الصلوات الأخيرة
إسرائيل تغتال الفلسطينيين فى كنيسة اللاتين بغزة.. وتضم الحرم الإبراهيمى فى الضفة
إدانات دولية لجرائم الصهيونية على المقدسات
تتقاسم غزة بمسلميها ومسيحييها الإبادة وكسرة الخبز المغمسة بالدم وتجمعها الصلوات بعودة حياة لا يقصف فيها بيت و مسجد ولا كنيسة.
دقت الساعة التاسعة، كان أبناء كنيسة العائلة المقدسة للاتين فى غزة، الذين لجأوا إليها منذ أكثر من 21 شهراً، يرفعون الصلوات من أجل السلام وإنهاء الحرب ولكن باغتهم الرد الإرهابى الصهيونى فى تمام الساعة العاشرة، بغارات مسيرة على مبنى الكنيسة مباشرة، ما أدى الى ارتقاء واصابة العشرات بينهم كاهن الرعية الأب «جبرائيل رومانيللي». فى سلسلة جديدة من ايام الحرب الدينية التى تشنها حكومة الاحتلال الصهيونى برئاسة «بنيامين نتنياهو» لليوم الـ650.
وأكد عضو مجلس وكلاء الكنيسة العربية الأرثوذكسية فى القطاع «إلياس الجلدة» أن الاحتلال استهدف بشكل مباشر المبنى الرئيسى للكنيسة الكاثوليكية اللاتينية؛ بعد وقت قصير من انتهاء الصلاة فيها.
وتؤوى الكنيسة التى تعرضت للقصف عدة مرات نحو 600 نازح ونازحة غالبيتهم من الأطفال و54 شخصًا من ذوى الاحتياجات الخاصة، ما يعد مساسا سافرا بكرامة الإنسان، وانتهاكا صارخا لقدسية الحياة وحرمة الأماكن الدينية التى تشكل ملاذًا للأمان فى أوقات الحرب، فالعدو النازى لا يفرق بين مسلم ومسيحى فى القطاع والضفة المحتلة، فالكل مستهدف فى عقيدته المختلة أنه صاحب الدين الأعلى والأجدر للبقاء.
أدى القصف إلى تدمير أجزاء كبيرة من المجمع، واضطر ذوو الاحتياجات الخاصة إلى إخلاء المكان دون أن يتمكن بعضهم من أخذ أجهزة التنفس التى يعتمدون عليها للبقاء على قيد الحياة، ما يهدد حياتهم بشكل مباشر.. ففى هذه اللحظة الحرجة، تؤكد البطريركية أن الكنائس هى منارات روحية وإنسانية، تخدم الجميع دون تمييز.
وتعد كنيسة «دير اللاتين» من أقدم المراكز الدينية المسيحية بغزة، وتحولت منذ بدء الحرب إلى ملاذ للمدنيين، خصوصا العائلات المسيحية التى تواجه ظروف النزوح والحصار.
وخلال فترة الإبادة لم ينج مكان للعبادة سواء للمسلمين أو المسيحيين من هجمات الاحتلال، وكانت تلك الأماكن المقدسة هدفا مباشرا للضربات الجوية والمدفعية، ما أسفر عن دمار مروع وخسائر بشرية فادحة ولم تكتف تل أبيب بالاعتداء على المبانى الدينية، بل تجاوزت ذلك إلى ارتكاب جرائم قتل بحق علماء الدين وأئمة المساجد والرهبان.
ودمرت صواريخ وقنابل الاحتلال 738 مسجدا، تدميرا كاملا من أصل نحو 1244 مسجدا فى القطاع غزة، بما نسبته 79%. كما تضرر 189 مسجدا بأضرار جزئية، ووصل إجرام الاحتلال إلى قصف عدد من المساجد والمصليات على رءوس المصلين الآمنين، كما دمرت آلة العدوان الإسرائيلية 3 كنائس تدميرا كليا جميعها موجودة فى مدينة غزة،كما استهدف الاحتلال 32 مقبرة منتشرة بالقطاع من إجمالى عدد المقابر البالغة 60، حيث دمر 14 تدميرا كليا و18 جزئيا.
كما دمر العدوان الإسرائيلى كنيسة القديس برفيريوس وهى أقدم كنيسة فى غزة وثالث أقدم كنيسة فى العالم، حيث يعود تاريخ تأسيسها إلى القرن الخامس الميلادي، وهى تقع فى حى الزيتون، وسُميت نسبة إلى القديس برفيريوس، حيث تحتضن قبره. وتعرضت للاستهداف المباشر أكثر من مرة، الأولى كانت فى 10 أكتوبر 2023، ما تسبب بدمار كبير، والثانى فى 19 من الشهر ذاته، ما تسبب بانهيار مبنى وكلاء الكنيسة بالكامل، ووقوع عدد من الشهداء والجرحى من النازحين الذين تواجدوا بداخلها.
كما قصفت تل أبيب كنيسة العائلة المقدسة التى تعد الوحيدة فى مدينة غزة، وكانت مأوى للمسيحيين والمسلمين خلال فترة الإبادة، وتم تأسيسها فى أوائل القرن العشرين، على أيدى الرهبان الفرنسيسكان، وبنيت الكنيسة على الطراز المعمارى الكاثوليكى التقليدي، كما كانت مركزا ثقافيا ومجتمعيا يوفر العديد من الأنشطة الدينية والاجتماعية للمجتمع المسيحى فى المنطقة.
ولم تنج كنيسة المعمدانى من حرب الابادة وهى تتبع الكنيسة الأسقفية الإنجليكانية فى القدس، حيث تم تأسيسها عام 1882 ميلادية على يد البعثة التبشيرية التى كانت تابعة لإنجلترا.
وارتبط اسمها خلال الحرب بمجزرة مروعة، حيث تعرضت ساحة المستشفى المعمداني، وهى جزء من مبانى الكنيسة، لقصف إسرائيلى فى 17 أكتوبر2023 أسفر عن استشهاد نحو 500 فلسطينى من المرضى والنازحين الذين كانوا متواجدين فى المستشفى.
وأدانت اللجنة الرئاسية العليا لشئون الكنائس فى فلسطين الاستهداف الخطير لدور العبادة، ووصفته بأنه انتهاك صارخ للقانون الدولى الإنسانى ولحرمة أماكن العبادة والمقدسات، مؤكدة أن استهداف الكنائس والمؤسسات الدينية تحت أى ذريعة هو عمل مرفوض ومدان، ويشكل تهديدا مباشرا للوجود المسيحى الأصيل فى الأرض المقدسة.
وأعربت بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية عن بالغ استنكارها وإدانتها إزاء القصف الذى استهدف كنيسة دير اللاتين فى مدينة غزة، والذى أوقع إصابات وأضرارًا جسيمة فى مجمع الرعية، وعرّض حياة الأبرياء للخطر، خاصة من ذوى الاحتياجات الخاصة والنازحين الباحثين عن مأوى آمن فى حضن الكنيسة.
وأدانت رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، قصف الكنيسة بمدينة غزة، مؤكدة أن هجماتها على المدنيين الفلسطينيين غير مقبولة ولا يمكن تبريرها. وقالت ميلونى عبر منصة «إكس»، إن «الغارات الإسرائيلية على غزة استهدفت كنيسة العائلة المقدسة».
وأكدت أن الهجمات التى تشنها إسرائيل على المدنيين منذ أشهر أمر غير مقبول، ولا يمكن لأى عمل عسكرى أن يبرر هذا الموقف.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يتصاعد فيه الحديث عن موجة استيطانية جديدة تشهدها الضفة المحتلة، تعود قضية «قبر يوسف» شرق مدينة نابلس إلى الواجهة، كمؤشر خطير على محاولات الاحتلال فرض سيادة دائمة فى قلب المناطق المصنفة (A) الخاضعة إداريًا وأمنيًا للسلطة الفلسطينية حسب اتفاق أوسلو.
ويعد القبر الذى تزعم «إسرائيل» أنه يُنسب للنبى يوسف عليه السلام، وذلك عكس الروايات والحقائق التاريخية التى تنفى ذلك، أحد أكثر المواقع حساسية فى الضفة.
وأدانت منظمة التعاون الإسلامي، قرار الاحتلال الإسرائيلى غير القانونى نقل سلطة إدارة الحرم الإبراهيمى الشريف والإشراف عليه من وزارة الأوقاف والشئون الدينية الفلسطينية وبلدية الخليل إلى ما يُسمّى «المجلس الدينى اليهودى فى مستوطنة كريات أربع»، اعتبرته انتهاكا صارخا للقرارات الدولية بما فى ذلك الصادرة عن منظمة اليونسكو.
وحذرت المنظمة فى بيان لها، من خطورة هذه الإجراءات غير القانونية التى تأتى فى سياق محاولات الاحتلال الإسرائيلى تغيير الوضع التاريخى والقانونى والدينى للمقدسات الإسلامية فى الأرض الفلسطينية المحتلة، ومخططاتها لفرض السيادة الإسرائيلية المزعومة على الأرض الفلسطينية، مؤكدة أن جميع القرارات والإجراءات الإسرائيلية فى الأرض الفلسطينية المحتلة غير شرعية وباطلة بموجب القانون الدولي.
وطالبت المجتمع الدولى والأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو بتحمل مسئولياتها، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الحرم الإبراهيمى فى مدينة الخليل من الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية، وضمان احترام حرمة الأماكن المقدسة وحرية العبادة والوصول إليها.