رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

فرانشيسكو أتشيربي.. من حافة الانهيار إلى قمة المجد الأوروبي

 فرانشيسكو أتشيربي
فرانشيسكو أتشيربي

في ليلة مشحونة بالعاطفة والإثارة في ملعب “أليانز أرينا”، لم يكن هدف التعادل الذي سجله المدافع الإيطالي فرانشيسكو أتشيربي في الدقيقة 93 من إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا ضد برشلونة مجرد لحظة كروية عابرة، بل كان تتويجًا لمسيرة إنسانية ملهمة تنتمي لعالم القصص الخيالية أكثر منها للواقع.

بداية متعثرة وعلاقة مأزومة مع الأب

وُلد أتشيربي في قرية فيزولو بريتابيسي، على بُعد 15 ميلًا من ملعب سان سيرو، وبدأ مسيرته الكروية مع نادي بافيا في الدرجة الثالثة عام 2006. تنقل بين عدد من الأندية الإيطالية كريجينا، وجنوى، وكييفو، حتى لفت أنظار ميلان في 2012، الفريق الذي شجّعه منذ الطفولة.

لكن انضمامه إلى “الروسونيري” لم يكن كما حلم. فعلاقته المعقدة مع والده – الذي كان أول من آمن بموهبته، وأول من انتقده بلا هوادة – أثّرت بشكل مباشر على توازنه النفسي. بعد وفاة والده، دخل أتشيربي في حالة اكتئاب حادة، وفقد رغبته في اللعب، وبدأ يتجه تدريجياً إلى الإدمان على الكحول.

قال لاحقًا: “كنت أصل إلى التدريبات مخمورًا، وأحيانًا لم أكن قد تعافيت بعد من الليلة السابقة. لم أكن أملك العقلية المناسبة للاعب محترف.”

الهبوط إلى القاع والمعركة مع السرطان

بعد نصف موسم فقط مع ميلان، أُعير إلى كييفو ثم انتقل إلى ساسولو. وخلال تلك الفترة، تعرض لأزمة صحية جديدة: اكتُشف إصابته بسرطان الخصية، ليتحول مساره إلى رحلة علاج بدني ونفسي شاقة. وبالرغم من تعافيه، عاد المرض من جديد، ليخوض معركته للمرة الثانية.

ورغم المحن، أصرّ أتشيربي على العودة، مسلحًا بإرادة صلبة ودعم نفسي من الأخصائيين، أبرزهم المعالج النفسي باولو فرانكيني، الذي ساعده على التصالح مع ذكريات والده وآلامه الدفينة.

العودة الكبرى مع لاتسيو ثم إنتر

عاد أتشيربي بقوة إلى الملاعب عبر بوابة ساسولو، ثم لمع اسمه في صفوف لاتسيو حيث استعاد بريقه الكروي، قبل أن ينضم إلى إنتر ميلان ويصبح أحد أعمدته الدفاعية الأساسية رغم تقدمه في العمر.

وفي نصف نهائي دوري الأبطال 2025، كتب فصلاً جديدًا في قصته الملحمية، حين سجّل هدفًا قاتلًا أرسل إنتر إلى النهائي. الهدف لم يكن فقط الأول له في 65 مباراة أوروبية، بل جاء بلمسة مهاجم، بقدمه الأضعف، ومن لمسته الوحيدة داخل منطقة الجزاء.

قال زميله ستيفان دي فري: “أتشيربي مدافع، لكنه سجّل كأنه مهاجم. ما فعله كان أشبه بالأساطير.”

الرسالة الأهم: لا تستسلم أبدًا

اليوم، أتشيربي يبلغ من العمر 37 عامًا، ويتوّج نفسه بطلًا لدوري أبطال أوروبا، بعد معركة استمرت قرابة عقدين ضد الشك، والمرض، والضياع. أصبح رمزًا للأمل ومثالًا حيًا على أن النجاح ليس حكرًا على الموهبة، بل ثمرة الإصرار والقدرة على النهوض بعد كل سقوط.

عندما يرفع يديه إلى السماء في بداية كل مباراة، لا يحتفل فقط بالحياة، بل يوجّه تحية إلى والده، وإلى ذلك الشاب الذي قاوم حتى لم يعد يعرف الهزيمة.