رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

جشع التجار ينهار.. "رسالة شباب" و"150 جنيها" يقلبون موازين السوق قبل العيد

بوابة الوفد الإلكترونية

في قلب زحام الحياة وجشع الأيام، حيث ارتفعت همهمات الشكوى من الأسعار، ولدت مبادرة "رسالة شباب" وطلقت شرارة أمل غير متوقعة. 

لم تكن مجرد حملة عابرة، بل ثورة صغيرة هدفها واضح: محاربة جشع التجار وتمكين المواطن البسيط من تلبية احتياجاته الأساسية بأسعار مخفضة وجودة جيدة ، خاصة في هذا التوقيت الحساس قبل العيد.

في عزبة الصعايدة بمنطقة إمبابة بالجيزة، أطلقت  مجموعة من الشباب والاطفال مبادرة "رسالة شباب"  بفردين يحملان حلمًا بسيطًا، ليتحول الحلم في أيام قلائل إلى كتيبة تضم 15 شابًا بينهم ثلاثة أطفال كانوا ينهون امتحاناتهم المدرسية ليلتحقوا بركب الخير ، فاختاروا أن يكونوا يدا تعين قبل أن تكون قلما يكتب في مشهد يبعث الدفء أطفال وشباب يحملون حقائب الخضار والفاكهة واللحوم بكل حب، يساعدون كبار السن والعائلات في توصيل مشترياتهم إلى منازلهم مجانًا، دموع الامتنان في عيون المسنين كانت أعظم شهادة على نجاح الرسالة.

حلم تحول إلى واقع

يقف خلف هذه النقلة المؤثرة شبان عم محمد سامح و عمرو يسن يونس"، مؤسسا المبادرة،  و يروي يونس البداية :"أعمل مصور فيديو للمطاعم والمحلات. خطرت لي الفكرة أثناء عملي، فقلت بدلًا من تصوير المطاعم الفاخرة مقابل أجر مرتفع، لماذا لا أُوجه كاميرتي نحو المحلات البسيطة دون أن نأخذ منهم أي أموال مقابل تخفيض أسعارهم و أن يقدموا عروضًا مميزة للزبائن،  الكل ربح: نحن بنينا ثواب، وهم كسبوا زبائن وسمعة طيبة."

لكن حماسة الفكرة اصطدمت بالخجل، كما يوضح عمرو:
"خشيت أن أبدأ وحدي، فاستندت إلى أصدقائي. قلت لهم الفكرة، فكان ردهم الحاسم: "نحن معك". تولى كل واحد إقناع عدد من المحلات. حتى الذين ترددوا في البداية، اقتنعوا بعد أن رأوا جودة الفيديوهات التي ننتجها وأثرها الإيجابي على زملائهم التجار."

فضح السوق وجشع التجار

لم تكتف "رسالة شباب" بالمساعدة اللوجستية، بل أحدثت زلزالًا في المفاهيم. كشفت الحملة، خلال فترة عملها، حقيقة مذهلة وهي أن السلع الغذائية الأساسية من الخضار الطازج والفاكهة الزاهية إلى اللحوم الحمراء والفراخ البيضاء متوفرة بأسعار جيدة ومنطقية، عكس الأسعار المعلنة في المحلات التجارية، ويقول صاحب المبادرة أنه بمبلغ 150 جنيها فقط ، يمكن للأسرة أن تشتري واجبة كاملة تتكون من فراخ وخضروات وفاكهة لتلبية احتياجاتها. أثبتت هذه الحملة أن جشع التجار كان هو العائق، وليس نقص السلع أو ارتفاع تكلفتها الحقيقية.

من بذرة إلى شجرة

انطلقت أولى خطوات "رسالة شباب"  بعدد محدود من المحلات في عزبة الصعايدة بامبابة، ولكن ومع الوقت  تحولت إلى حملة واسعة انضم لها تجار من خارج المكان، لتصبح حملة مؤثرة تسعى لتحقيق حلم أكبر: وقال "نسعى لجعل هذه العروض اسبوعيا، حتى يعتاد التجار على فكرة البيع بالجملة أو بسعر مناسب بهامش ربح رفيع، فيستفيد الجميع، خاصة من يعجزون عن شراء اللحوم أو الخضار بانتظام." ويطمح عمرو وفريقه: “نتمنى أن تمتد الحملة لتشمل كل محافظات مصر، رسالة شباب للجمهورية كلها!”، لافتًا انهم لا ينتمون الي اي مؤسسات مدنية أو سياسية ،هم مجرد شباب مصري فكر وأراد أن يسعد أهل منطقته وأن يجعل جميع البيوت مليئة بالخيرات.

وانتشرت عدوي الخير وتوسعت فلم تشمل فقط المنتجات الغذائية ،  بل انضمت محلات ملابس لهذه المبادرة وأعلن البعض بتبرعه بكمية ملابس جديدة لغير المقتدريين لادخال فرحة العديد ، ومدرسات تأسيس أعلنوا أن حصة الدرس ستكون بـ 15 جنيها وفي حالة عدم قدرة الأسرة على دفعها فسوف تكون مجانا، ودخلت محلات الذهب في هذه المبادرة وأعلنوا عن خصومات كبيرة فى المصنوعية لتصل إلى 50 جنية. 

 

كما دخلت محلات الحلاقة والتجميل لهذه المبادرة بأسعار رمزية ليصبح الهدف هو التنافس على عمل الخير.

التجارة الشريفة مربحة للجميع

أهم اكتشاف أذهل فريق المبادرة هو بساطة الحل: “اكتشفنا أن أسعار السوق في الأيام العادية ليست مرتفعة جدًا كما يعتقد البعض! التاجر إذا باع بسعر عادل يرضي الله، سيكسب ربحًا مشروعًا ويكسب أيضًا ود واحترام الناس”.


لقد أثبتت "رسالة شباب" أن الجشع خيار وليس قدرًا، وأن الأخلاق والربح يمكن أن يجتمعا.

يختتم عمرو حديثه بكلمات تعبر عن جوهر المبادرة:
"أعمق فرحة غمرتنا هي أننا رأينا الفرحة في عيون الناس والدعوات تنهال علينا بالخير والبركة من المواطنين، واصبحنا في أعين أهلنا مصدر فخر واعتزاز"

هذه الدموع التي ذرفها الكبار عند باب منازلهم، وهذه الابتسامات التي ارتسمت على وجوه الأطفال وهم يساعدون، وهذه الصورة التي تغيرت عن السوق والتجار.. هي ثروة "رسالة شباب" الحقيقية. هم لا يحملون الأكياس فقط.. يحملون الأمل، حيث يلتقي الكرم بالضمير، فينتصر الإنسان

فهل تكون "رسالة شباب" بداية لربيع مصري جديد، ُسقى أزهاره بيدي الشباب وقلوبهم الطاهرة؟ الزمن وحده سيجيب، لكنهم اليوم.. قدموا الجواب بأفعالهم!

هولاء الشباب مع الاطفال يبنون جسور الثقة، ويرسمون نموذجًا ناجحًا حيث تلتقي مصلحة التاجر بحق المواطن في عيش كريم، خاصة في أيام العيد التي يجب أن تكون فرحًا للجميع.