رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

يأتى الحج إلى بيت الله الحرام هذا العام والأمة الإسلامية مأزومة، فجسدها المسجى على الأرض ينزف دماً نتيجة اشتعال بؤر الصراع فى جنباته، فها هم المسلمون يقتل بعضهم بعضاً، ووضعهم الحضارى فى تقهقر وشعوبهم فى فرقة وتشرذم، وأعداؤها يستهدفون هويتها وشبابها ومستقبل أيامها، وشبه حرب عالمية تطحن تداعياتها دولها الفقيرة، مما يستوجب أن يتعاطى العقل المسلم المفكر مع شعيرة الحج ليس كركن له شعائر ومناسك وفقط، بل ينظر إليها كمدرسة قيمية مبثوث فى جنابتها فقه نجاة ومسالك إحياء ينفث فى الأمة الأمل ويرشدها إلى برامج عمل، ومشهد الوقوف بعرفات الله من المشاهد المهبية التى تنفث فينا الأمل ففى ميلين طولاً وعرضاً يتجمع ما يزيد على ثلاثة ملايين من المسلمين ثيابهم واحدة وندائهم واحد بل مشاعرهم واحدة لا مفاضلة لأحد بعنصرٍ أو جنسٍ أو لونٍ.. لتكون رسالتهم لنا أن ننشغل بوحدة الكلمة كما جمعتنا كلمة التوحيد، وسعى السيدة هاجر- عليها السلام- بين الصفا والمروة بدلاً من الشوط سبعاً لمثل رائع على عدم اليأس والأمل الفسيح والمصابرة والمثابرة واليقين، والطواف حول البيت هو طواف حول رب وبيت ومنهج، ولأن المناهج لابد من أن تكون واضحة الأركان كانت الكعبة مكعبة ولم تكن على شكل دائرة لأن الدائرة مائعة لا يدرى طرفها، ما يجعلنا نؤمن بالمنهج والمنهجية التى تقتضى المعرفة والتخصص والبعد عن ثقافة الفهلوة والعشوائية وثنائية صناعة الجهل وجهل الصناعة، كما أن الأمر بالصلاة خلف إبراهيم -عليه السلام- فيه تعظيم لمن يبنى ويعمر فإبراهيم- عليه السلام- قد رفع القواعد وثبت الأركان وأقام الشعائر لذلك جعل الله له مقاماً متخذاً، مما نتعلم منه صناعة القدوة وبناء النموذج وتكريم من يبنون ومن يعمرون بدلاً ممن يهدمون ويفسدون، كما أننا نحتاج للالتزام بوصايا الرسول- صلى الله عليه وسلم- التى دعانا إليها فى خطبة الوداع من تلك البقاع الطاهرة والتى تتمثل فى تعظيم حرمة الدماء وصيانة الأعراض وحفظ الأموال وإحقاق الحقوق وتكريم المرأة.. كما أن لحظة النفرة من عرفات للمزدلفة هى رسالة قوة وصيحة نصر ومشهد عزة وهذا ما تحتاج له الأمة لتنهض من كبوتها الحضارية لتقدم للبشرية نموذجها المعرفى وخيارها العقدى وشريعتها الغراء والتى شوهتها أفعال الحاقدين والمتعصبين والجهال، وهذا لن يكون إلا ببرامج عملية تجعلنا نقيم على هامش شعيرة الحج منتديات للتكامل الاقتصادى والتبادل والتجسير المعرفى والبحث العلمى والنوازل الفقهية والمستجدات الحديثة، وصناعة الرؤى واستشراف المستقبل، ونصنع حقائب معرفية ودينية تصنع الوعى وتنشر الوسطية توزع على الحجيج لبيان صحيح الدين وتحارب المتطرف من الأفكار، نحتاج لمسابقة عالمية على غرار (جائزة نوبل) نكرم فيها عقول الأمة الفارقة التى خدمت البشرية فى شتى العلوم ولنجعل حفل توزيع جوائزها على هامش الحج وتعلق صور الفائزين وإسهاماتهم وسيرهم فى أماكن بارزة فى محل إقامة الحجيج لنفث الأمل فى النفوس بأننا أمة تستطيع أن تنهض من جديد، نحتاج لمسابقة عالمية تحمل اسم رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم- لأفضل عامل إنسانى خدم البشرية، نحتاج لمبادرات تنطلق من جوف الكعبة والروضة الشريفة لصناعة السلام وحقن الدماء بين المسلمين، نحتاج اجتماعاً سنوياً لمنظمة «التعاون الإسلامى» فى رحاب هذه البقاع الطاهرة عسنا أن نحول دعوات الاتحاد والتعاون والتكامل من دائرة الشعارات البراقة إلى دائرة الأفعال والبرامج المتقنة، والبدء فى مشروعات التنمية الإنسانية والاجتماعية والتعليمية.. إلخ، عسانا نحول لحظة التوقف الحضارى التى نحياها كأمة إلى مرحلة الاستئناف الحضارى وصولاً للريادة الحضارية.

 

من علماء الأزهر وأئمة الأوقاف