رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

في كل مرحلة من مراحل التاريخ، كانت مصر تقف في موقعها الطبيعي؛ في مقدمة الصفوف، تحمل هموم الأمة، وتدافع عن قضاياها، وتفتح أمام العرب أبواب الأمل والعمل المشترك. 

فمصر ليست مجرد دولة بين الدول، لكنها فكرة ومعنى ورسالة ممتدة عبر الزمان، دورها الريادي لم يكن منحة من أحد، بل هو قدر ارتبط بتكوينها، ووعي أبنائها، وموقعها الذي جمع بين الشرق والغرب، وبين الماضي والمستقبل.

أنا كمواطن مصري، أؤمن أن مصر كانت وستظل القلب النابض للعروبة، والحصن الذي تلجأ إليه الأمة في أوقات الشدة، على أرضها ولدت الدعوات الكبرى للحرية، ومنها خرجت الأصوات التي نادت بالاستقلال والكرامة والسيادة الوطنية. 

وفي ظل ما يمر به عالمنا العربي اليوم من تحديات جسيمة، من أزمات سياسية واقتصادية، وصراعات إقليمية، وانقسامات داخلية، تبدو الحاجة أكثر إلحاحا إلى استعادة روح التضامن العربي والعمل المشترك، بروح الأخوة والمسؤولية، بعيدا عن المصالح الضيقة والحسابات اللحظية.

لقد أثبتت التجارب أن الأمة العربية لا يمكن أن تنهض إلا بتكاتف دولها وتكامل أدوارها، وأن مصر حين تكون قوية وفاعلة، ينتعش الأمل في قلب كل عربي. 

فمصر بما تملكه من تاريخ وتجربة وقدرة على الحوار والبناء، مؤهلة لأن تكون الجسر الذي يعبر به العرب من زمن التشرذم إلى زمن الوحدة والنهضة. 

إن سياسات مصر الخارجية دائما ما تضع المصلحة العربية في القلب من اهتماماتها، وتعمل على رأب الصدع وجمع الكلمة، إدراكا منها أن مصير العرب واحد، وأن أمن القاهرة لا ينفصل عن أمن دمشق أو بغداد أو طرابلس أو القدس.

وأنا حين أتحدث عن حب الوطن، لا أتحدث عن شعارات أو كلمات تقال في المناسبات، بل عن إيمان عميق يسكن القلب والعقل معا، تعلمت هذا المعنى العظيم على يد مدرسة الوفد التي غرست في، وفي أجيال كثيرة من المصريين، حب الوطن وترابه، والإخلاص له في القول والعمل. 

مدرسة الوفد لم تكن مجرد حزب سياسي، بل كانت رمزا للوعي الوطني، ومنارة للفكر الحر، ومصنعا للرجال الذين قدموا للوطن أرواحهم قبل كلماتهم.

تعلمت من زعماء وعظماء الوفد كيف يكون الانتماء الحقيقي، وكيف يكون الدفاع عن الوطن شرفا ومسؤولية، تعلمت من سعد زغلول ومعاصريه أن الوطنية ليست موقفا مؤقتا، بل التزام دائم بالكرامة والحرية والعدل. 

تعلمت منهم أن مصر لا تباع ولا تشترى، وأن حبها لا يكون بالحديث عنها فقط، بل بالعمل من أجلها، وبالصدق في خدمتها، وبالإخلاص لترابها الذي هو أغلى ما نملك. 

هذه المدرسة الوطنية كانت بالنسبة لي البوصلة التي توجه فكري ومواقفي، والتي علمتني أن مصر حين تتقدم، تتقدم الأمة كلها، وحين تتراجع، تتراجع معها الآمال.

إن التحديات التي تواجه منطقتنا اليوم تستدعي أن نستعيد روح العروبة التي توحد ولا تفرق، تبني ولا تهدم، تمد يدها لكل شقيق، وتؤمن أن الأمن القومي العربي وحدة لا تتجزأ. 

لا يمكن لأي دولة عربية أن تنعم بالاستقرار بمعزل عن جيرانها، ولا يمكن أن يحقق العرب نهضتهم دون مصر القوية الحاضرة القادرة. 

ومصر، بما لها من ثقل سياسي وثقافي وشعبي، قادرة على أن تعيد صياغة العلاقة بين الدول العربية على أسس من التعاون والتكامل والمصير المشترك.

لقد علمتنا الأيام أن مصير العرب واحد، وأن ما يربط بيننا أكبر من حدود الجغرافيا والسياسة، فهو تاريخ مشترك، وثقافة واحدة، وأمن قومي لا يتجزأ. 

ومصر تدرك تماما هذا الدور، وتتحمل مسؤوليتها تجاه أشقائها بوعي وصدق وثبات، مؤمنة بأن القوة العربية الحقيقية لا يمكن أن تولد إلا من وحدة الصف والكلمة.

إنني أرى أن مستقبل الأمة العربية لن يبنى إلا بالعقل المصري، والريادة المصرية، والتجربة التي علمتنا أن مصر كانت دائما الحارس الأمين للعروبة. 

ومهما حاول البعض أن يضعف هذا الدور أو يشكك فيه، فإن التاريخ يشهد أن مصر لا تتخلى عن مسؤوليتها، وأنها كانت دائما وستظل حائط الصد الأول في وجه كل من يحاول المساس بالأمة أو النيل من وحدتها.

وفي النهاية، يبقى إيماني راسخا بأن مصر هي القادرة على أن تقود العرب نحو غد أفضل، وأن العمل العربي المشترك هو الطريق الوحيد لمستقبل يستحقه أبناء هذه الأمة، فالوطن العربي جسد واحد، وروحه هي مصر، التي ستظل دائما قلب العروبة النابض، وصاحبة الرسالة التي لا تنطفئ.