الاتصالات الفيدرالية لدعم هذه العملية.
لكن الملفت هذه المرة، أن الإجراءات المقترحة لا تأتي من الجهة المسؤولة عن تلك القواعد السابقة، بل من لجنة مختلفة داخل الـFCC بقيادة كار، الذي يتبنى توجّهًا أكثر حدة في ملف الأمن السيبراني والرقابة على قطاع الاتصالات. وقد عُرف بريندان كار بمواقفه الصارمة تجاه أي مبادرات يُنظر إليها على أنها تمثل تهديدًا للأمن القومي أو تخالف القيم الأمريكية الدستورية، حتى أنه هدّد بالتحقيق في سياسات الشركات بشأن التنوع والمساواة، معلنًا أنه سيرفض الموافقة على أي اندماجات مستقبلية لشركات تصر على تبني هذه السياسات "بصيغتها الحالية".
من المتوقع أن يتم التصويت على القواعد الجديدة في 7 أغسطس، وسط حالة من الترقب في الأوساط التكنولوجية والسياسية، خاصة بعد الهجوم السيبراني الضخم المعروف بـ"سولت تايفون" الذي استهدف عددًا من شركات الاتصالات الأمريكية العام الماضي. وقد يُنظر إلى هذه القواعد باعتبارها إجراءً وقائيًا ضروريًا لتأمين البنية التحتية الرقمية للبلاد ضد هجمات مماثلة في المستقبل.
تعكس هذه الخطوة بوضوح التوجه الأمريكي نحو "إعادة هندسة" شبكاتها التحتية الرقمية بما يتماشى مع الأولويات الأمنية والسياسية، ولو على حساب التعاون التقني الدولي أو خفض التكاليف. وفي الوقت الذي تسعى فيه الصين لتوسيع نفوذها في تقنيات الكابلات البحرية عالميًا، يبدو أن واشنطن عازمة على رسم خطوط حمراء جديدة لا يمكن تجاوزها.