خبراء لـ"الوفد": المنطقة تتدحرج والحرب العالمية تنتظر شرارتها

حذر خبراء في الشؤون الدولية من أن المنطقة تتجه نحو حرب شاملة قد تمتد تداعياتها لتشعل صراعاً عالمياً بين الشرق والغرب، وكشف خبراء لـ"الوفد" عن تفاصيل خطيرة حول الضربات الإسرائيلية الأخيرة والتخطيط لعمليات مستقبلية، وسط مخاوف من تسارع البرنامج النووي الإيراني كرد فعل.
أكد اللواء أحمد عبد المجيد خبير العلاقات الدولية أن التصعيد الأخير وضع المنطقة على حافة صراع قد "يشعل فتيل حرب دارية بين الشرق والغرب". وفي سياق متزامن، حذر خالد زين الدين، الخبير اللبناني في الشؤون الدولية من أن الصراع قادم ونحن أمام تبدل كبير، مشيراً إلى أن المنطقة تتدحرج نحو مجهول، في إشارة إلى اتساع نطاق المواجهة.
أكد عبد المجيد من أن الضربة الإسرائيلية الأخيرة ضد إيران جاءت نتيجة "خدعة كبرى" وورطت الولايات المتحدة في أزمة دولية عصيبة، مشيراً إلى أن المنطقة على حافة صراع قد "يشعل فتيل حرب دارية بين الشرق والغرب".
كشف عبد المجيد، في تصريحات لـ"الوفد"، عن تفاصيل خطيرة حول التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران، محذراً من تداعياته الكارثية على العالم، لافتا أن الأهداف الإسرائيلية تجاه إيران كانت "واضحة منذ عقود"، نظراً لاعتبار تل أبيب طهران "العدو الأول" والجهة التهديدية الأساسية في الشرق، خاصة مع امتلاكها قدرات نووية وصاروخية تهدد أمن إسرائيل، مشيراً إلى أن الخطاب الإيراني "المعادي" ودعمها لميليشيات كحزب الله والحوثيين أسفر عن "رصيد غير إيجابي" مع المجتمع الدولي، خصوصاً أوروبا والولايات المتحدة الحليف الأول والأخير لإسرائيل.
خدعة "الضوء الأخضر"
وفقاً للخبير الدولي، فإن إسرائيل أعدت لضربتها الأخيرة "بترتيب واضح"، بزرع شبكة جواسيس وعملاء داخل إيران منذ سنوات، مكنتها من "الترصد" وجمع معلومات دقيقة. ما سمح بتنفيذ "ضربة موجعة" باستخدام قرابة 200 طائرة وعدد هائل من المسيرات والصواريخ الذكية، استهدفت علماء وعسكريين وقادة ومواقع حساسة. لكن الرد الإيراني "الحاسم" في اليوم التالي، والذي "عادل ميزان القوة جزئياً"، فاجأ إسرائيل وأجبرها على التخلي عن "لهجة النصر" المبكرة.
وكشف الخبير الدولي، أن الضربة الإسرائيلية كان" مخطط لها بعناية" خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن. وطالبت إسرائيل خلال الزيارة بأن تشارك الولايات المتحدة في العملية عسكرياً، لكن التقديرات الأمريكية رفضت ذلك بسبب وجود قواعد حساسة لها في الخليج، مفضلة ضربة "تأديبية محدودة" تدفع إيران للتفاوض وتقليص برنامجها النووي، مع توقعات بأن يكون الرد الإيراني محصوراً في صواريخ ومسيّرات تُسقطها "القبة الحديدية".
وأوضح انه رغم علم إيران بالمناورات الا أن إسرائيل نفذت ضربة " مباغتة في التوقيت وهائلة في الحجم"، تجاوزت ما وافقت عليه واشنطن. فبدلاً من استهداف مواقع "ترهيبية" محدودة، وجهت الضربات إلى أماكن مدنية وعلماء وشخصيات عسكرية، ما دفع الرئيس الأمريكي لإعلان عدم مشاركة بلاده في أي عمليات ضد إيران منذ الساعات الأولى.
أوضح عبد المجيد أن الهدف الخفي لإسرائيل كان جرّ واشنطن لتكون "رأس حربة" الحرب، بينما تظهر هي كمنتصرٍ من دون تكاليف باهظة. لكن رفض أمريكا المشاركة المباشرة – والاكتفاء بالدعم الاستخباراتي واللوجستي – قلب المعادلة، فتراجعت إسرائيل عن خطاب النصر المتعجرف الذي رفعته في اليوم الأول، وباتت تعترف خلف الكواليس بأنها عاجزة عن مواصلة الحرب دون دعم أمريكي عسكري. مؤكدًا أن واشنطن قدمت "درساً قاسياً" لنتنياهو الذي حاول خداع حليفه، فيما تبدو حكومته في "أنفاسها الأخيرة" بعد أن أوقعت نفسها في حربٍ لا تستطيع إنهاءها بمفردها، بينما تتنصّل أمريكا من تبعات التصعيد الذي لم تعد تتحكم بنتائجه.
وحذر عبد المجيد من تصاعد المعاناة الإنسانية ، لافتا إلي مكوث الشعب الإسرائيلي في الملاجئ منذ بدء التصعيد، فيما تواجه حكومته صعوبة في إقناع المواطنين بالبقاء فيها مع وصول الصواريخ الإيرانية إلى "أعماق إسرائيل" مراراً. كما حمل الخبير إسرائيل مسؤولية "تضليل" الولايات المتحدة، موضحاً أنها "خدعت" واشنطن بالحصول على "الضوء الأخضر" للضرب تحت ذريعة خدمة الملف التفاوضي الأمريكي، بينما كانت الخطة المقدمة للكونجرس تهدف لاستخدام الضربة كورقة ضغط. لكن النتيجة كانت "إيقاف المفاوضات" و"توريط أمريكا" في أزمة لا تستطيع "استمرارها ولا إنهاءها ولا كبح إسرائيل"، ما أغلق باب التهدئة ودفع إيران لتسريع برنامجها النووي.
سيناريوهات مرعبة
حذر عبد المجيد من تداعيات لا تحمد عقباها إذا انضم حلفاء إيران للصراع، مما قد "يشعل فتيل أزمة عالمية" بين الشرق (الداعم لإيران) والغرب (الحامي لمصالحه وحلف الناتو). وأكد أن استمرار "الحرب الدموية" بصورتها الحالية الذي يزهق أرواح المدنيين ، لا يمكن أن يطول" دون تدخل "الأصوات العاقلة" ومجلس الأمن لإقناع إيران وإسرائيل بخطورته. وتوقع في الختام سيناريوهات مرعبة، منها استهداف إيران لـ"هدف حيوي كبير"، أو توجيه إسرائيل ضربات لحلفائها (كحزب الله) أو الأشد خطورة: "قصف أحد المفاعلات النووية الإيرانية"، وهو ما قد يكون "نهاية الصراع" أو يدفع نحو تهدئة إذا أدرك الطرفان حاجة الجميع، خاصة الدول العربية والأوروبية، لحالة أمن مستقر.
ومن جانبه ، دق الخبير اللبناني في الشؤون الدولية، خالد زين الدين، ناقوس الخطر من أن المنطقة تقف على شفير "تبدل كبير" وصراع قادم لا محالة. وأكد زين الدين أن التفوق الإسرائيلي المطلق مدعوم دولياً عبر دعم تكنولوجي وسياسي وعسكري ومالي متكامل، مشيراً إلى أن القواعد الأمريكية المنتشرة في الشرق الأوسط والقواعد الأوروبية في لارنكا واليونان تعمل كأذرع استراتيجية تخدم المصالح الإسرائيلية.
السيطرة العالمية
ولفت الخبير إلى ما وصفه بـ"الانتشار اليهودي العالمي" الذي مكن من "السيطرة على مفاصل الاقتصاد والمال العالمي"، موضحاً أن هذه الشبكات توظيف لتجنيد الدعم لقضايا إسرائيل والضغط الدبلوماسي، مدعومةً بتمويل غير محدود. وفي المقابل، حلل وضع إيران قائلاً: إنها تمتلك مقومات القوة من معادن وخبرات بشرية وموقع جيوسياسي حاسم، لكن التفوق التكنولوجي الحاسم يبقى خارج حدودها، فيما تواصل المصلحة الدولية سعيها لعزل طهران وحصارها لإخضاعها.
وأكد زين الدين أن إيران تدرك كلفة الحرب الشاملة ولن تخوضها، مشيراً إلى أن دعم روسيا والصين سيقتصر على الدعوة للحوار دون تدخل عسكري، بل إن المصلحة الصينية – بحسب تحليله – تكمن في إبقاء إيران معزولة لاستمرار استفادة بكين من واردات الطاقة الإيرانية الرخيصة. وأبرز أن واشنطن هي صاحبة القرار الفعلي في تسريع الحرب أو كبحها، مستشهداً بتعطيل الولايات المتحدة لمحاولة الصين الاعتراف بفلسطين دولة في الأمم المتحدة كـ"دليل دامغ على سيطرتها".
التطبيع الإنساني
وكشف الخبير أن الضربة على إيران الحالية قد تقررت عام 2024 لكنها أُجلت لأسباب تقنية وأمنية. وحلل تحول التطبيع السياسي الفاشل مع إسرائيل إلى "تطبيع إنساني وشراكة اقتصادية" عبر تحالفات شركات متعددة الجنسيات لمشاريع مثل البحر الأحمر والبحر الميت، معتبراً أن هذا التقارب هو "البداية الخفية لنزع سلاح المنطقة"، وأن قوة إسرائيل تكمن في امتدادها الاستراتيجي، حيث "الأضرار المادية ليست أهم من الإستراتيجية".
وأشار زين الدين إلى أن موازين القوى الحقيقية تحدد في مجلس الأمن وخارج الجغرافيا الشرق أوسطية، وقال : "الصراع أكبر من الحدود.. والمنطقة تتدحرج نحو مجهول".
