كلام فى الهوا
يقول ابن حزم «رحمه الله»: «من يتصدر لخدمة العامة فلا بد أن يتصدق ببعض من عرضه على الناس، لأنه لا محالة شتوم حتى وإن واصل الليل بالنهار»، هذه هى الحقيقة المُرة لمن يتصدى لخدمة الناس حتى لو كان لوجه الله. لذلك يلجأ من لا يحتمل ذلك إلى مواجهته وعدم الصبر، معتقداً أن بغير هذه المواجهة سوف تختفى فى الزحام وتبسط إلى القاع، هذا ما يريده أعداؤك، وبعض منا يأخذ به. ولكن الحق يا رجل كُن من هؤلاء الذين يقبلون النقد، خاصة إن كان من صديق أو حبيب، فالانتقاد ظاهرة إيجابية إن جاءت من غير شهوة أو شُبهة حقد أو حسد. فالنقد المقبول هو النقد الذى يبنى ولا يهدم، وأن يكون موجهاً إلى عمل الرجل وليس ذاته. وبالتأكيد النوايا لا يعلمها إلا الله، فلا يصح أن يكون النقد قائمًا على نظرية الترويج لشخص الناقد، أن يُنصب الناقد نفسه بأنه وصى على الشخص محل النقد، أو يعرف نفسه الناقد بأنه الحامى الأمين على الشخص الموجه له النقد، وأن الآخرين مجرد حُثالة لا وزن لهم، أو أن ينساق الشخص إلى هذا الناقد الذى يُدغدغ مشاعره ويُغيبه عن إدراك ما حوله من الحقائق. وهناك أشخاص يلتقطون هذا المدح ليرضوا غرورهم. وأتساءل: يا تُرى ما هى النشوة التى يشعر بها من جراء هذا المدح المُزيف إلا تحطيم مجاديف الشخص الذى يتصدى للعمل العام، ويكتفى بالطنطنة الجوفاء خوفاً من الانتقاد الحقيقى؟