قيادي عراقي يستعين بجريدة "الوفد" للحديث عن مذبحة العمال المصريين خلال عهد صدام حسين

استعان فائق الشيخ علي، القيادي العراقي وعضو مجلس النواب السابق، بأحد أعداد جريدة “الوفد” الصادرة في شهر نوفمبر من عام 1989، للحديث عن الواقعة التي سميت حينها إعلاميا بـ “النعوش الطائرة” للحديث عن واقعة مقتل العمال المصريين بالمئات خلال تلك السنة.
وكانت جريدة “الوفد” نشرت آنذاك تقريرًا أتبعته بتغطية شاملة وكبيرة حول ملف “النعوش الطائرة” وحتى عام 1992، بسبب ازدياد عودة جثامين العمال المصريين إلى مصر.
واستشهد فائق الشيخ علي بتقرير “الوفد” والذي جاء تحت عنوان "مذبحة المصريين في بغداد".. أثناء احتفالهم بالفوز على الجزائر، أطلق العراقيون الرصاص على تجمعات المصريين فقتلوا 7 أشخاص وأصابوا 120، وجرت اعتقالات واسعة للمصريين، ولم يسلم من أذى المذبحة أي مصري كان موجودًا يوم الجمعة".
وكان المنتخب المصري فاز على المنتخب الجزائري في عام 1989 خلال مباراة أقيمت في القاهرة بهدف مقابل لا شيء بقدم حسام حسن بعد التعادل السلبي في الجزائر، ليضمن بطاقة التأهل إلى كأس العالم في إيطاليا 1990.

وتحولت احتفالات المصريين في بغداد بعد تأهل فريقهم لكرة القدم لكأس العالم 1990 إلى أعمال عنف، حيث قام عراقي، ويبدو أنه مستاء من خسارة الجزائر أو ناقم من تواجد المصريين، بقيادة سيارته وسط حشد من المصريين المحتفلين، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة العشرات.
أثار هذا أعمال شغب، حيث دمر المصريون السيارات والممتلكات العامة، ما أدى إلى اشتباكات مع العراقيين في الشوارع، تدخلت قوات الشرطة العراقية الخاصة، وأطلقت النار على التجمعات المصرية، ما أسفر عن مقتل العشرات واعتقال المئات من المصريين، لكن في الأشهر التي تلت حادثة “الجمعة السوداء” وصل حوالي ألف جثمان مصري آخر إلى القاهرة.

وعانى العمال المصريين في العراق في أواخر فترة الثمانينيات، بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية في 20 أغسطس 1989 من مآسي مروعة، حيث تواجد الملايين من العمال المصريين الذين وجدوا أنفسهم في قلب صراع اجتماعي عنيف بعد انتهاء الحرب.
وأشار فائق الشيخ علي إلى أن أعداد المصريين في العراق خلال الثمانينيات كانت تتراوح بين 4.8 و5 ملايين عامل، وهو رقم اعترفت به الحكومة المصرية آنذاك لأغراض التحويلات المالية.

وتابع خلال حواره مع الإعلامي الكويتي عمار تقي، مقدم برنامج الصندوق الأسود، أن السبب الرئيسي وراء هذا الوجود الكثيف هو انخراط الرجال العراقيين في جبهات القتال، ما دفع الحكومة العراقية إلى استقدام العمالة المصرية لسد النقص في مختلف القطاعات، بما في ذلك الوزارات والمصانع والمزارع.
ولفت إلى أنه مع انتهاء الحرب في عام 1988، وتسريح الجنود العراقيين وعودتهم إلى الحياة المدنية في عام 1989، تفجرت التوترات، ووجد الجنود العائدون المصريين يشغلون وظائفهم السابقة، ما أدى إلى اشتباكات ونزاعات، بل وعنف في بعض الأحيان.

وسرد “فائق” 3 وقائع دامية حدثت للمصريين أولها حادثة المربعة ببغداد (1989)، حيث شهدت منطقة المربعة في بغداد عام 1989 مشادات بين عراقيين ومصريين، مما أدى إلى احتجاجات مصرية، وما سميت "مذبحة المصريين" عقب مباراة الجزائر.
وأفاد أن الرئيس حسني مبارك صرح بأن المصريين تفهموا تصرفات النظام العراقي تجاه العمال، مشيرًا إلى إعادة 8000 جثمان إلى مصر، مع زيادة ملحوظة في الأعداد أواخر عام 1989.
قضية “النعوش الطائرة”
في أوائل الثمانينيات، وخلال الحرب العراقية الإيرانية، واجه العراق نقصًا حادًا في الأيدي العاملة بسبب تجنيد معظم العراقيين في الجيش، وشجع صدام حسين قدوم العمال المصريين، ما أدى إلى وصول ما يقرب من ثلاثة ملايين مصري إلى العراق بحلول عام 1990، وتشير بعض التقارير إلى أن العراق فتح باب التجنيد العسكري للمصريين لسد الثغرات في قواته المقاتلة.
بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية عام 1988، أدت تسريح مئات الآلاف من الجنود العراقيين إلى ارتفاع معدلات البطالة بين العراقيين، وبدأ العديد من العراقيين ينظرون إلى المصريين على أنهم سبب بطالتهم وفقرهم، خاصة أن المصريين كانوا يشغلون العديد من الوظائف.

تصاعد التوتر عندما عاد بعض الجنود العراقيين، الذين كان يعتقد أنهم قتلوا أو أسروا، ليجدوا أن زوجاتهم قد تزوجن من مصريين، وبحلول أواخر عام 1989، كان العمال المصريون يُرحلون بأعداد كبيرة، وظهرت ادعاءات واسعة النطاق بوقوع أعمال عنف وقتل ضد المصريين، رغم نفي العراق لهذه المزاعم.
تفاقمت الصعوبات الاقتصادية في العراق، بسبب قطع دول الخليج للمساعدات، ما أدى إلى فرض قيود على تحويلات العمال الأجانب، ما أثر بشدة على المصريين الذين كانوا يرسلون ما يقرب من مليار دولار سنويًا إلى بلادهم.
تفاوتت أعداد التوابيت العائدة، حيث تراوحت التقديرات من 5500 وفقًا لوسائل الإعلام إلى 8000 وفقًا للرئيس حسني مبارك، ويشير اكتشاف مقابر جماعية بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 إلى أن العدد الحقيقي أعلى من ذلك بكثير.
اقرأ المزيد..