رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

الصدقة اسم جامع لصناعة الجمال مبتغاه رسم البسمة على الشفاه والسعادة والسرور فى القلوب من خلال عطاء مادى أو معنوى مبتغاه المثوبة من الله، وتعريفى هذا يخرج بمعنى الصدقة الضيق وهو التطوع بالمال إلى معنى الصداقة الواسع والذى يبدئ من البسمة والكلمة الطيبة وجبر الخواطر وإغاثة الملهوف، وتسبيح الجوارح وخشوع القلوب، وإكرام الزوج والولد، وإماطة الأذى ونشر الجمال ونفث الإحسان بل وقضاء الوتر نهيك عن الغرس والزرع والبناء والعمران، وكل هذه المعانى حث عليها الحبيب صلى الله عليه وسلم وإليكم هذه الأحاديث الجامعة فى هذا الباب: فعن أبى هريرة – رضى الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ تَطْلُعُ فيه الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، ويُعِينُ الرَّجُلَ علَى دابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عليها، أوْ يَرْفَعُ عليها مَتاعَهُ صَدَقَةٌ، والكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، ويُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ.» «متفق عليه»، وعن جابر بن عبدالله – رضى الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلُّ معروفٍ صَدَقَةٌ، وإنَّ منَ المعروفِ أن تلقى أخاكَ بوجهٍ طلقٍ وأن تُفْرِغَ من ذنوبِكَ فى إناءِ أخيكَ» «صحيح البخارى». وعن أبى موسى الأشعرى – رضى الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ، فقالوا: يا نَبِيَّ اللَّهِ، فمَن لَمْ يَجِدْ؟ قالَ: يَعْمَلُ بيَدِهِ، فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ ويَتَصَدَّقُ قالوا: فإنْ لَمْ يَجِدْ؟ قالَ: يُعِينُ ذا الحاجَةِ المَلْهُوفَ قالوا: فإنْ لَمْ يَجِدْ؟ قالَ: فَلْيَعْمَلْ بالمَعروفِ، ولْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ، فإنَّها له صَدَقَةٌ.» «متفق عليه». عن أبى مسعود عقبة بن عمرو – رضى الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « نَفَقَةُ الرَّجُلِ علَى أهْلِهِ صَدَقَةٌ.» «متفق عليه». عن أنس بن مالك – رضى الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِن مُسْلِمٍ غَرَسَ غَرْسًا، فأكَلَ منه إنْسانٌ أوْ دابَّةٌ، إلَّا كانَ له به صَدَقَةٌ.» «متفق عليه». والمتأمل فى فقه الصدقة يدرك أنها صناعة نفيسة مبتغاها المتاجرة مع الله وإسعاد الخلق، وهى تدور فى فلك مقاصد الشريعة فهى باب عظيم من أبواب حفظ المال من باب الوجوب، فالصدقات طهرة للمال وباب للزيادة والنماء، كما أنها حافظة لمقصد النفس لكونها باب للقوت ومفتاح للكساء والستر وباب للشفاء والدواء وكل هذا فى تعظيم للنفس البشرية المعظمة فى الشرع الحنيف، كما أنها من دلالات صدق الإيمان وصدق الاعتقاد لأن من ينفقون هم من يؤمنون بالغيب والغيب إيمان وتصديق، كما أنها تنعكس على نشر الوئام والمحبة بين المسلمين لعظيم أثارها فى النفوس، وهى باب الخير الأعظم فى الدنيا والأخرة يقول تعالى: {إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير}«البقرة:271». وهى باب الزيادة والنماء يقول تعالى: {يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِى الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيم}«البقرة:276» ومقصدها التخفيف عن الفقراء وذوى الحاجات يقول تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيم}«التوبة:60»، والصدقة تطلق ويراد بها الفريضة المعروفة بالزكاة، لكن الصدقة يرتجى منها الزائد على الفريضة والذى يبدأ بإخراج الناس من حالة (الكفاف) وهى حالة الفقر والعوز والمرض والجوع، ثم مرحلة (الكفاية) بالصدقات الجارية والتى تفتح الباب للاستغناء من خلال توجيه الصدقات لعمل مشروعات صغيرة للأسر الفقيرة والأولى بالرعاية والمرأة المعيلة، ثم الوصول بصناعة الخير من خلال الصدقات إلى مرحلة (الكفاءة) من خلال مشروعات تنمية العقول والاستثمار فى البشر وبناء الإنسان متسلحا بالعلم ومنجزاته المعرفية، وهذا بلا شك يدور فى فلك رسالة الإسلام ومقاصده السامية. 
وفى نهاية مقالى هذا أوكد على أن الصدقة بابٌ واسع للرضا الله عزوجل، وثوابها عظيم وفضلها عميم وكرمها لا ينقطع، وأن المتصدق أحوج ما يكون لثوابها إن أراد الفوز برحمته الله وفضله، قال يحيى بن معاذ: «ما أعرف حبة تزن جبال الدنيا إلا من الصدقة!».
قال الشعبى: «من لم ير نفسه إلى ثواب الصدقة أحوج من الفقير إلى صدقته، فقد أبطل صدقته، وضرب بها وجهه!»، وكان سفيان الثورى ينشرح إذا رأى سائلاً على بابه، ويقول: «مرحباً بمن جاء يغسل ذنوبى!»، كما أن الصدقة ماحية للذنوب وفاتحة لعفو علام الغيوب، قال ابن مسعود رضى الله عنه: «إن رجلاً عَبَدَ الله سبعين سنة، ثم أصاب فاحشة، فأحبط عمله، ثم مر بمسكين فتصدق عليه برغيف، فغفر الله له ذنبه، ورد عليه عمل السبعين سنة!».


من علماء الأزهر وأئمة وزارة الأوقاف