رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

فى الحومة

ما عليك إلا أن تصمت عندما يتحدث معك سائق التاكسى، فبمجرد أن تتحرك السيارة يتناول الميكروفون فإن كان لا يوجد فى السيارة عداد للأجرة أو موجود ولكن لا يعمل أو لا يرغب فى تشغيله فإنه يخبرك بمعاناته اليومية من ذهابه بالأمس إلى إدارة المرور ودفعه مبلغ ٩ الاف جنية للرخصة وأنه قام بتغيير زيت للسيارة بمبلغ ١٨٠٠ جنيه وأنها بحاجة إلى تغيير كاوتش ولكن ليس باستطاعته دفع ثمنه البالغ ستة الاف جنية وأن مخالفات المرور الكبيرة تمنعه من إعطاءها لغيره ويستمر فى حديث ممل عن التكاليف الباهظة التى يتكبدها من أجل تشغيل السيارة وأنت تعلم أن مبتغاه من هذه القصص والروايات أن لا تجادله فيما يطلب من أجرة ولكن فى حالة وجود عداد أو الاتفاق المسبق على الأجرة تستمع إلى حديث مختلف بعيدا عن حكاياته مع سيارته فيبدا بالحديث عن الطقس ثم ينتقل إلى صفقة انتقال زيزو إلى الأهلى باعتبارها حديث الساعة ولا يلتفت كثيرا إلى حكايات حسام وشيرين أو غناء رحمة محسن وعمرو أديب وقد يؤكد لك أن فوز الأهلى بالدورى مستحق وأن الأهلى دولة وأنه هدية السماء لجماهيره الغفيرة وأنه صانع البهجة ولا ينسى أن يخبرك أن مصر محروسة كما يخبرك أن سائقى الميكروباص صبية طائشون لا يتحملون مسئولية وفيهم رعونة وفاقدى الذوق العام ويدلل على ذلك بأنهم يستمعون إلى ما يسمى بأغانى المهرجانات تلك الموسيقى الصاخبة مع الكلمات المبتذلة وأنهم لم يستمعوا إلى أغانى الطرب الأصيل كأم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم وورده ومحمد منير، ثم يتنهد ويقول هذا الجيل ربنا بسترها عليه، ولن يتركك تمضى دون أن يخبرك بأن ربنا بيسير الأمور لو قعدت تحسب دخلك ومصروفاتك هتجنن، دخلك مستحيل يكفى مصروفات نصف الشهر وأنه يستمع يوميا لقصص وحكايات يشيب لها الولدان وأن هناك تغييرا كبيرا طرأ على طبيعة العلاقات الأسرية بين الزوج والزوجة وبينهما وبين الأبناء وأن المحاكم وأقسام الشرطة زادت بها بشكل مخيف محاضر اعتداء الأبناء على والديهم ومحاضر الأزواج ضد بعضهما البعض بما تحمله من إيذاء بدنى ومعنوى لدى كل طبقات المجتمع.

وهذه ظاهرة مجتمعية تهدد تماسك الأسر فى المجتمع وتمثل خطورة بالغة على نسيج الأسرى والصحة النفسية للأجيال الجديدة، والحقيقة أن ما دعانى لكتابة هذا المقال هو ركوبى بالأمس مع سائق تاكسى وبادرته بالقول بأن الطقس اليوم رائع ثم تعجبت من سلوك غير منضبط لشاب يقود سيارته متهورا غير ملتزما بإشارة المرور، فرد السائق أن المشكلة الأساسية أنه ليس هناك تعليم وأن الشعب إذا فقد التعليم فمصيره كما ترى ينفع يكون معاش المعلم ٢٨٠٠ يصرف على أسرة وأبناء فى الجامعة، وهل يصح أن يعامل من يقوم بتعليم الأطباء والمهندسين وتأسيس المجتمع التعليمى بهذه الوضعية؟، هل يصح أن يكون بدل العدوة للأطباء ٢٩ جنيها ومطلوب أن يكون ملاك للرحمة؟، وقد أصاب هذا السائق كبد الحقيقة فالتعليم هو حجر الزاوية فى بناء الأمم والشعوب وليس هناك أمة أو أفراد تقدموا دون تعليم، فهو الحصن الحصين والأساس القويم لرفعة المجتمعات وتطورها وبه ترتقى البلاد ماديا وأخلاقيا وهو محركا أساسيا للتنمية الاقتصادية والعيش الرغيد، كما يؤدى إلى التطوير والابتكار ويعزز قيم التسامح والعدل والتعايش المشترك والنهضة الشاملة لا تكون إلا بتعليم جيد، والعديد من الدول ليس لديها موارد طبيعية وبالتعليم أصبحت من الدول المتقدمة كاليابان وسنغافورة، أما آن لنا أن نجعل من التعليم مشروع قومى لمصر وندرك ما انتبه له سائق التاكسى من أن التعليم طوق النجاة.