للوطن وللتاريخ
كتبتُ كثيرًا في مسألة مادة التربية الدينية في المدارس، إلا أن جاء الوزير محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، أمس، أثناء لقائه مع الصحفيين المعنيين بشؤون التعليم، ليعلن أمامنا عن شرط النجاح في مادة التربية الدينية بنسبة لا تقل عن ٧٠% من الصف الأول الابتدائي بدءًا من العام الدراسي القادم.
وتحدث الوزير معنا أثناء اللقاء في الكثير من القضايا الخاصة بالثانوية العامة، ومقترح "البكالوريا"، وطبيعة المواد الحالية، وكذلك الكثافة في الفصول، واختيار القيادات التعليمية، إلى جانب الكثير من القضايا التي تشغل كل ولي أمر داخل الأسرة المصرية.
ولأنني أحد المهتمين بقضية مادة التربية الدينية في المدارس، أُقَدِّرُ تصريحات الوزير كخطوةٍ أولى نحو الاهتمام بمادة التربية الدينية في المدارس، إلا أنني اقترحتُ تطبيق المزيد من الاهتمام بالمادة، خاصةً في ظل التقدم التكنولوجي الهائل وتأثيره على الأجيال الجديدة، وتأثرهم بما يُحَاكُ لهم في هذا الشأن.
وأرى أن حالة الأخلاق الحالية، ولأسباب أخرى كثيرة يصعب سردها وشرحها، يتطلب الأمر أن تكون مادة التربية الدينية مُضافةً للمجموع بدءًا من الصف الأول الابتدائي وحتى الصف الثاني الثانوي، لكل الطلاب مسلمين أو مسيحيين، ليهتم بها الطالب وولي الأمر في المدرسة أو الدروس الخصوصية التي تسيطر على باقي المواد الأخرى في ربوع مصر.
وفي الصف الثالث الثانوي، باعتباره عام الحسم لمستقبل الطلاب، اقترحتُ على الوزير أن تكون مادة التربية الدينية في الصف الثالث الثانوي بمثابة "مادة مستوى رفيع" من عشر درجات، بحيث يتم احتساب كل درجة فوق الخمس درجات للطالب، وهنا تكون أقصى درجة يمكن للطالب المسلم أو المسيحي الحصول عليها هي نسبة قرابة ١% من مجموعه، وهي نسبة لا تؤثر كثيرًا في المجموع، وتُقْفِلُ باب الجدل بشأن سهولة أو صعوبة الامتحان، أو التفرقة بين الطلاب على أساسٍ دينيٍّ.
وفي هذا المقترح السابق، سنجد الحرص الكامل من الطلاب على الاهتمام بمادة التربية الدينية، حتى لو لأيامٍ قليلةٍ قبل الامتحان، لأن نسبة 1% تشغل اهتمام أي طالب بسبب طبيعة التنسيق للالتحاق بالجامعات، خاصةً في ظل التنوع الحالي من جامعاتٍ حكوميةٍ وأهليةٍ وخاصةٍ وأجنبيةٍ وغيرها من الجامعات، ومن ثَمَّ تنوع واختلاف التنسيق المرتبط بكل درجةٍ.
والمقترح الذي أتحدث فيه منذ فترةٍ حتى الآن، نابعٌ من كوني أحد الصحفيين المعنيين بشؤون التعليم، وبالتالي لا أقبل ما أسمعه في الامتحانات بين الطلاب عن غش التربية الدينية في اللجان بطريقةٍ فَجَّةٍ، نتيجة عدم الاهتمام بها بالشكل المطلوب.
وهل يُعْقَلُ أن يطالب بعض المفكرين أو المثقفين بتدريس مادةٍ تحت اسم "الثقافة الجنسية" في المدارس، في الوقت الذي لا تزال فيه مادة التربية الدينية على النحو الذي نراه الآن، أو الخطوة الحالية التي تبناها الوزير محمد عبد اللطيف بدءًا من العام الدراسي القادم؟!
خلاصة القول أننا نقدر جهود وسعي الوزير محمد عبد اللطيف ولقاءاته مع قيادات الأزهر الشريف والكنيسة في هذا الصدد، ونُقَدِّرُ أيضًا كل ما يفعله في مختلف الملفات برغم الإمكانات المتاحة، والإرث الثقيل الذي يحمله نتيجة عقودٍ مضت في ملف التعليم، ونطالب بالمزيد من الاهتمام بمادة التربية الدينية على نحوٍ أكثر فاعليةً، مع المسؤولية الكاملة للأسرة في هذا الأمر. حفظ الله مصر وشعبها وجيشها من كل سوء، وللحديث بقية إن شاء الله.