الحرب الإيرانية تضع أوزارها، والشرق الأوسط علي صفيح ساخن وتركت تلك الحرب تداعيات عديدة وألقت بظلالها علي مستقبل المنطقة. فبعد تعدي دولة الكيان الغاصب علي إيران ونشوب تلك الحرب السريعة الخاطفة وردود إيران القوية وغير المتوقعة وضرب الجبهة الداخلية في عمق الكيان وعاصمته وكافة أرجاء البلاد شمالاً وجنوباً بالمسيرات البالستية والصواريخ بعيدة المدي، متخطية كافة نظم الدفاع الجوي ومتجاوزة صواريخ الباتريوت وتدمير أهداف استراتيجية وأماكن محاطة بسياج دفاع جوي قوي، ومع ذلك تفوقت الصواريخ والمسيرات البالستية علي تلك النظم وأصبحت سماء دولة الكيان مفتوحة أمام صاروخ خيبر وإخوته وبات المواطنون في الملاجئ أياماً وليالي وحالة الخوف والهلع والفزع سيطرت عليهم وعاشوا مشهدا لم يروه من قبل منذ نشأت هذا الكيان.
فالقذائف والنيران في قلب العاصمة وفي أماكن شديدة الحماية والدمار لحق بهم في مشهد كانوا صانعيه بغزة، وبدأت تلك الحرب تأخذ منحى آخر غير متوقع من صانعي القرار وكل يوم يظهر لهم صنف جديد ومتطور من المسيرات البالستية والصواريخ العنقودية تداهمهم، فطالبوا بالتدخل السريع لأمريكا لإنقاذ الموقف وضرب إيران. وقامت أمريكا بضرب المفاعل النووي الإيراني ضربة خاطفة، وردت إيران علي ذلك بضرب قاعدة العديد الأمريكية بقطر ودعت أمريكا لوقف الحرب فاستجابت الدولة المعتدية وايران، ووقف القتال.
ولكن تبقي لهذه الحرب نتائج وآثار كثيرة علي مستقبل منطقة الشرق الأوسط لعل منها أن دولة الكيان الغاصب دولة احتلال وتسعي لمشروع هيمنة علي بلدان الشرق الأوسط وتري ضعف الدول العربية وبالأخص لبنان وسوريا وفلسطين والأردن والعراق والتطبيع مع بعض الدول العربية فرصة سانحة لكسر شوكة دولة إيران حتي تتمكن وتنفرد بقيادة المنطقة إلي شرق أوسط جديد تحقق به حلم إسرائيل الكبري، وكان للرد الإيراني القوي علي تلك الهجمة البربرية بضرب عاصمة البلاد وكافة الأرجاء لم تكن بمنأى عن القوة المدمرة للصواريخ الإيرانية ما أسقط أسطورة الطوق الحديدي الذي يؤمن سماء دولة الكيان وانهار أمام الصواريخ والمسيرات البالستية الإيرانية، وهذه مسألة مهمة لها ما بعدها حيث أيقن الجميع أنه ليست هناك سماوات مغلقة، وأن الأسلحة المتطورة تتغلب علي هذه الأكذوبة التي يروج لها ويعيش بها الكيان الغاصب وأن الأمن والأمان ليس بتلك الأطواق الدفاعية ولكن بالسلام العادل القائم علي احترام سيادة الدول والمحافظة علي السلم والأمن الدوليين.
أما المسألة التي يجب العمل عليها اليوم وليس الغد فهي أن يلملم العرب جراحهم وأن يكونوا على يقين تام أنهم ليس لهم خيار آخر في وضع مشروع حقيقي لبنيان قوي لجامعة الدول العربية، وعمل مصالحة عربية شاملة والمساعدة في حلحلة ورأب الصدع للمشكلات الداخلية للبلدان العربية كالسودان وليبيا ووضع صندوق لإعمار غزة ووقف العدوان عليها والضفة الغربية والقدس المحتلة مع وقف الاستيطان وأن تكون قراراتها ملزمة بثلثي الأعضاء مع دعم وصلاحيات للأمانة العامة لجامعة الدول، وأن يتفق على أن قرارات الجامعة ملزمة للكافة وأن يتناقش العرب في وضع خطة لمسار اقصادي يبني علي الاستثمار الأمثل لموارد البلاد العربية، وهذا ليس ترفاً أو حلماً، فمن المحن تولد المنح، وهذا المشهد وتلك الأحداث ينبغي قراءتها جيداً، والعمل على وحدة العرب وإدراك أن المصير مشترك بحكم الواقع والتاريخ، وكلنا في الهم عرب وهناك دروس وعبر من تلك الأحداث تكشف لنا عن مآلات مستقبلية.. وللحديث بقية